اتهامات لشركة أمانديس الفرنسية بإفساد الاستثمار

25 مايو 2017 - 07:00

مواجهة قانونية مثيرة تلك التي شهدتها محكمة الاستئناف بطنجة، الاثنين الماضي، خلال جلسة محاكمة المستثمر المغربي، العربي التدلاوي، الممثل القانوني للمنتجع السياحي «اتلانتيك بيش باراديس ريسور»، بين المحامي والفاعل الحقوقي عبد الرحيم الجامعي، وبين نائب الوكيل العام ممثل النيابة العامة، حول قانونية محاكمة المتهم في حالة اعتقال، والذي أدين ابتدائيا بـ 18 شهرا حبسا نافذا، وسط ترقب عما ستقرره المحكمة الأسبوع المقبل بعد إدخال الملف للمداولة.

وبعد أن استمعت هيئة المحكمة إلى الدفوعات الشكلية التي تقدمت بها هيئة الدفاع المكونة من الأستاذ الفارسي، والنقيب الجامعي، والمحامية جميلة مولدي، إلى جانب محامي المطالبين بالحق المدني، طلحة بنعمرو، قرر رئيس الجلسة ضم الملتمسات إلى جوهر الملف، وشرع في مناقشة وقائع القضية مع المتهم في الدعوى التي رفعها ضده وزير الداخلية السابق محمد حصاد، شهر فبراير من العام الماضي، وأحالها على وزير العدل السابق الذي حرك المتابعة القضائية.

الوكيل العام في تعقيبه على مرافعة هيئة الدفاع، اعتبر أن معطيات هذا الملف تبين أن جميع أركان الفعل الجرمي قائمة، لأن المتهم أبرم عقود بيع صورية على أساس استكمال إنجاز المشروع داخل أجل ثلاث سنوات، لكن بعد انصرام تلك المدة تبين أن الأشغال لم تصل سوى 51 في المائة فقط، حسب معاينة الخبرة التي أمر بها قاضي التحقيق، ليدعي عقب اعتقاله سنة 2016 بعد أن كان مختفيا عن الأنظار لأزيد من ثلاث سنوات، بأن سبب تعثر أشغال البناء يتمثل في تعقد المساطر الإدارية، مما ينم عن وجود “نية النصب على الزبناء والمس بالمصالح المالية” للأطراف المدعية.

وأضاف ممثل النيابة العامة، أن جوهر الخطورة في هذه القضية، يتمثل في العدد الكبير من الزبناء الذين اقتنوا عبر عقود وعد البيع شقق سكنية في المشروع المتعثر، وعددهم 800 شخص ما بين مواطنين مغاربة مقيمين بالخارج، وأجانب من جنسيات بريطانية وأوروبية، تزعزعت ثقتهم في الدولة المغربية بعدما أخل المتهم بالتزاماته معهم تحت ذرائع مختلفة، كما أنهم لم يستطيعوا استرجاع مبالغهم المالية من البنوك المغربية، وهو ما يستوجب حسب ملتمسه لهيئة المحكمة “الإدانة والرفع من العقوبة”.

لكن رد النقيب عبد الرحيم الجامعي، في مرافعته على موكله كان قويا من الناحية القانونية، إذ اعتبر أن العربي التدلاوي ليس معنيا بطعن الوكيل العام، أولا لأن الأخير أخل بالمقتضيات المسطرية الآمرة، عندما وجه الطعن ضد شخص مجهول، و لم يحدد أطراف الطعن وضد من يوجه الطعن، وثانيا لأن النيابة العامة أخلت بمقتضيات دستورية تتعلق بقواعد العدل والإنصاف وشروط المحاكمة العادلة.

وأضاف الجامعي أن مرافعة الوكيل العام، لم تزل الغموض المتعلق بعناصر المتابعة والحكم، لبيان مكونات “جنحة النصب وعدم تنفيذ عقد”، كما لم توضح مضمون الطعن الذي حاول أن يقدمه الوكيل العام في النزاع المفتعل من طرف النيابة العامة، حسب قوله، وإنما يزكي توجها حقيقيا لطبيعة النزاعات المدنية والتجارية، خاصة وأن جنحة النصب في الفقه القانوني في مختلف التشريعات الدولية، بمثابة جريمة ليست مستمرة في الزمان، وإنما تسقط بمدة التقادم، وبالتالي فإن الدعوى العمومية ساقطة، حسب قوله.

وفي سياق متصل، انتقد المحامي الجامعي بشدة تقديم وزير الداخلية السابق محمد حصاد للدعوى، وتحريك وزير العدل السابق مصطفى الرميد مسطرة المتابعة، في الوقت الذي كان يجب عليهما الدفاع عن حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة، عوض تقديم المتهم “كبش فداء” اختلالات إدارية، تتحمل مسؤوليتها الشركة الفرنسية “أمانديس”، التي وصفها بأنها دولة داخل الدولة المغربية، تفسد مشاريع الاستثمار ولا يوجد من يحاسبها أو يتابعها أمام القانون، وفق كلامه.

من جهته، أنكر المتهم تورطه في جنحة النصب والاحتيال وعدم تنفيذ عقد، معتبرا بأن الأشغال ظلت مستمرة إلى حدود سنة 2012، إذ لم يعد بالإمكان مواصلة التقدم في ورش البناء وتهيئة الغولف من دون تزويد المشروع بخدمة الماء، محملا المسؤولية لشركة “أمانديس”، لكونها أخلت بوعدها في ربط الورش بشبكة الماء والتطهير السائل، بعدما طالبته بتحمل تكاليف تجهيز البنية التحتية خارج مساحة المشروع.

يذكر أن المشروع المذكور الذي يقع على شاطئ جنوب مدينة طنجة، انطلقت به الأشغال عام 2007، عبر شركة عقارية تضم ثلاثة شركاء، اثنان من بريطانيا إضافة إلى المغربي العربي التدلاوي، الذي يتوفر  على نسبة 60 بالمائة من رأس مالها البالغ 400 مليار سنتيم، لكن أشغال البناء توقفت بشكل مفاجئ سنة 2010، ليلجأ المتضررون لرفع شكايات لدى المحكمة الابتدائية ظلت حبيسة الرفوف، إلى أن انطلقت أواخر العام 2015 وقفات احتجاجية لزبناء المشروع أمام سفارة المغرب بلندن.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي