المساوي العجلاوي: الهيئة الانفصالية لا تشكل أي خطر أو وزن في نزاع الصحراء- حوار

26 سبتمبر 2020 - 12:00

هل تأسيس «الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي» وليد اللحظة أم له سياق عام؟

السياق العام لتأسيس هذه الهيئة، إن صحت تسميتها هيئة، يأتي في إطار التطورات الجارية في قلب النظام الجزائري، لأن تأسيسها مرتبط أساسا بكل الصراعات في هرم السلطة الجزائرية، وبالصراع الدائر الآن في قيادة البوليساريو، وبالحديث الدائر عن تغيير إبراهيم غالي. إذن، لا يمكن أن نضع هذه الهيئة خارج هذه السياقات، إلى جانب سياق الصراع الدائر الآن بين مكونات «الكوديسا» (تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان)، وفشله في الدفاع عن مواقفهم، خاصة ما يجري الآن في أوروبا. ناهيك عن أن المخابرات الجزائرية، بهدف مواجهة ما وقع منذ سنتين داخل المخيمات مع تأسيس الحركة السياسية المعارضة «صحراويون من أجل السلام»، التي أصبح لها امتداد في أوروبا وأمريكا اللاتينية وبقية دول العالم؛ تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. كما أن هذا التأسيس يأتي في سياق سقوط كل الواجهات الإعلامية الداعمة للبوليساريو، خصوصا في أوروبا وأمريكا اللاتينية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المواقع المدافعة عن جبهة البوليساريو تؤخذ اليوم موادها من تصريحات ممثليها في بعض الدول، بمعنى غياب كل ما كان يتحدث عنه على أنه دعم من المجتمع المدني الأوروبي أو الأمريكي اللاتيني. كل هذه الأشياء اختفت اليوم، وبالتالي، لا يمكن قراءة هذه «المبادرة» خارج سياق فشل كل ما دبرته البوليساريو وداعموها إلى الآن.

كيف ستتعامل الدولة والمجتمع والنخب الصحراوية مع هذه «المبادرة»؟

توظف البوليساريو مسألة حقوق الإنسان، واليوم تبين بالملموس أنهم يجهرون بالانفصال، ويؤسسون جمعيات للانفصال، ويشتمون البلد المغرب بكل الصفات، وأعتقد أن هذا يبين للعالم أنهم مجرد شرذمة صغيرة لا تعبر عن أغلبية الرأي العام داخل الصحراء، وبالتالي، فالتعامل العقلاني والثابت للمؤسسات المغربية يثبت بما فيه الكفاية أن مسألة احترام حقوق الإنسان في الصحراء راسخة. الآن لن تجد دولة في العالم تتعامل مع الانفصاليين داخل البلد بمثل ما يتعامل معهم المغرب. في نهاية المطاف، هذه الشرذمة تخدم استراتيجيا الطرح المغربي.

أي تحديات تطرحها هذه الهيئة في الوضع الراهن؟

تثبت هذه المجموعة القلقة أن الداعين إلى الانفصال أقلية. كما أن تقارير الأمم المتحدة نفسها تتحدث عن أن دعاة الانفصال لا يتعدى عددهم في مجموع الصحراء 200 شخص، وهذا دليل على انتكاسة البوليساريو، ودليل، أيضا، على أن المغرب يتعامل معهم باعتبارهم مغاربة انفصاليين يعلنون نزعتهم، وهو الشيء الذي يؤكد، في إطار تدبير الملف داخل الأمم المتحدة، أن المغرب بلد ديمقراطي، وأن ممارسة حقوق الإنسان مترسخة في الصحراء، بدليل أن هذه الفئة القليلة جدا تعلن تأسيس جمعية لمواجهة المغرب في الصحراء.

لهذا ليس هناك أي تحد، لأن الصحراويين المغاربة متشبثون بمغربيتهم وبصحرائهم، والمجموعة الانفصالية هي قليلة جدا، وهي جزء صغير، ولا يمكن أن يستدل بالجزء على الكل.

ألا يمكن القول إن تأسيس الهيئة الجديدة جاء ردا على الضربات التي تلقتها البوليساريو في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تأسيس حركتين سياسيتين معارضتين للجبهة، وهما «المبادرة من أجل التغيير» و«صحراويون من أجل السلام»؟

كان هناك صراع بين التامك وأمينتو حيدر، وكان هناك تدخل للمخابرات الجزائرية لمواجهة «مبادرة صحراويون من أجل السلام»، لأن هذه الأخيرة زعزعت الكثير من المرجعيات في نزاع الصحراء، بالخصوص التعامل مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وبالتالي، تأسيس الهيئة هو محاولة لامتصاص الأثر الذي تركه تأسيس «صحراوين من أجل السلام». تصور أن الحركة الأخيرة بدأت تأخذ مساحة كبيرة في الإعلام الأوروبي، وفي علاقاتها مع المؤسسات الأوروبية، وتحرك البوليساريو والجزائر هو محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولهذا السبب علينا ألا نسقط في إعطاء هذه الشرذمة أكبر من حجمها.

إذن، تساهل المغرب مع الجهر بهذه الهيئة من داخل العيون انتصار له، وذلك بالحؤول دون توظيف ورقة حقوق الإنسان من لدن خصومه؟

بالطبع، الآن الناس يعلنون انفصالهم، وأسست جمعية لمناهضة المغرب، ومع ذلك فالمغرب يتعامل معهم كما لو أنهم لا شيء، وهو محق في ذلك، لأنه لا يمكن أن تعطيهم أكثر من قيمتهم. هم الآن واجهات إعلامية فقط، وليس لهم امتداد داخل المجتمع الصحراوي، ويحاولون عن طريق هذه الاستفزازات البحث عن رد فعل حتى يقال إنهم يتعرضون للقمع. بالعكس، هم لا يشكلون أي خطر وأي وزن في نزاع الصحراء. تأسيس الهيئة المزعومة محاولة لتغطية الفشل الذريع لما يسمى مؤسسات المجتمع المدني الصحراوي التي ترعاها المخابرات الجزائرية، وهي أيضا محاولة لامتصاص الأثر الذي تركته نشأة وتأسيس «صحراويون من أجل السلام».

المساوي العجلاوي: خبير في الشأن الصحراوي

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي