بوصلة الإصلاح الديمقراطي

12 أبريل 2017 - 16:20
حامي الدين رئيس منتدى الكرامة لحقوق الانسان - ارشيف

في مقال سابق، ومباشرة بعد تعيين الدكتور سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، كنت قد اعتبرت بأن طبيعة التحديات التي تحيط بالبلاد، “تستوجب من كل الفاعلين تغليب المصلحة العليا للوطن، والحرص على بناء توافقات قوية قادرة على رفع هذه التحديات، وهو ما يستدعي من مكوّنات المجتمع المغربي الداعمة لخيار الإصلاح في ظل المؤسسات، الاستمرار في التفاعل الإيجابي مع التراكمات التي حصلت وتحصين المكتسبات التي تحققت، والنضال من أجل تقوية هذا المسار من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، والمساهمة في تعميق الاختيار الديمقراطي”…

والمقصود بالتوافق في هذا السياق، هو ذلك الأسلوب الذي يعتمده الفرقاء السياسيون من أجل حل خلافاتهم السياسية، انطلاقا من تقديم تنازلات متبادلة لا تقف عند حدود نتائج العملية الانتخابية، وقد سبق أن كتبت بأن المشكلة لا ترتبط بعدد المقاعد الحكومية التي سيتولاها كل طرف، فمعلوم أن حزب العدالة والتنمية لم يتعامل بالأوزان الانتخابية مع حلفائه، سواء في الحكومة السابقة التي ترأسها الأستاذ عبدالإله بنكيران أو في الجماعات والجهات التي يدبر فيها تحالفاته مع قوى سياسية أخرى، وبالمناسبة فقد سبق لحزب العدالة والتنمية أن رشح لرئاسة جماعة الرباط الاتحادي فتح الله ولعلو سنة 2009 من الحزب الحاصل على 6 مقاعد، بينما كان حزب العدالة والتنمية أولى بالرئاسة، وهو الحاصل على 19 مقعدا…

إذن، ليست المشكلة في التنازل لهذا الحزب أو ذاك، في إطار منطق التوافق المبني على التراضي المتبادل والقبول الطوعي من قبل باقي الأطراف، والمندرج في إطار رؤية متفق عليها ومحكومة بمنطق التعاون في إطار من الكرامة والاحترام المتبادل، ولكن المشكلة الحقيقية، تكمن في اعتماد تنازلات متتالية بطريقة سريعة غير خاضعة لمنطق التوافق المبني على الرضا المتبادل، ما يعطي الانطباع بأننا أمام إملاءات فوقية تفقد معها المؤسسة الحزبية استقلالية قرارها.

لا مجال للشك بأن الحكومة التي تم الإعلان عنها مساء الأربعاء المنصرم، ليست هي الحكومة التي كان ينتظرها المغاربة الذين ذهبوا للتصويت يوم 7 أكتوبر، ولذلك دعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أعضاء حزبه إلى وضع ما حصل بعد تكليف الدكتور سعد الدين العثماني، بين قوسين والتفكير في المستقبل، معتبرا بأنه من المؤكد أن الحزب خسر معركة، لكنه لن يتراجع عن مسيرة الإصلاح في إطار الاعتدال واستقلالية القرار الحزبي وحرية الرأي والتعبير والالتحام بالمجتمع..

بدون شك سيكون حزب العدالة والتنمية مطالبا بتقييم أدائه خلال هذه المرحلة، والوقوف عند الأخطاء الذاتية والمعطيات الموضوعية التي جعلت الحكومة الحالية بمثابة تعبير واضح عن تراجع في المسار الديمقراطي، وفي استقلالية الأحزاب السياسية..

ينبغي أن يتوجه التقييم، أيضا، إلى السياسة التي تنهجها بعض الجهات تجاه الأحزاب السياسية، والتي تجعلها أمام خيارين، إما احترام التعاقد مع المواطن أو القيام بما يرضي الدولة..!

من المؤكد أن الانقسامات التي عاشتها الأحزاب الوطنية كانت بين تيار يؤمن بالتعاقد مع المواطن والوفاء لالتزاماته، وتيار يريد أن ترضى عنه الدولة.. وكانت نهاية بعض هذه الأحزاب بعدما استسلمت لما تريده الدولة، منها أنها فقدت مصداقيتها وفقدت كل شيء، بل إن بعضها أصبح عالة على الدولة نفسها..

