حكم مثير.. 6 أشهر موقوفة التنفيذ لطبيبين متهمين بـ"زعامة شبكة للإجهاض السري" بمراكش

11 أغسطس 2020 - 20:00

بعد محاكمة استغرقت أقل من شهر ونصف الشهر، أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش، في وقت متأخر من ليلة الجمعة ـ السبت، الأحكام الابتدائية في الملف المعروف إعلاميا بـ « الشبكة الجديدة للإجهاض السري »، فقد قضت بعقوبة حبسية نافذة ضد متهم واحد، كان متابعا في حالة اعتقال، إذ حكمت عليه بـ 6 أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها 500 درهم، بعدما أدانته بجنح تتعلق بـ »هتك عرض قاصر بدون عنف، والتغرير بها، الخيانة الزوجية، وخرق حالة الطوارئ الصحية »، ولم تؤاخذه من أجل تهم « المشاركة في محاولة الإجهاض والمساعدة والتحريض عليه »، في حين أصدرت عقوبات حبسية موقوفة التنفيذ في حق 13 متهما آخرين، بينهم الطبيبان « م.ن » (77 سنة) و »م.كَ » (67 سنة)، اللذان أنتجت الأبحاث الأمنية بأنهما كانا يتزعمان الشبكة المذكورة، واكتفت الغرفة بالحكم عليهما بستة أشهر موقوفة التنفيذ، وغرامة مالية نافذة قدرها 500 درهم لكل منهما، بعدما أدانتهما بجنحة « الإجهاض والاعتياد عليه »، وقضت بعدم مؤاخذة الثاني من أجل جنحة « بيع أدوية محظورة معدة للإجهاض بدون ترخيص ».

كما قضت المحكمة بالبراءة في حق مسير مقهى بمقاطعة « سيدي يوسف بنعلي »، تابعته النيابة العامة بتهمتي « المشاركة في محاولة الإجهاض، والتحريض والمساعدة عليه »، على خلفية اتهامه بإرشاد صديقه لإجراء عملية إجهاض لخليلته القاصر بمصحة خاصة نقلهما إليها بسيارته، وهي المصحة نفسها التي صرّح لهما بأنه سبق وأن أجرى فيها عملية مماثلة لصديقته.

وحكمت ضد 5 ممرضات ومستخدمتين طبيتين بشهرين اثنين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافذة قدرها (500) لكل واحدة منهن، بعدما برأتهن من تهمة « أجل التحريض على الإجهاض والمساعدة عليه »، وأدانتهن من أجل الباقي.

وقضت بالعقوبة والغرامة نفسيهما في حق 7 فتيات، بينهن طالبة من الغابون، سبق لهن أن خضعن لعمليات إجهاض من طرف الطبيبين المتهمين، وقد تابعتهن النيابة العامة بجنح « الإجهاض، الفساد، محاولة الإجهاض، والمشاركة فيها »، كل حسب المنسوب إليها.

وحكمت الغرفة على ممرضة عسكرية متزوجة، متابعة بتهمة « الإجهاض »، بإعفائها من العقوبة لتوفر  عذر معف من العقاب طبقا للفصل 453 من القانون الجنائي.

وقضت بإرجاع مبالغ الكفالات للمتهمين الحاضرين وإرجاع الهاتفين المحمولين لمالكيهما ومصادرة باقي المحجوزات.

هذا عن الدعوى العمومية، أما في الدعوى المدنية التابعة، فقد قضت بأداء المتهم المدان بالحبس النافذ لفائدة المطالب بالحق المدني، ممثلا في والد الطفلة القاصر المتهم بالتغرير بها وهتك عرضها، تعويضا مدنيا قدره 5000 درهم مع الصائر والإجبار في الأدنى.

الجلسة الرابعة والأخيرة استغرقت زهاء خمس ساعات متواصلة، إذ انطلقت، على الساعة العاشرة من صباح الجمعة الماضي، وانتهت، في حدود الثالثة من زوال اليوم نفسه، بحجز الملف للتأمل في آخر الجلسة، لتعود الغرفة وتنطق بالأحكام، حوالي الساعة الـ 11 من ليلة الجمعة ـ السبت.

