منطق الأشياء يفترض أن يكون اصطفافي دون أدنى تردد وبشكل تلقائي وطبيعي في الصف المدين لتوفيق بوعشرين، فالأمر يتعلق بتهمة العنف ضد النساء والاتجار في البشر.
إن المساواة بين الجنسين ومناهضة كل أشكال التمييز والعنف ضد النساء هو اختيار حياة ونمط عيش بالنسبة إلي، هما بوصلتي في اختيار موقعي للنضال من أجل إرساء الحق والعدالة الإنسانية.
تشبعت بهذه القضية وتملكت ما يكفي من الأدوات والوسائل لأستشعر ببداهة أي مظهر من مظاهر المس بالحقوق الإنسانية للنساء، الظاهر منها والباطن وأحدد من خلالها من الخصم ومن الحليف لحقوق النساء ببلدنا.
فماذا استشعر حسي النسائي من هذه القضية؟
أدنت تلقائيا اعتقال توفيق بوعشرين منذ الإعلان عنه وقبل أن يتم الترويج لصك اتهامه. لكن الأمر لم يكن مفاجأة بالنسبة إلي، لأنني كنت أتوقع ذلك. إذ كنت بمجرد ما أنتهي من التهام افتتاحياته الأنيقة والعميقة، أتساءل بعجب كيف أن أصحاب العقد والحل في هذا البلد السعيد لم ينتفضوا بعد للانقضاض على الرجل وافتراسه. فقد أثبتت السنين الأخيرة يوما عن يوم ضيق سعة خاطر هؤلاء لتحمل أية تغريدة خارج السرب. بصيرتي العمياء ومنطق تحليلي الساذج دلاني لجواب أشفى غليل تساؤلاتي: قلم بوعشرين هو حجة النظام على احترام حرية التعبير والصحافة في المغرب وورقة من الأوراق الرابحة التي يمكن أن تشهرها الدولة المغربية متى توجهت لها أصابع الاتهام فيما يخص التضييق على الحريات. ذاكرتي القصيرة أنستني أن دولتنا العزيزة ومنذ زمن ليس بقريب لم تعد منشغلة البتة بتزيين صورتها في مجال حقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي..
ستأتي الصدمة من صك الاتهام، ليس لفظاعة التهم المنسوبة إليه، وليس لتنزيهي لهذا الرجل فيما هو منسوب إليه من أفعال جرمية، فلا معرفة لي بالشخص ولا بحميمياته، كما أن الجنس كعنصر من الثالوث المحرم في مجتمعاتنا قد فصم الشخصيات ووسَّع الفجوة بين ظاهرها وباطنها. ما أفزعني وصدمني هو لجوء الدولة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين بهذا الأسلوب الرخيص والخسيس والدنيء. فمهما كبر جرم بوعشرين و(الوقائع تثبت يوما عن يوم أنها تهم ملفقة)، فحجم إساءته لن ترهن مصير بلد، ولن تؤثر في مسار أمة. أما اعتماد الدولة على أساليب مخابراتية في تدبير الصراع السياسي فهو مخاطرة ترهن مصير مجتمع ككل، برجاله ونسائه. بل تضع حقوق هؤلاء الأخيرات على كف عفريت، فلا مساواة ولا إنصاف ولا في بلد الظلم والحݣرة. هذا ما لقننا التاريخ إياه في الأمس القريب. الرهان على التدبير الاستخباراتي للدولة لم يسفر إلا عن إدخال دول في أنفاق مظلمة وخانقة لم يستطع لحد الآن أي متبصر سياسي أن يتلمس لها مخرجا سالما (حتى لا أقول سلميا).
هو نفس التاريخ الذي علمني، ولا زال، أن ربيع النساء لم يتفتق ولم يزدهر إلا في دول الحريات والحق والقانون والعدالة الاجتماعية. بالفعل، إن أكبر الضحايا في هذا الملف، هن النساء اللواتي زج بهن تعسفا في هذه النازلة، بل إن ضررهن أقوى وأعمق من الضرر الذي يصيب توفيق بوعشرين وعائلته. فالرصاصة موجهة لهذا الأخير، وهو كان مستعدا لها، لكن شظاياها عصفت باستقرار حياة هؤلاء النساء وبسمعتهن وحياتهن المهنية لا لشيء، ودون ذنب مرتكب سوى أن الدولة لا تحب توفيق بوعشرين.
ضحية أخرى زج بها قهرا في هذا الملف، ومن شأن ذلك أن يعصف بأخضرها ويابسها إذا لم نتملك الحكمة والحذر والحس الحقوقي العميق، وهي قضية النساء وحقوقهن. فهي استعملت تعسفا كحق أريد به باطل من أجل إخراس الأصوات الحرة، في حين أن غايتها النبيلة في الأصل هي التصدي لكل أنواع الظلم والجور والاستبداد ضد الإنسانية بمعناها الشمولي والنسائي.
نعم لننتفض لمؤازرة النساء المقحمات في هذا الملف، وللتضامن معهن والشد على أيديهن لكي يعبرن بسلام هذه المحنة ولجبر ضررهن، لكن حذار ثم حذار من عدم إبصار الخصم الحقيقي.
شريط الأخبار
“كاف” يحدد موعد نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية
النيابة العامة تطالب بسجن المدرب السابق للمنتخب النسوي الإسباني على خلفية قضية القبلة القسرية
ثلاثون شابا يستفيدون من ورشة للتصوير الفوتوغرافي بسلا
تجمع دعم العائلات المغربية المطرودة من الجزائر يستعد لتخليد ذكرى المأساة
بولندا وأوكرانيا يكملان عقد المتأهلين إلى بطولة أمم أوروبا 2024
منح شهادة الجودة للمعهد الوطني للصحة
فوزي لقجع يترأس ملتقى مفتشي الملاعب بالرباط المنظم من طرف “كاف”
الوقاية المدنية تنتشل جثة تلميذ قضى غرقا في قناة للري ضواحي أزيلال
مدرب منتخب الجزائر لأقل من 20 سنة يصفع عددا من لاعبيه في مشهد عنف غير مألوف
العادات والتقاليد المتوارثة في الجنوب محور إصدار جديد من مجلة “سلسلة تراث”
بنواكير: ضحايا ملف بوعشرين هم النساء المقحمات عنوة
15 يونيو 2018 - 22:00