المعادلة التي يريد حزب العدالة والتنمية أن ينجح فيها هي الوفاء للشعب، والولاء للدولة مجسدة في ممثلها الأسمى..

وأي خلل في هذه المعادلة، من شأنه أن يخلق له مشاكل كثيرة في مسيرته، يفقد معها بوصلة الإصلاح الديمقراطي..

لازال أمامنا وقت للاعتبار..

فلننتبه

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اسأل روحك... منذ 6 سنوات

أشاطر الرأي الذي يقول بان هذه عودة الى "لغة الخشب" ، هذا الخشب الذي ستاكله النار مثله مثل اجداع النخل الخاوية الاخرى keep talking

M.KACEMI منذ 6 سنوات

المصلحة الوطنية تكمن في تعميق الخيار الديمقراطي وتوسيع هامشه. إلا أن ما وقع يذهب في الإتجاه المعاكس، والقبول به يعني عمليا القبول بالرجوع بالبلاد والعباد إلى ما قبل 2011، تماما كمار غب مهندسو البلوكاج الذين كانوا مقتنعين وعلى حق أن مشروعهم النكوصي مستحيل التحقيق مع استمرار الأستاذ بنكيران على رأس الحكومة. مع كل التقدير والإحترام

Marocain منذ 6 سنوات

حزب العدالة والتنمية في خبر كان

بئس الحزب وبئس أعضائه منذ 6 سنوات

تغليب المصلحة العليا للوطن، والحرص على بناء توافقات قوية قادرة على رفع هذه التحديات، وهو ما يستدعي من مكوّنات المجتمع المغربي الداعمة لخيار الإصلاح في ظل المؤسسات، الاستمرار في التفاعل الإيجابي مع التراكمات التي حصلت وتحصين المكتسبات التي تحققت، والنضال من أجل تقوية هذا المسار من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، والمساهمة في تعميق الاختيار الديمقراطي”… أليست هذه أعلى قمة في جبل لغة الخشب؟؟؟ عن أي مكتسبات تتكلم؟ نحنا رجعنا لما قبل دستور 2011. وعن أي تراكمات؟ تراكمات الانبطاح و اللهث وراء المناصب و خيانة الحزب و أصوات الناخبين؟ إذا كان مازال لديك الوقت لتعتبر، فالمواطن اعتبر و فهم و ستعرفون في البيجيدي و كل الأحزاب خلال الانتخابات المقبلة ماذا فهم الشعب و ماذا استنتج. لو كنت مكانك، لبلعت لساني و جففت قلمي و تمعنت كثيرا في المهزلة. ولكن، الاصرار فيكم فريضة و لو كنتم تغردون خارج السرب.

صالح المجدي منذ 6 سنوات

كما قيل " إذا عرف السبب بطل العجب " نعم الحكومة التي أنجبت بعض هذا الخاض العسير والذي دام حوالي ستة أشهر . لم تكن هي الحكومة التي الانتخابات التي شارك فيها المنتخبون يوم سابع أكتوبر . لأنها لاتعكس الأهداف التي أرادها حزب العدالة والتنمية ولا الديموقراطية التي يريدها الشعب .وتوزيع الغنيمة على حزب أخنوش بادية للعيان والتنازل الذي قدمه العثماني مع احترامنا له واضح . فما هو الفرق بين العثماني وبنكيران مع أن كليهما ينتميان إلى حزب العدالة .وأيهما يمثل إرادة الناخبين ؟؟ .أسئلة ستجد أجوبتها في الانتخابات المقبلة .

المواطن هو الضحية ... منذ 6 سنوات

مما لا شك فيه ان العثماني عضو في العدالة والتنمية بل من المقربين للأمين العام ورئيسا للمجلس الوطني وبالتالي هو من الذين يقودون الحزب والذين يعرفون اهدافهم ومن الذين يعرفون التشعبات السياسية ، فلا يفهم معنى التنازلات المتتالية ما لم يكن الحزب يقبل بوضع ما ، والا ما الذي كان يجعل العثماني يقبل بوضعية اذا لم تكن هناك توافقات مربحة لكلا الطرفين ، لكن الخاسر الأكبر هو الشعب واولئك الذين تفاعلوا مع العمليات الانتخابية ... السياسة كلما كانت توافقية الا وكانت مصلحية لطرفين متصارعين لكن دوما يكون المواطن هو الضحية .

التالي