ثلاثة أسابيع بعد تحذير كاردينال المغرب، كريستوبال لوبيث، من تزايد معاناة المهاجرين في المغرب منذ إعلان حالة الطوارئ في 20 مارس المنصرم، يبدو أن آلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء المقيمين في مختلف المدن المغربية يعيشون «الفقر المدقع» هذه الأيام بعد انسداد أهم مصادر قوتهم اليومي والمتمثلة، أساسا، في التسول في الشوارع والطرقات ومحطات الحافلات، أو ممارسة بعض الأنشطة ذات الدخل الهزيل. وتعتبر هذه الفئة الاجتماعية من أكبر ضحايا فيروس كورونا في المملكة، بحكم أن جزءا منها لا يتوفر على وثائق الإقامة، كما أنهم لا يستفيدون من الدعم الاجتماعي الذي خصصته الحكومة المغربية للفئات الهشة.
في هذا الإطار، يعيش نحو 20 ألف مهاجر نظامي وغير نظامي، جلهم من إفريقيا جنوب الصحراء، الفقر المدقع بعد فرض الحجر الصحي، وتمديد حالة الطوارئ إلى 20 ماي المقبل، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الإسبانية «إيفي». وأدى توقف بعض الأنشطة الاقتصادية الصغيرة، مثل المطاعم والمقاهي والبناء التي يشتغل فيها بعض المهاجرين، وتوقف نشاط التسول بسبب غياب المارّة، إلى توجه هؤلاء المهاجرين إلى الكنيسة ومنظمة الهجرة العالمية لطلب المساعدة. وأكد دانيال نوريسات، قس كاتدرائية الرباط، أن طلبات المساعدة تتقاطر على الكاتدرائية منذ إعلان حالة الطوارئ، قائلا: «بعد أيام قليلة من تطبيق الحجر الصحي، طرق المهاجرون الباب الخلفي للكاتدرائية يرددون كلاما بسيطا جدا: نحن جائعون، ساعدنا يا أبتاه»، حسب الوكالة الإسبانية. وأضاف المصدر عينه أن الكاتدرائية تحولت في هذه الأيام إلى ما يشبه مخزن سلع، حيث تتكدس فيها أكياس مليئة بالدقيق والسكر والأرز والزيت والحليب وعلب السردين والحفاظات، في انتظار أن يوزعها أفراد متطوعون على المهاجرين الذين يطلبون المساعدة. وقال دانيال نوريسات إن نحو 2500 مهاجر استفادوا من «القفة» التي تمنحها الكنيسة في هذه الأيام.
ومن أجل تخفيف الضغط عن كاتدرائية الرباط، ومن أجل تخفيف أعباء التنقل عن المهاجرين، وتجنب تجمعهم أمام الكاتدرائية، ستقوم منظمة الهجرة الدولية في الأيام المقبلة بتوزيع سندات لشراء السلع من أحد المتاجر المحلية، كما أن المنظمة الإسبانية المهتمة بشؤون اللاجئين «كاريتاس» تقوم بمساعدة المهاجرين لشراء الأدوية.
وأشار قس الرباط إلى أن الكاتدرائية تحاول التواصل مع المنظمات الدولية من أجل تمويل الحملة التضامنية التي تقوم بها لمساعدة المهاجرين المحتاجين، لكن، إلى حدود الساعة، وحدها منظمة الهجرة العالمية استجابت لندائها، علما أن منظمة الهجرة العالمية أغلقت مكتبين في الرباط في ظل الحجر الصحي وتشتغل عن بعد. ويبدو أن القس غاضب من عدم تدخل السفارات الأوروبية لدعم المهاجرين في هذه الظروف الصعبة، حيث إن البعثات الأجنبية تهتم بالأمور البيروقراطية أكثر من الشؤون الإنسانية، حيث اشتكى قائلا: «يطلبون مني (الأوروبيون) الوثائق تلو الوثائق لإتمام الإجراءات، لكننا أمام طارئ إنساني. الناس يموتون من الجوع». وقال القس إنه يشعر بوخز الضمير بخصوص المساعدات التي يوزعها، رغم أنها الإمكانية الوحيدة لدعم المهاجرين، لأنه يسهم بذلك في «السياسة الأوروبية المخزية التي تتجلى في إبقاء المهاجرين الذين لا ترغب فيهم أوروبا في المغرب».