وسبق للغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش أن رفضت السراح المؤقت، مرتين متتاليتين، لأربعة متهمين كانوا متابعين في حالة سراح، قبل أن تعود خلال الجلسة الثالثة، الملتئمة بتاريخ الجمعة 17 يوليوز المنصرم، وتقضي بالموافقة على منح السراح لمتهمين اثنين، ويتعلق الأمر بكل من المتهم « م.كَ » (67 سنة)، وهو طبيب مختص في أمراض النساء والتوليد، والذي أحالته النيابة العامة على المحاكمة، بتاريخ الجمعة 26 يونيو المنصرم، متابعة إيّاه، في حالة اعتقال، بجنحتي « الإجهاض والاعتياد عليه، وبيع أدوية محظورة معدة للإجهاض بدون ترخيص »، بعدما أوقف، يومين قبل ذلك، بعيادته بشارع « محمد الخامس » بحي « كَليز »، التي حجزت فيها الشرطة 56 قرصا طبيا، من نوع CYTOTEC « سيتوتيك »، المضاد للالتهاب، والمحظور في المغرب بسبب استعماله في الإجهاض، أما المتهم الثاني، فهو مسير مقهى بمقاطعة « سيدي يوسف بنعلي ».

وقد تغيب رئيس الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية، القاضي شوقي بلّاج،عن الجلسة التي تمت الموافقة فيها على ملتمسي السراح المؤقت للمتهمين المذكورين، إذ كان يمضي عطلته السنوية الرسمية، وعوّضه، خلال الجلسة المذكورة، القاضي سعيد الشطبي، قبل أن يعود القاضي بلاّج ويترأس الغرفة التي أصدرت الأحكام الابتدائية.

وكان التقرير الأمني الإجمالي عن نتائج البحث القضائي التمهيدي، الذي أجرته فرقة الأخلاق العامة، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، بعد تفكيكها للشبكة المختصة في الإجهاض السري أكد بأن « الأبحاث والتحريات المستفيضة التي جرى القيام بها في هذه القضية مكنت من الوقوف على شبكة إجرامية متخصصة في الإجهاض، والمساعدة عليه والمشاركة والمحاولة في ذلك، تعريض حياة الأشخاص للخطر عن طريق إعطاء أدوية محظورة وخطيرة، التغرير بقاصر وهتك عرضها دون عنف الناتج عنه حمل ومساعدتها على محاولة الإجهاض، خرق حالة الطوارئ الصحية، الإقامة غير الشرعية، والفساد ».

وتابع التقرير الأمني بأن هذه الشبكة يتزعمها الطبيبان « م.ن » و »م.كَ »، اللذان خلصت الأبحاث الأمنية إلى أنهما متورطين في « تشويه مهنة الطب النبيلة والإضرار بسمعتها لدرجة أصبحت لهما شهرة واسعة كمختصين في عمليات الإجهاض غير القانونية ولا شيء غيرها، ناهيك عن استغلالهما وضعية الفتيات والنساء، بمن فيهن القاصرات، الراغبات في التخلص من حملهن غير المشروع أو غير المرغوب فيه، لأسباب تفرضها عليهن وضعيتهن الاجتماعية أو الاقتصادية أو الصحية والإكراهات القانونية التي لا تتيح الإجهاض إلا في حالة الضرورة القصوى المتصلة بالحفاظ على حياة أو صحة الأم، وتحصّلهما على أرباح مادية ومراكمة ثروات مالية من وراء نشاطهما المحظور، وتغليبهما الهاجس المالي على الجانب الطبي، غير مبالين بصحة النساء الحوامل، خاصة وأن تلك العمليات قد تتسبب في حدوث وفيات، وقد تتعرض خلالها الفتيات لمضاعفات صحية خطيرة، ضاربين بعرض الحائط سمعة البلاد،وغير مكترثين بالعقوبات ضد مقترفي هذه الأفعال… ».

