رأي لمجلس عزيمان حول "الباكالوريوس" يثير جدلا

25 ديسمبر 2021 - 12:00

يروج في مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة رأي منسوبة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين حول نظام الباكلوريوس، ورد فيها أنها أعدت  بناء على إحالة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش. ويأتي ذلك في وقت انتهت صلاحية المجلس ولم يعين أعضاؤه بعد. فكيف يصدر وثيقة ولماذا لم يعلن عنها ببلاغ؟

الوثيقة المتداولة التي اطلع عليها الموقع  تتحدث عن مشروع المرسوم الذي أعدته الوزارة الوصية، حول الباكلوريوس مشيرة إلى أنه « لم يقدم المبررات العلمية والبيداغوجية التي أفضت إلى تغيير مدة التكوين في السلك الأول للتعليم العالي وفي الماستر ».

وقال المجلس، إن الرأي الذي أعده، جاء استجابة لطلب أحيل عليه من طرف رئيس الحكومة في 13 شتنبر الماضي، بشأن «مشروع المرسوم المتعلق بتحديد اختصاصات المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا وكذا الشهادات الوطنية المطابقة ».

وأوضح الرأي، أن « تمديد مدة التكوين بالسلك الأول من التعليم العالي اقتصر على إرساء وحدات الكفايات الحياتية والذاتية ووحدات الانفتاح، وأفضى إلى تقليصٍ في الغلاف الزمني المخصص للوحدات المعرفية »، كما أن « تقليص مدة التكوين في الماستر لا يجد مبررا في تمديد مدة الدراسة بسلك البكالوريوس، وسينعكس ذلك حتما على جودة التكوين بالنسبة للحاصلين على البكالوريوس، والذين يظلون في حاجة إلى تعميق التخصص الذي لا يمكن اختزال المدة التي يتطلبها في سنة واحدة فقط ».

ولاحظ المجلس أنه « لم يتم توضيح كيف سيتم التغلب على محدودية التأطير بمؤسسات الولوج المفتوح، والتدريس في مجموعات صغيرة كما تستلزم ذلك وحدات اللغات والكفايات الحياتية؛ مما يثير التساؤل حول مدى إمكانية تدريس هذه المواد بالجودة التي تُحقق أهداف اكتساب الكفايات والمهارات ».

ولاحظ المجلس، أن مذكرة تقديم مشروع المرسوم، لم تحدد التصور الذي يبرر تغيير الهيكلة البيداغوجية للتعليم العالي بإضافة سلك البكالوريوس، « مما ينتج عنه عدم وضوح الرؤية ويثير بعض التساؤلات حول الأهداف التي يرمي إليها ».

وتابع المجلس، « تظل الغاية من هذا التغيير غير واضحة: هل يهدف التنظيم الجديد إلى التغلب على الصعوبات المتعلقة بإشكاليات الجودة والهدر الجامعي التي يعرفها النظام المفتوح؟ أم يراد منه استبدال النظام البيداغوجي الذي اعتمده المغرب سنة 2004 بالتنظيم «الأنجلوسكسوني » المعمول به في كثير من البلدان؟ »، مضيفا، « إذا كان الهدف هو التغلب على إكراهات النظام المفتوح، فلماذا ينص مشروع المرسوم (المادة 12) على إحداث سلك البكالوريوس بمؤسسات الولوج المحدود التي هي غير معنية بإشكاليات الجودة والهدر الجامعي؟ ».

واعتبر المجلس أن مشروع المرسوم لم يُرفق بوثيقة تقديمية توضح الأسس والخيارات الاستراتيجية التي تنبني عليها التغييرات التي سيعرفها التنظيم البيداغوجي، وتحدد الأهداف المتوخاة من اعتماد هذا السلك الجديد، ولا التدابير الداعمة لتفعيل هذا التنظيم بمؤسسات الولوج المفتوح وشروط نجاحه، « فقد ظلت مجموعة من التساؤلات والملاحظات قائمة حول هذا المشروع ».

واستمر المجلس في سرد ملاحظاته، مؤكدا أن مشروع المرسوم « لا يوضح ما إذا كان سلك البكالوريوس سيغير جذريا نظام «إجازة-ماستر-دكتوراه»، أم سيكتفي بتغيير مدة التكوين في الإجازة وفي الماستر؛ حيث يُفهم من النص أن الأمر يتعلق بسلك إضافي داخل الهندسة البيداغوجية الحالية، يوازي سلك الإجازة ».

ومن بين الملاحظات التي سجلها المجلس أيضا، أن « إضافة سلك جديد وموازي لا يضمن تحقيق أهداف جودة التكوين بمؤسسات الولوج المفتوح؛ حيث أن التجارب الوطنية السابقة «الإجازة التطبيقية» و«الإجازة المهنية» قد أبانت عن عدم نجاعة «تنظيم موازي» يستقبل عددا محدودا من الطلبة، ويتطلب موارد مادية وبشرية مهمة، غالبا ما يتم تعبئتها على حساب المسالك التي تستقطب الأعداد الكبيرة من الطلبة في نفس المؤسسة ».

وذهب المجلس في رأيه إلى القول بأن « عدم تعميم سلك البكالوريوس واعتماد سلكين متوازيين بمؤسسات الولوج المفتوح سيحدث اضطرابا تدبيريا بهذه المؤسسات، لاسيما في ظل الإكراهات الحالية المتعلقة بالقدرات والموارد المتوفرة »، كما أن « اعتماد سلكين متوازيين سيخلق صعوبات في تدبير المسارات التكوينية للطلبة، ويستلزم إرساء ضوابط بيداغوجية لتحديد الجسور بينهما، وكيفية احتساب الأرصدة القياسية للطالب المنتقل من سلك إلى آخر وشروط ترصيد المكتسبات ».

وتحدث عن غياب بيانات حول التكلفة المادية التي ستترتب عن السنة الإضافية لسلك البكالوريوس من حيث الموارد البشرية والمالية، وما سيحققه هذا المجهود المادي في تحسين مستوى نجاعة المنظومة، باعتبار أن الغلاف الزمني الإضافي سيخصَّص عموما لوحدات الكفايات الحياتية.

ويرى المجلس، أن المقتضيات التي جاء بها مشروع المرسوم، « بالرغم من أنها ذات طابع تنظيمي وإجرائي، تحيل على نظام بيداغوجي يحمل توجها استراتيجيا قد يفضي إلى تغيير جذري يمس ركنا من أركان التعليم العالي، ويغيِّر نظام، إجازة- ماستر دكتوراه ».

وأوضح أنه بالنظر للطابع الوازن للمقتضيات المتعلقة بالإصلاح البيداغوجي التي يحملها مشروع المرسوم؛ فإن المجلس « ارتأى أن يقتصر في رأيه على تلك التي تنظم سلك البكالوريوس، وذلك عبر بعض الملاحظات ومجموعة من التوصيات التي يرى أنها ستفيد في تدقيق محددات هذا الإصلاح وتعزيز مقومات إنجاحه ».

هل لازال المجلس يشتغل؟

وكان عبد الناصر الناجي الخبير التربوي أشار في مقال نشره موقع « اليوم24 » إلى أن أشغال المجلس الأعلى توقفت منذ آخر دورة لجمعيته العامة نظمت يوم 10 يوليوز 2019 ولم يجتمع مكتبه ولا جمعيته العامة ولا اشتغلت لجانه الدائمة منذ أكثر من عامين، في انتظار تجديد العضوية أو تعيين أعضاء جدد بعد انتهاء الولاية الأولى للمجلس في صيغته الجديدة المفعلة للمادة 168 من دستور 2011.

وقال بما أن كل هؤلاء لم يتم تجديد عضويتهم ولا تعيين من يعوضهم، فإن المجلس لا يتكون الآن سوى من الطاقم الإداري ومن الهيئة الوطنية للتقييم، متسائلا هل يكون الموظفون هم من صاغ الرأي المتداول في الصحافة حول البكالوريوس؟ أم أن الهيئة هي من فعلت ذلك؟ وهي على كل حال حسب القانون المنظم للمجلس لا دور لها في إصدار آراء المجلس إلا عندما يتعلق الأمر بمواضيع لها علاقة بالتقييم.

كما تساءل، تم احترام مقتضيات هذه المسطرة في صياغة والمصادقة على الرأي، والحال أن مكتب المجلس غير موجود ولا لجانه ولا جمعيته العامة؟

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي