عودة الانقلابات إلى منطقة غرب افريقيا.. هل تضع المغرب أمام تحديات أمنية جديدة؟

30 يناير 2022 - 15:30

عاد حزام الانقلاب والاضطرابات الأمنية، الوصف الذي أطلق على منطقة غرب ووسط أفريقيا، والذي بات يشمل دول غينيا وبوركينا فاسو ومالي، ليجسد معناه، مع رابع انقلاب تشهده المنطقة خلال عام، بإعلان جنود متمردين في بوركينا فاسو، وسط مخاوف من أن تمثل هذه التطورات الأمنية في المنطقة، تحديات جديدة أمام المغرب.

وفي ذات السياق، يقول الباحث في العلاقات الدولية نبيل الأندلسي، أن الإنقلابات العسكرية بالقارة الإفريقية عادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأصبحت ظاهرة مقلقة للمنتظم الدولي، ولدول المنطقة على حد سواء، إعتبارا لتأثيرات هذه الإنقلابات على الأمن والإستقرار الإقليمي.

حدوث هذه الإنقلابات المتوالية، تتم لإعتبارات عدة، حسب الأندلسي، وعلى رأسها هيمنة العسكر والجيش على زمام السلطة والحكم بهذه الدول، وبسبب إنتشار الفساد والنهب لثروات هذه الشعوب وتمركز الإستفادة من خيرات البلاد في أيدي كبار ضباط الجيش والحكومات، مما يجعل الضباط الصغار في الغالب هم من يقودون هذه الإنقلابات.

هذه الإنقلابات التي تعرفها القارة الإفريقية تطرح على المغرب، عددا من التحديات، حسب الباحث في العلاقات الدولية، خاصة على المستوى الأمني.

المغرب، ورغم أنه غير معني بشكل مباشر بهذه الظاهرة، في ظل الإستقرار السياسي الذي يتمتع به، يقول الأندلسي، فإنه معني بالإشكال إقليميا، اعتبارا للعمق الإفريقي والحضور المغربي في إفريقيا، لكن ورغم هذا الحضور القوي للمغرب في إفريقيا، فإنه يعتمد بشكل عام مقاربة الحياد والنأي عن الدخول في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وهو ما يجعل المملكة المغربية تحظى بإحترام القادة الأفارقة ويعزز مكانتها في القارة السمراء.

سياسة النأي بالنفس، ترجمتها مواقف المغرب الأخيرة، بعدم التعليق رسميا على ما يقع في بوركينا فاسو والتشاد، مقابل تمسكه باستقرار مالي.

وبدأت سلسلة الانقلابات في مالي، حين استولت مجموعة من ضباط الجيش على السلطة في غشت عام 2020، بعد الإطاحة بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، عقب احتجاجات كبيرة مناهضة للحكومة، بسبب تدهور الأمن والتنازع على نتائج انتخابات تشريعية شابتها مزاعم فساد، وسلم المجلس العسكري، تحت ضغط من الدول المجاورة لمالي في غرب أفريقيا، السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة مدنية، مهمتها الإشراف على عملية انتقالية مدتها 18 شهرًا، حتى إجراء انتخابات ديمقراطية في فبراير المقبل.

نشبت خلافات عدة بعدها بين قادة الانقلاب والرئيس الانتقالي الجديد الكولونيل المتقاعد باه نداو، لينفذوا انقلابا ثانيا في ماي عام ألفين وواحد وعشرين، تم بمقتضاه تعيين نائب الرئيس الانتقالي أسيمي جويتا في منصب الرئاسة، ليفشل من جديد في إحراز أي تقدم يذكر نحو تنظيم انتخابات، بل أعلن أواخر العام الماضي تأخيرها خمس سنوات؛ مما دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” هذا الشهر، إلى فرض عقوبات صارمة منها إغلاق حدود الدول الأعضاء مع مالي.

أما في تشاد التي تشهد صراعا مع المتمردين في الشمال، فقد أعلن الجيش الاستيلاء على السلطة في أبريل الماضي، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي أثناء زيارة ميدانية لجنود يحاربون المتشددين في الشمال، ووفق الدستور كان من المفترض أن يصبح رئيس البرلمان رئيسا جديدا للبلاد، لولا تشكل مجلس عسكري أعلن تدخله فحل البرلمان بذريعة ضمان الاستقرار، وتم تعيين نجل ديبي، الجنرال محمد إدريس ديبي، رئيسا انتقاليا، وكلف بالإشراف على عملية انتقالية مدتها ثمانية عشر شهرا حتى إجراء انتخابات.

لم تكن غينيا بمعزل عن حمى الانقلابات، إذ أعلن قائد القوات الخاصة فيها الكولونيل مامادي دومبويا، انقلابا في شتنبر الماضي، على الرئيس ألفا كوندي، وعزا تحركه إلى انتشار الفقر والفساد، بعد أن أثار كوندي غضب المعارضين بتغييره الدستور، ليتحايل على حدود فترات الرئاسة، التي كانت ستمنعه من الترشح لولاية ثالثة، وبالفعل فاز بفترة رئاسة ثالثة في اقتراع أجري في أكتوبر عام 2020.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *