خالد أوباعمر يكتب: قضية الصحراء ليست قضية نظام فقط!

23 ديسمبر 2020 - 23:10

في سياق التفاعل مع النقاشات التي أُثيرت على المستويين الداخلي والخارجي، بسبب القرار الأخير الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، بشأن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة الدولة المغربية على كامل ترابها الوطني، أصبح اليوم من واجب الدولة المغربية، أن تضع ملفات سبتة ومليلية والجزر التي تحتلها إسبانيا، وتندوف وبشار كولومب كأراضي مغربية ضمتها فرنسا الاستعمارية للجزائر، على رأس أجندتها الدبلوماسية خلال المرحلة المقبلة، وذلك من أجل وضع حد للأطراف الخارجية، التي تضع يدها على الأراضي المغربية، وتزايد على حق المغرب العادل والمشروع في سيادته على كامل ترابه!

الحدود الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، ينبغي أن يفتح فيها النقاش داخل كل الأروقة الدولية، لأن الصمت عليها، هو الذي يدفع اليوم خصوم الوحدة الترابية للمملكة، إلى المزايدة عليها على ضوء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه.

أحسن وسيلة للدفاع عن حقوق المغرب العادلة، والتاريخية، والمشروعة، هي الحسم مع سياسة التردد على المستوى الدبلوماسي، والانتقال من أسلوب رد الفعل، إلى أسلوب الفعل، لتحصين هذه الحقوق، وإثارة انتباه المجتمع الدولي لها، بعد عقود من التريث الذي تحكمت فيه أسباب منهجية، ترتبط بأولويات الفعل الدبلوماسي، الذي كان يضع قضية الصحراء على رأس الأجندة الدبلوماسية.

الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، كشف حقيقة العديد من الأطراف، داخليا وخارجيا!

إسبانيا الاستعمارية، التي تجر خلفها تاريخا دمويا في المغرب، عبرت عن انزعاجها من الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، وهذا سلوك غير ودي، ويعطي للمغرب كامل الحق في ترتيب الأثر الدبلوماسي عليه، إذا اقتضى الأمر ذلك. كما أن فرنسا التي ظلت تعبر باستمرار، عن جدية ومعقولية مبادرة الحكم الذاتي، التي طرحها المغرب لحل نزاع الصحراء، فلم تبد أي موقف واضح حيال هذا المستجد المهم، مع العلم أنها دولة مؤثرة داخل الأمم المتحدة، ويمكن لموقفها أن يساهم إلى جانب الموقف الأمريكي، في تسوية النزاع تسوية نهائية، خصوصا وأن الصين بدورها لا تعادي الطرح المغربي، ويمكن بحسها البراغماتي، أن تدفع في اتجاه تنزيل المقترح المغربي على أرض الواقع، كحل سياسي جدي!

الحمد لله على نعمة الاعتراف الأمريكي، والخزي والعار على كل من يعادي الحقوق الوطنية للدولة المغربية، داخليا أو خارجيا. من يعتقد أن قضية الصحراء قضية نظام سياسي، فهو مخطئ في حق الدولة المغربية، بكل مكوناتها السوسيولوجية من أرض وشعب وسلطة سياسية!

قضية الصحراء، قضية أرض كانت مستعمرة واستعادها المغرب بمنهجية خاصة، والتاريخ يشهد أنه قبل سنة 1975، لم يكن هناك أي وجود لجبهة البوليساريو، وهي الكيان الذي نعرف كيف نشأ؟ وبدعم من؟

كما أنها قضية شعب له جدور ضاربة في أعماق التاريخ، وهناك ما يكفي من الحجج التي تؤكد هذا الأمر.

 وبما أن القضية، قضية أرض وشعب، فإنها حتما قضية نظام، يجسد السلطة السياسية التي تحكم داخل هذا الوطن، وهي سلطة سياسية لم تكن يوما دخيلة على البلد، بل تعتبر من مقومات الدولة، وثوابتها التي يقرها دستور المملكة، ويشهد عليها التاريخ أيضا.

هذا الكلام، لا نقوله من باب المزايدات الرخيصة على أي جهة كانت، بل يجسد قناعتنا الراسخة بأن الوطن فوق الجميع، وأكبر من الجميع، وأغلى من أي شيء آخر.

لقد اختلطت الأمور على كثير من الجهات، إلى حد فقدان التمييز بين الصحراء كقضية وطنية عادلة ومشروعة، وبين الاعتراف الأمريكي بهذا الحق، والذي تستحق عليه أمريكا كل الشكر والتقدير من جهة، وبين تطوير العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل في إطار توجه استراتيجي تراعى فيه مصالح الدولة، وبين قضية فلسطين، التي تحتاج إلى تسوية عادلة في إطار حل الدولتين من جهة أخرى !

بلاغ الديوان الملكي، كان واضحا بما يكفي في صياغة مواقف المملكة، وتصريحات السيد وزير الخارجية كانت صريحة، وقد شرح الرجل بما يكفي من الدقة مسار العلاقات المغربية الأمريكية، الذي توج بالاعتراف الأمريكي، وأكد في نفس السياق، على ثوابت الدولة المغربية في رؤيتها لقضية الشعب الفلسطيني، ومع ذلك هناك من يصر على خلط الأوراق، بدوافع إيديولوجية، يتم التعبير عنها بمفردات غير لائقة مثل الخيانة، وأخرى دخيلة على مجال العلاقات الدولية التي تكون إما ثنائية أو متعددة الأطراف، مثل مفردة التطبيع!

على المرء أن يقرأ جيدا ردود فعل الدول المحيطة بالمغرب مثل الجزائر وإسبانيا، لكي يدرك أهمية الاعتراف الأمريكي بحق المغرب في سيادته على كامل ترابه، وعليه، أيضا، أن ينتبه إلى ردود الفعل السمجة، التي صدرت عن بعض الأطراف الفلسطينية التي تريد اليوم صب المزيد من الزيت على النار، مثل التصريح الذي صدر عن حنان عشراوي، وتدوينة تميم البرغوثي المسمومة “تحيا الجزائر”، التي تناقلتها مجموعة من الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي!

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي