أوقفوا النار!

23 فبراير 2017 - 14:35

في سرية تامة، تجري عملية المصادقة على مشروع قانون أساسي بموافقة اليسار واليمين.. قانون خطير للغاية يعدل شروط إطلاق رجال الشرطة النار. ويأتي هذا المشروع في وقت غير مناسب تماما، بعد اعتداء رجال شرطة أنذال على شاب في منطقة «أولني-سو- بوا» (الضاحية الباريسية)، وبعد فضيحة أخرى مماثلة، دنس فيها رجال أمن مارقون مهنتهم الرائعة، وبعد أعمال الشغب التي تسببت فيها تلك الفضائح.

يروم مشروع القانون هذا (الذي أتى عقب أحداث بلدة «فيري-شاتيون» في أكتوبر 2016، حين تعرض رجال أمن لهجوم من طرف عدد من الشباب المسلحين بالكوكتيل مولوتوف) تشديد العقوبات الخاصة بالإساءة إلى القوات العمومية، ورفعها إلى مستوى تلك الخاصة بالإساءة إلى القضاة: سنة حبسا نافذا و15 ألف أورو غرامة، وضمان سرية هوية المحققين لحمايتهم من أي أعمال انتقامية، ولكن بالخصوص، تخفيف الضوابط الخاصة بإطلاق النار من طرف رجال الشرطة، ومعادلتها بتلك المعتمدة من طرف الدرك وعناصر الجيش المشاركين في عملية «الخفر» «SENTINELLE» (العملية الأمنية التي أطلقتها السلطات الفرنسية بعد هجمات «شارلي إيبدو»، وتم تدعيمها بعد هجمات باريس في 13 نونبر 2015).

يورد نص المشروع خمس حالات يمكن فيها لرجال الشرطة، من الآن فصاعدا، استخدام أسلحتهم النارية:

– لما يستحيل عليهم الدفاع عن منطقة تحت سلطتهم.

– لما يحاول شخص ما الإفلات من قبضتهم،

– من يستحيل عليهم إيقافه بطريقة أخرى، ويشكل تهديدا.

– لما يستحيل عليهم إيقاف عربة تشكل تهديدا.

– للحؤول دون حدوث «رحلة قاتلة» (Périple meurtrier).

حسب هذا النص، لرجال الشرطة وحدهم سلطة تقدير الحالات التي يمكنهم فيها إطلاق النار، والقتل، بغض النظر عن الدفاع الشرعي عن النفس للتصدي لقتلة منخرطين في المواجهة معهم.

والحال أنه إذا ما استعمل هذا الترخيص بإطلاق النار من طرف موظفين غير مدربين، فلن يحس بعد ذلك أي من المارة بالأمن، ويمكن لأعمال الشغب، التي قد تندلع بعد ذلك، استخدام الأسلحة ذاتها، الأمر الذي سيفضي إلى حرب أهلية.

رغم كل هذه المخاطر، فقد صادق مجلس الشيوخ (le sénat) على نسخة معدلة بشكل طفيف من مشروع القانون في قراءة أولى يوم 24 يناير الماضي، كما صادقت عليه «الجمعية العمومية» (مجلس النواب) في 8 فبراير (من طرف 15 نائبا فقط كانوا حاضرين وينتمون إلى «الحزب الاشتراكي» و«الجمهوريون» و«الجبهة الوطنية»، وحدهم نواب «جبهة اليسار» امتنعوا عن التصويت). ويتعين الآن على النواب والسيناتورات الاتفاق على نسخة موحدة حتى تتم المصادقة بشكل نهائي على مشروع القانون قبل نهاية أشغال الدورة البرلمانية مع نهاية فبراير.

والواقع أنه يجب ألا يتم التصويت على هذا النص دون الانخراط في نقاش عميق حول العلاقات بين الشرطة والمواطنين. إن الشرطة عنصر أساسي لحياة الديمقراطية، ويجب أن يكون رجالها قادرين على الدفاع عن أنفسهم لما يتعرضون لهجمات المارقين والإرهابيين، أو لما يتعرض المواطنون لاعتداءات مماثلة. ولكن، بالمقابل، يجب ألا يتم السماح بتاتا لرجال أمن، غير مدربين تدريبا كافيا، بإطلاق النار دون تمييز. فهذا الأمر يمكن أن يفضي إلى كوارث أكثر فداحة من الانفلاتات الحالية التي تستعمل فيها العصي واللكمات. إذ يجب أولا تكوين الشرطة، والحال أن هذا النص لا يتحدث البتة عن التكوين الضروري لهؤلاء الذين ستصبح لديهم سلطة منح الحياة أو سلبها من المواطنين.

يتعين كذلك على الشرطة الانخراط أكثر في حياة الحاضرة. ولن نمل من تأكيد الضرر الذي تسبب فيه للبلاد إلغاء ساركوزي شرطة القرب، ورفض خلفه إعادة إنشائها رغم المجهودات الأخيرة لبرنار كازنوف (وزير الداخلية ثم الوزير الأول).

في هذا الظرف الدقيق الذي تمر منه البلاد، والذي يحوم فيه بشكل جدي شبح انتخاب رئيسة لن تأبه كثيرا للقيود القانونية من أجل منح كل السلط لرجال الشرطة وسحبها من القضاة، يتعين الاحتراز من الانجرار إلى تطبيق برنامجها حتى قبل انتخابها.

 

ترجمة مبارك مرابط

عن «ليكسبريس»

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي