عادل بن حمزة يكتب: 11 يناير.. دروس الماضي للحاضر

13 يناير 2021 - 07:00

يخلد الشعب المغربي اليوم واحدة من الذكريات الوطنية التي كان للحدث الذي تخلده بالغ الأثر في تاريخ بلادنا، فاليوم تمر 76 سنة على تقديم حزب الاستقلال ومجموعة من الشخصيات الوطنية المستقلة عريضة المطالبة بالاستقلال، وذلك يوم 11 يناير 1944، وهي الذكرى التي حافظ حزب الاستقلال على تخليدها وحده إلى حدود بداية الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قرر الملك الراحل الحسن الثاني جعلها عيدا وطنيا ويوم عطلة مدفوع الأجر، ما عُد في حينه إعادة اعتبار للعمل الوطني الكبير الذي كان نقطة تحول جوهرية في مواجهة الاستعمار الفرنسي.

 النواة الأولى التي تشكلت منها الحركة الوطنية والتي قادت النضال الوطني من أجل الحرية والاستقلال، تأسست عقب إصدار السلطات الاستعمارية ما سمي بالظهير «البربري» في 16 ماي 1930، حيث دعا عدد من العلماء الوطنيين إلى قراءة اللطيف في المساجد، دفاعا عن الإسلام، وعن وحدة الأمة المغربية التي كانت مستهدفة بشدة، لذلك، فإن تأسيس كتلة العمل الوطني سنة 1934، وبعدها الحزب الوطني سنة 1937، وغيرها من التعبيرات الوطنية، كان استجابة لحاجة مجتمعية ملحة هي الدفاع عن الإنسية المغربية وعن الهوية المغربية المتعددة الروافد في وجه الدولة الكولونيالية، التي راهنت على تقسيم البلاد وإزالة كل لحمة تجمع أطراف الوطن.

عندما نعود اليوم إلى هذه الصفحات المشرقة من تاريخ جهاد الأمة المغربية من أجل الحرية، فإنما للتذكير بأن كفاح الحركة الوطنية كان يروم تحقيق الاستقلال وإرساء نظام ديمقراطي، وهو الأمر الذي جسدته بجلاء وثيقة 11 يناير 1944، التي عكست تحولا جوهريا في خطاب الحركة الوطنية من المطالبة بتحقيق إصلاحات في ظل الحماية إعمالا لبنود عقد الحماية (دفتر مطالب الشعب المغربي سنة 1934 نموذجا)، إلى المطالبة بالاستقلال الكامل في توظيف ذكي للوضعية التي كانت تعرفها فرنسا في تلك الفترة، خاصة نتائج الحرب العالمية الثانية واندحار فرنسا في عدد من مستعمراتها.

لقد عكست وثيقة 11 يناير التلاحم القوي ما بين العرش، كما جسده آنذاك السلطان محمد بن يوسف (محمد الخامس)، والشعب المغربي كما عبرت عنه الحركة الوطنية، وهو التلاحم الذي سيبلغ مداه مع ثورة الملك والشعب سنة 1953، عندما امتدت أيادي الاحتلال وأذنابهم من القياد والباشاوات إلى السلطان الشرعي، ونفته عقابا له على تعاونه وتنسيقه مع الحركة الوطنية، ورفضه مجاراة المخططات الاستعمارية.

لقد كان عمل الحركة الوطنية يهدف أساسا إلى تقويض الدولة الكولونيالية في تعبيراتها المختلفة، وتحقيق الاستقلال وبناء نظام ديمقراطي تكون فيه السيادة للأمة، وقائم على العدالة الاجتماعية والحريات وإنصاف الأفراد والمناطق في مغرب موحد واحد ليس فيه مجال لمغرب نافع وآخر غير نافع، واللحظة السياسية الفارقة التي تعيشها بلادنا اليوم، تفرض التذكير بهذا التاريخ، لأن الشعوب التي لا تعرف ماضيها تكرر أخطاءها، ولأن مجابهة التحديات الكبرى التي تواجه بلادنا تفرض التحلي بمنسوب عال من الوعي التاريخي.

تصادف هذه الذكرى أيضا احتفاء المغاربة وسكان شمال إفريقيا ببداية السنة الأمازيغية الجديدة، والتي تبلغ هذه السنة عامها 2791، أو ما يسمى «ناير»، وذلك في سياق وطني يتسم بتزايد المطالب بجعل هذا اليوم عيدا وطنيا مدفوع الأجر، كما أن هذه المناسبة تخلد هذه السنة في ظل مرور سنة على استكمال الكتلة الدستورية للأمازيغية من خلال المصادقة على القانونين التنظيميين المرتبطين بها، وهي من آخر القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011، وتأخرت الحكومة والبرلمان في إخراجها إلى حيز الوجود، مضاف إليها القانون التنظيمي للإضراب. إن رفض التجاوب مع المطالب المشروعة لاعتماد السنة الأمازيغية عيدا وطنيا تعطل فيه الإدارة والمؤسسات الخاصة، أمر متعسف على منطق النضال الوطني الذي ساهم فيه الجميع، وإذا كان الدستور قد حسم الطابع التعددي للهوية المغربية، فإن استمرار العناد في إنكار التعابير المادية والرمزية لتلك التعددية، يمثل سيرا عكس منطق التاريخ قد تكون له عواقب وخيمة في المستقبل…

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي