والهزيمة التي أضحت احتمالا كبيرا قد تعرقل جهود أوباما في إدارة الشؤون الخارجية والداخلية خاصة إذا ساهم زملاؤه الديمقراطيون في هذه الهزيمة.
تلك الهزيمة ستضر بالرئيس الأمريكي في فترة حرجة لا يواجه فيها سوريا فحسب بل أيضا الأنشطة النووية لإيران وكوريا الشمالية وجولة أخرى من المعارك مع الجمهوريين بخصوص القضايا المالية ومشروع قانون بشأن الهجرة فضلا عن معركة قد تكون شاقة لترشيح الرئيس الجديد لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي).
وتنأى الإدارة بنفسها عن اللعب بورقة رئاسة أوباما في الوقت الذي يدرس فيه الكونغرس مشروع قرار للتفويض بالقيام بعمل عسكري اذأن ذلك سيحول دفة الجدل تجاه الرئيس وسيتسبب في خسارته لاصوات بعضالجمهوريين الذين يعول عليهم.
وقال أوباما في مؤتمر صحفي بمدينة ستوكهولم قبل أياتم «مصداقيتي ليست على المحك». وجاءت تصريحات الرئيس الامريكي بعد خمسة أيام من إعلان عزمه الحصول على تفويض من الكونجرس بتنفيذ ضربة في سوريا بسبب هجوم بالأسلحة الكيماوية وقع يوم 21 أغسطس اب في هذاالبلد.
وأضاف أوباما «مصداقية المجتمع الدولي على المحك. ومصداقية أمريكا والكونغرس على المحك».
لكن إذا كانت هناك قضية مهمة في غاية الوضوح للكافة لكن يتحرج الجميع الحديث عنها.. فهي إرث أوباما. وقال ديفيد روثكوبف، المسؤول السابق بإدارة الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون والذي يرأس الآن شركة «غارتن روثكوبف العالمية للخدمات الاستشارية» إن تصويت الكونغرس بالرفض سيكون «كارثيا» لأوباما.
وأضاف روثكوبف «ذلك سيؤكد الصورة المعروفة عنه باعتباره بطة عرجاء… سيبدو عليه الوهن ومن المستبعد أن يحقق الكثير أثناء الفترة المتبقية من ولايته».
وقال جورج ادواردز خبير الشؤون الرئاسية بجامعة «إيه أند إم» في تكساس «أعتقد أن التصويت بالرفض سيمثل صفعة قوية للرئيس… يبدو أنه سيكبل يديه».
وسيقع ضرر أكبر على أوباما إذا صوت كثير من الديمقراطيين – أعضاء حزبه – برفض طلبه وهو ما يبدو مرجحا في الوقت الراهن.
ويعلم رئيس مجلس النواب الأمريكي جون بينر بصورة خاصة عواقب تضاؤل أنصار أي زعيم. فخلال مواجهة الهاوية المالية في دجنبر أحبط زملاؤه الجمهوريون في المجلس اقتراحا كان يعتقد أنه قد يساعد على حل الخلاف بخصوص زيادة الضرائب والخفض التلقائي الكبير للإنفاق.
وبعد ذلك تراجع بينر في المواجهات مع أوباما لاسباب منها أنهلم يعد قادرا على التحدث باسم حزبه في مجلس النواب.
ومن المقرر أن يواجه أوباما تحديا صعبا في أكتوبر عندما يجابه مطالب من الجمهوريين بخفض الإنفاق مقابل زيادة حد الإقراض للبلاد أو سقف الدين.
ويواجه الرئيس الأمريكي معركة أخرى محتملة إذا رشح ل»اري سامرز»- الذي تردد أنه مرشحه المفضل حاليا – لخلافة «بن برنانكي» في مجلس الاحتياطي الاتحادي بعد انتهاء فترة ولايته في 31 يناير المقبل. وقال البيت الابيض إن من المتوقع الإعلان عن خليفة برنانكي في الخريف.
ولعل ما يتعرض للخطر على الصعيد المحلي في التصويت على ضرب سوريا هو «رأس المال السياسي» للرئيس أو ذلك النفوذ الذي يكتسبه الرؤساء مع كل انتصار أو يفقدونه مع كل هزيمة خاصة إذا كانوا جزءا من القضية.
ورأس المال السياسي شيء لا يمكن قياسه والتأثير الواقع على القضايا الداخلية محل تكهنات. ولكن الأكثر وضوحا هو تأثير الهزيمة على أوباما على الساحة الدولية بعيدا عن سوريا.
وقال مسؤول أمريكي أن التصويت على ضرب سوريا بالنسبة لأوباما وفريقه الخاص بالأمن القومي يمثل في الحقيقة رغبة في التحقق أكثر مما إذا كان بإمكانهم التعويل على الكونجرس في حال تأججت المواجهة النووية مع إيران إلى حد يستلزم التحرك أو إذا ما صعدت كوريا الشمالية من استفزازاتها الى مستويات جديدة.
وتصويت الكونغرس بالرفض في الوقت الحالي سيؤثر كثيرا على السعي وراء موافقة الكونجرس في حال شعر أوباما بضرورة استخدام القوة مجددا.
ودون الإشارة إلى أوباما قدم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري صورة قاتمة في جلسة بخصوص مشروع قرار التفويض. وقال كيري ومسؤولون آخرون إن تصويت المشرعين بالرفض من شأنه أن يشجع إيران وكوريا الشمالية ويزيد من احتمالات استخدام جماعة إرهابية أسلحة غير مشروعة.
لا شك أن الجمهوريين سيستغلون الهزيمة لصالحهم. فمن بين الانتقادات الرئيسية التي يوجهها الجمهوريون لأوباما أنه زعيم ضعيف وإسهام المشرعين الديمقراطيين في التصويت بالرفض سيعزز رؤية الجمهوريين في الوقت الذي تستعد فيه الإدارة لخوض المعارك المالية في الخريف.
وبينما سعت الإدارة إلى فصل القضية عن شخص أوباما تظل المخاطر التي تحدق برئاسته محل اعتبار لدى كثير من الديمقراطيين في الكونغرس وهم يفكرون في قرارهم بشأن التصويت.
وقال النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا جورج ميلر الذي لم يتخذ قراره بعد في مقابلة مع رويترز «بالطبع تفكر في ذلك»
وأضاف «بالتأكيد تفكر في ذلك ولكن لا يمكن أن يكون هذا هو العامل المحدد… بالطبع أريد للرئيس أن ينجح». لكنه تابع «عندما ألتقي بالناخبين في دائرتي… كنت أسألهم عنرأ. انهم يشعرون بقلق بالغ تجاه أي تدخل منا هناك»