"البام".. والمال "السايب"

27 فبراير 2017 - 14:20

في أسبوع واحد اتضح جليا أن حكاية “البام” مع “البيزنس” تستحق الدراسة والتحليل. لا أجد تبريرا واحدا لحزب سياسي يصدر بلاغا رسميا ليدافع عن أحد أعضائه بذريعة أنه تعرض للإهانة من طرف القوة العمومية، في نزاعه التجاري مع طرف آخر الذي هو المجلس الجماعي. حكاية الشعبي مع “مارشي كريو” قديمة ونعرف ملابساتها جيدا منذ عهد محمد ساجد، عمدة الدار البيضاء السابق الذي شن حربا شعواء من أجل استرجاع هذا الملك الجماعي من يد الشعبي. لا تهم هنا الحيثيات القانونية، ومن هو المصيب ومن هو المخطئ، لأنه في النهاية يجب أن تكون كلمة القضاء هي الأسمى. لكن أن يهدد حزب سياسي برفع القضية أمام البرلمان وبعبارات حادة غير بعيدة عن التهديد، فهذا أمر غير مقبول في دولة القانون. كان لي حديث في الموضوع مع قيادي بارز في “البام” حاول إقناعي بأن “التراكتور” دافع عن واحد من برلمانييه، انطلاقا من المبدأ وليس انطلاقا من “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما”. بالطبع، لم يستطع أن يقنعني، وعندما قلت له ولماذا لم تفعلوا الشيء ذاته مع المئات من المستثمرين الذين ضاعت أموالهم ومشاريعهم بين ردهات الإدارة. ظل صامتا!

البرلمان يا سادة مهمته التشريع ومراقبة الحكومة ومناقشة القضايا الكبرى للوطن. ألم يكفي أنكم أغرقتموه في الشعبوية، وفي قضايا ضيقة تهم رؤساء الجماعات المحلية ومشاريع انتخابية تتعلق بالطرقات والأزقة والقضايا المحلية. والآن، تريدون جعل البرلمان منصة للدفاع عن المصالح التجارية لأعضائكم. لقد أخطأ الجرار الطريق في هذه النازلة، وعليه أن يستدرك الأمر ويترك المحاكم التجارية والإدارية تشتغل باستقلالية تامة بمعزل عن محاولات الضغط السياسي عليه، وإلا رحم الله استقلالية القضاء وحرمة المؤسسات الضرورية لبناء الديمقراطية. وإذا أصر “البام” على خطته لتسخير البرلمان لخدمة تجاره سيحقق سابقة من نوعها، إذ لم يستطع أي حزب من قبل أن يُسخِّر البرلمان للدفاع عن تجارة أعضائه. فلا الأحرار فعلوا ذلك ليدافعوا عن الطالبي العلمي، ولا البيجيدي مع بلكورة، ولا الاستقلال مع أبدوح، وكلهم كانوا موضوع نزاعات تجارية. نترك هذا الملف جانبا، ونسافر مائة كيلومتر من الدار البيضاء نحو الرباط العاصمة، حيث تفجرت قضية صفقات عمومية قال مستشار حزب الاشتراكي الموحد عمر حياني، إن صفقتين من ضمنها مشبوهة ومبلغهما كبير؛ خمسون مليارا فقط لا غير. مستشارون آخرون انضموا إلى حياني وفجروا قنبلة من العيار الثقيل في وجه الوالي المثير للجدل عبدالوافي لفتيت، مقدمين وثائق تؤكد استفادة عضوين بارزين في “البام” (مرة أخرى..!) وهما رئيس جهة بني ملال ــ خنيفرة، ورئيس جهة الشرق، اللذان استفادا من الصفقتين “في ظروف غير سليمة”، كما أكد المستشار حياني الذي أضاف بأن الشركتين تستحوذان على جل صفقات شركة تهيئة الرباط، التي يرأس مجلس إدارتها والي جهة الرباط ــ القنيطرة. في هذه النازلة، لم نسمع أي صوت لا لـ”لبام”، ولا للوالي ولا لمدير شركة التهيئة. ورغم أن وسائل إعلام كثيرة تطرقت للموضوع ومنها من وصفته بالفضيحة إلا أن التجاهل بقي سيد الموقف، وهذا شيء غريب في دولة بها نيابة عامة ومجلس أعلى للحسابات. فهل المال العام أصبح “سايب” إلى هذه الدرجة؟

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ahmed stitou منذ 7 سنوات

وهذا شيء غريب في دولة بها نيابة عامة ومجلس أعلى للحسابات.

التالي