أكثر من ذلك، ففي سياق عرضها للقرائن والأدلة في مواجهة الطبيبين المتهمين، أكدت الضابطة القضائية بأن أحدهما كان يتّبع « أسلوبا إجراميا »، يتمثل في محاولة إضفاء الشرعية القانونية والطبية على عمليات الإجهاض غير المشروعة التي كان يجريها، وذلك من خلال تزويد الزبونات الوافدات على عيادته بأدوية، من نوع CYTOTEC « سيتوتيك »، المحظورة وطنيا لخطورتها، قصد إحداث نزيف في أرحامهن، قبل أن يحدد لهن مواعيد بمصحات خاصة بالمدينة لإجراء عمليات إجهاض لهن بذريعة وقف النزيف، وقد تبيّن ذلك للمحققين من خلال معاينة الملفات الطبية المحجوزة داخل عيادته، والمحررة بخط يده، دون أن يضمّنها أية إشارة إلى وجود حمل متوقف أو نزيف، مبرّرا ذلك بأنه مجرد سهو ونسيان، فيما اعتبرت الضابطة القضائية، في استنتاجاتها، تصريحاته مجرد « التفاف على القانون المجرّم للإجهاض ».

وفضلا عن استنتاجات الضابطة القضائية، فقد اعترف الطبيب « م.ن »، خلال مرحلة البحث التمهيدي،  بأنه كان يستقبل في مصحته، الكائنة بحي « كَليز »، نساءً يعانين من نزيف من جراء محاولة الإجهاض، وأخريات يرغبن في التخلص من حمل غير شرعي أو غير مرغوب فيه، وقال إنه، في البداية، كان يتعاطف معهن ويتفاعل إنسانيا مع هذه الحالات بسبب ظروفهن الاجتماعية، قبل أن يعتاد على إجراء هذه العمليات، التي قال إنها تذر عليه ربحا ماديا يتراوح بين 2000 و3000 درهم للعملية الواحدة.

وأقرّ بأنه أجرى ثلاث عمليات إجهاض، صباح يوم توقيفه، بتاريخ الثلاثاء 23 يونيو المنصرم، للممرضة العسكرية والطالبة الغابونية ولفتاة أجنبية أخرى، تنحدر من دولة ساحل العاج، كما قام بكشف طبي لفتاتين أخريين، ويتعلق الأمر بالقاصر « إ.أ » (17 سنة) و »ك.ب » (30 سنة)، اللتين حدد معهما موعدا في اليوم الموالي لإجهاضهن من حمل غير شرعي، علما بأن هذا الطبيب سبق للشرطة أن قدمته أمام النيابة العامة، في حالة سراح، للاشتباه في ارتكابه للخيانة الزوجية والمشاركة فيها، والإجهاض والمساعدة عليه، بموجب مسطرة البحث بتاريخ فاتح نونبر من 2017، رفقة عدد من الأشخاص المتورطين معه في القضية السابقة.

أما الطبيب الثاني، « م.كَ »، فقد اعترف أمام الضابطة القضائية بأنه كان يجلبه معه من بلجيكا دواء « سيتوتيك »،الذي كان يشتريه بـ 38 أورو للعلبة الواحدة، رغم أنه على دراية بأن الدواء محظور الاستعمال في المغرب بمقتضى مذكرة لوزارة الصحة، مضيفا بأنه كان يقوم بعمليات إجهاض مقابل مبالغ تقدر بحوالي 2000 درهم، والتي قال إن معظمها أجراها بالمصحة القريبة من مستشفى « ابن طفيل ».

وقد أشارت مقدمة محضر البحث التمهيدي إلى أن لهذا الطبيب سوابق قضائية متعلقة بإصدار شيك بدون رصيد، بموجب بحث أمني مؤرخ في 4 يناير من 2007، وحيازة دراجة نارية كبيرة الحجم في وضعية جمركية غير قانونية، وعدم التوفر على رخصة السياقة، بمقتضى بحث بتاريخ 9 ماي من 2013، والقتل الخطأ، في إطار بحث بتاريخ 30 يونيو من 1989.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي