مسلمون يغادرون فرنسا خفية جراء الخطاب المعادي للمهاجرين في الحملات الانتخابية

21 فبراير 2022 - 07:00

دفعت هيمنة موضوع الهجرة على جميع النقاشات الانتخابية من قبل بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية -المزمع إجراؤها في العاشر من أبريل المقبل- إلى مغادرة العديد من مسلمي البلد إلى الخارج، هربا من « العنصرية » حسب مقال نشرته جريدة « نيويورك تايمز » الأمريكية.

وجمعت الجريدة عدة مواقف لمسلمين فرنسيين غادروا بلادهم للعيش في المنفى. وقالت إن الحديث عن « الهوية الوطنية » منذ سنين جعل بعض المرشحين يركزون بشكل مفرط على الهجرة وهو ما يشهد على وجود أزمة عميقة في فرنسا على حد قولها. وأضافت أن بعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية يدلون بتصريحات مهينة بحق الفرنسيين المسلمين، على غرار إيريك زمور الذي قال حسب الجريدة إن « أرباب العمل الفرنسيين لهم الحق في رفض تشغيل العرب والسود ».

ونشرت يومية « نيويورك تايمز » الأحد تحقيقا بعنوان « رحيل في الخفاء لمسلمي فرنسا » حول الأسباب الكامة وراء المغادرة للعيش في بلدان أجنبية، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا.

ويقول صبري لواتاح (38 عاما)، وهو روائي يعشق اللغة الفرنسية: « اعتداءات 2015 هي التي جعلتني أغادر فرنسا. فهمت بأنهم (الفرنسيون) لن يغفروا لنا هذا الحادث ». فرغم ولادته في فرنسا وامتلاكه لعلاقات عائلية وطيدة في مدينة « سانت إتيان بجنوب فرنسا، إلا أنه قرر أن يستقر في مدينة فيلادلفيا، بولاية بنسيلفانيا، في الولايات المتحدة الأمريكية برفقة زوجته بسبب « عدم شعوري بالأمن والأمان في فرنسا » فضلا عن تعرضه إلى « العنصرية » ونعته « بالعربي القذر ».

وتابع قائلا: « عندما تسكن في مدينة كبيرة وذات توجه ديمقراطي مثل فيلادلفيا، فإنك تشعر بالراحة والاطمئنان، عكس باريس حيث نشعر بأننا في مرجل ».

من جهته، أكد عمار مكروس (46 عاما) وهو فرنسي مسلم كان يعيش في الضاحية الباريسية قبل أن يغادر برفقة زوجته الفرنسية إلى مدينة « ليسيستر » البريطانية: « لا أعامل على أنني فرنسي إلا عندما أكون في الخارج ». وأردف: « أتحدث باللغة الفرنسية وتزوجت من فرنسية وأحب المطبخ الفرنسي والثقافة الفرنسية، لكن رغم كل هذا، في بلدي لست فرنسيا ».

نفس الحكاية تقريبا رواها إلياس سعافي (37 عاما) وهو مسؤول في قسم التسويق في شركة مالية أمريكية تملك مكتبا في بريطانيا. وقال « ما جذب اهتمامي هنا في بريطانيا هو أنه خلال عشاء عمل، تم تقديم أنواع عديدة من المأكولات، من بينها مأكولات نباتية وأخرى حلال (وفقا لتعاليم الدين الإسلامي) إضافة إلى اختلاط وتعدد الثقافات ».

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يركز بعض المرشحين من اليمين المتطرف مثل إيريك زمور (حزب الاسترداد) ومارين لوبان (حزب التجمع الوطني) على موضوع الهجرة والمهاجرين ويحذرون من تجسيد نظرية « الاستبدال الكبير » على أرض الواقع.

أولفييه أستيفيز، أستاذ في معهد الدراسات والأبحاث الإدارية والسياسية في جامعة « ليل » بشمال فرنسا، أكد أن « السياسيين الفرنسيين لا يتحدثون كثيرا عن الهجرة العكسية والمتمثلة في رحيل مئات من الفرنسيين المسلمين إلى بريطانيا أو كندا على سبيل المثال للعيش والعمل هناك والمساهمة في نمو اقتصاد تلك الدول ».

و قد أشارت دراسة نشرتها الحكومة الفرنسية في شهر نوفمبر 2021، أن الفرنسيين من أصول مسلمة لديهم حظوظ أقل لكي يتصل بهم رب عمل ما لإجراء مقابلة معهم بهدف توظيفهم. وهو ما أدى بالشابة مريم غريبو (31 عاما) إلى ترك فرنسا لمدة ست سنوات متجهة إلى سويسرا ثم السنغال من أجل العمل هناك. لكنها عندما قررت العودة إلى فرنسا حيث تقطن عائلتها، لم تجد عملا. « الشعور بأنني غريبة في بلدي يطرح لي مشكلة حقيقية. يجب أن يتركونا نعيش وفق معتقداتنا الدينية وضميرنا ».

واعتبرت الوزيرة السابقة في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، لراما ياد، أن « التركيز المفرط حول موضوع الهجرة من قبل المرشحين خلال الحملة الانتخابية، ما هو إلا نتيجة لعشرين عاما من الحديث عن الهوية الوطنية ». وأشارت الجريدة الأمريكية في ختام تحقيقها إلى أن موضوع الهجرة فرض نفسه في الحملة الانتخابية على الرغم من أن عدد المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا أقل بكثير مقارنة بدول غربية أخرى.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي