الوجه الآخر لحراك الريف.. توقف 11 مشروعا اقتصاديا وارتفاع في الأسعار

22 مايو 2017 - 20:00

زيارة سريعة إلى الميناء البحري بمدينة الحسيمة تكشف أن ثمن « السردين »، السمك الأكثر شعبية، لا يقلّ حاليا عن 25 درهما، في حين ترتفع باقي الأنواع مثل « روجي » إلى 70 درهما، و »الكروفيت » بـ 120 درهما، كما يصل « الصول » إلى 120 درهما، وفي الصيف تتضاعف الأسعار، حيث يصل سعر السردين إلى 50 درهما.

ارتفاع الأسعار كما عاينت الجريدة، سبق وأن أكدته المندوبية السامية للتخطيط في تقرير لها حول الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك لشهر يناير 2017، أكدت من خلاله أن مدينة الحسيمة تعد الأكثر غلاء على المستوى الوطني.

وأرجع محند، أحد بائعي السمك بالجملة، الارتفاع المستمر في الأسعار إلى سوء التنظيم، وقال إن سوق السمك الذي بُني بالمدينة منذ ثلاث سنوات من ميزانية الدولة « لا يبيع فيه أحد »، لأن شكله الهندسي « لا يتلاءم مع متطلبات التجارة في الأسماك »، الأمر الذي يدفع بائعي السمك إلى بيع منتجاتهم على جنبات الطريق فقط.

وفسّر الحسين الإدريسي، صحافي محلي، ظاهرة الارتفاع المتواصل في الأسعار إلى تحكم اللوبيات في السوق، وقال، « هناك جهات تتحكم في السوق، تحت أعين السلطات، هي التي تساهم في ارتفاع الأسعار ».

وعاينت الجريدة، كيف أن سمك « السردين »، على سبيل المثال، المصطاد في سواحل بحر المتوسط بإقليم الحسيمة، يباع في مدينة الحسيمة بـ25 درهما، بينما يباع هو نفسه في مدينة تاونات بـ15 درهما، علما أن المسافة بين المدينتين تقدر بنحو 200 كلم، ويتطلب قطعها بالسيارة نحو خمس ساعات، نظرا لوعورة وسوء الطريق الرابطة بين المدينتين.

ويتوفر إقليم الحسيمة على 72 كلم من الساحل البحري، وعلى ميناءين هما: ميناء الحسيمة، وميناء « كلايريس ».

وحسب معطيات رسمية تعود إلى سنة 2010، تضمنها تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، فقد تم تفريغ إنتاج قدر بحوالي 11 ألف طن، بقيمة تفوق 120 مليون درهم، يساهم فيها ميناء الحسيمة بـ 96,5 في المائة.

وكما تتحكم اللوبيات في أسعار السمك المحلي، تتحكم لوبيات أخرى في أسعار المواد الغذائية، وقال نجيم عبدوني، إطار بنكي ورئيس الفرع المحلي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، إن تجار البيع بالجملة يعزون ارتفاع الأسعار إلى وعورة الطريق نحو الحسيمة، وقلة المواصلات.

وأنشأت السلطات المحلية سوقا لبيع الخضر والفواكه اسمه « ميرادو »، يُطلق عليه شعبيا اسم « كوانتنامو » بسبب شكله الهندسي، رصد له غلاف مالي قدره 63 مليون درهم، لكن التكلفة بلغت عند نهاية الأشغال نحو 83 مليون درهم. وفي زيارة سريعة لهذا السوق، تبيّن أنه كان مغلق، ولا يفتح أبوابه إلا مرتين في الأسبوع كأي سوق شعبي في البادية.

مشاريع اقتصادية بدون جدوى

سوق « ميرادو » ليس حالة خاصة، هناك 11 مشروعا اقتصاديا آخر أنجزت بعد سنة 2004 بهدف المصالحة مع ساكنة الحسيمة، انتهت إلى الفشل، أو أنها تعرف عراقيل وتعثرات في الإنجاز، حسب تقرير أنجزته الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب.

المثال البارز يتعلق بالمنطقة الصناعية آيت قمرة، التي أنجزت منذ 2007، على مساحة 41 هكتارا، خارج مدينة الحسيمة بنحو 15 كلم، ولم تستطع في النهاية جذب سوى 5 وحدات استثمارية، منها قاعة حفلات، ومقر فرع شركة فرنسية لبيع السيارات الجديدة.

ومن بين تلك المشاريع التي أنجزت أيضا، لكنها مغلقة، مشروع « سوسيو رياضي » في وسط المدينة، أنجز بغلاف مالي قدره 40 مليون درهم، إضافة إلى 15 مليون درهم هي قيمة التجهيزات التي تم توفيرها للمركب، لكن منذ إنهاء الأشغال به، تم إغلاقه، وذلك منذ 2014.

لكن هناك مشاريع تبدو فاشلة بسبب تقديرات سياسية في الغالب، منها على سبيل المثال ميناء المسافرين بالحسيمة، الذي كلّف الدولة غلافا ماليا قدره 236 مليون درهم، واليوم لا يستطيع أن يؤمن سوى باخرة واحدة في الأسبوع، بين الحسيمة و »مونتري » بإسبانيا. والسبب أن « الدولة لم تشجع أصحاب الرخص » الراغبين في فتح خطوط بحرية نحو دول أوربية أخرى، وخلال الاحتجاجات وعد الوالي اليعقوبي بالترخيص لطلبات شركات أخرى.

مع اندلاع الاحتجاجات، وعدت السلطات بإعادة النظر في تلك المشاريع، وتسريع تلك التي تمت برمجتها في إطار مشروع « الحسيمة منارة المتوسط »، لكن أغلب الفاعلين الذين التقتهم « أخبار اليوم » يتخوفون من أن تلقى المشاريع الجديدة المآل نفسه الذي لقيته المشاريع السابقة، خصوصا وأن ضغط الاحتجاجات دفعت السلطات إلى تسريع وتيرة الإنجاز، لأن المشكل يطرح على مستوى المتابعة، كما يطرح السؤال حول القدرة على التنفيذ كذلك.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي