اعتماد مجلس النواب حكومة باشاغا يدخل ليبيا مرحلة خطرة

01 مارس 2022 - 02:00

يرفع اعتماد مجلس النواب الليبي في طبرق حكومة فتحي باشاغا، التصعيد السياسي والعسكري في العاصمة طرابلس إلى درجة أعلى، أمام إصرار عبد الحميد الدبيبة، على عدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

وكان باشاغا، حاز في وقت قريب على « توافق » بين مجلسي النواب والأعلى للدولة (استشاري نيابي)، بالإضافة إلى دعم روسي مصري، لكن المظاهرات الحاشدة التي شهدتها بعض المدن في ذكرى ثورة 17 فبراير 2011، والرافضة للتمديد والمطالِبة بإجراء الانتخابات، دفعت مجلس الدولة لتغيير بوصلته.

وأقر خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، أن رفض أعضاء المجلس لخارطة الطريق التي اعتمدها البرلمان، جاء نتيجة لضغوط شعبية، وقال « نحن حريصون للاستجابة لضغوط الشارع ومطالباته… بتجديد الشرعية والأجسام القائمة ».

بينما اعتبر محمد صوان، رئيس الحزب الديمقراطي (إسلامي)، جلسة الخميس الماضي، التي صوت فيها غالبية أعضاء مجلس الدولة ضد تعديلات مجلس النواب، بأنها « ليس لها أي أثر قانوني »، وأشار إلى أن « أعضاء مجلس الدولة الموافقون على تعديلات النواب لم يحضروا الجلسة ».

وسيكون لجلسة الخميس، أثر سياسي قوي، حيث عززت من موقف الدبيبة، الذي يحظى بتأييد شعبي بارز في المنطقة الغربية، ومن شأن موقف مجلس الدولة، أن يدفع بخطته لتنظيم الانتخابات البرلمانية والاستفتاء على الدستور بشكل متزامن في يونيو المقبل.

ويعول الدبيبة هذه المرة، بعدما استعاد دعم مجلس الدولة، على إقناع المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي بالوقوف في صفه، رغم أن الأخير فضل الحياد في هذا الصراع.

وحسب تسريبات صحفية، فإن تشكيلة حكومة باشاغا، التي سلمها إلى مجلس النواب، السبت، لن تقل عن 27 عضوا، وهو عدد كبير مقارنة بمطالبات سابقة لنواب بحكومة مصغرة تضم كفاءات وتكنوقراط، خاصة وأن دورها الأساسي سيقتصر على إجراء الانتخابات بالدرجة الأولى، وتوفير الخدمات خلال 14 شهرا التي حددتها خريطة طريق البرلمان.

بينما ذهبت قناة بانوراما (محلية) إلى أبعد من ذلك، عندما نقلت عن مصدر خاص، أن التشكيلة الوزارية لحكومة باشاغا تتكون من 31 حقيبة وزارية، موزعة على 14 وزارة للمنطقة الغربية، بينها الداخلية والخارجية، و10 للمنطقة الشرقية بينها المالية والعدل، و7 للمنطقة الجنوبية بينها الدفاع والحكم المحلي.

وما سبق يرجح أن حكومة باشاغا، لن تكون حكومة كفاءات بقدر ما هي حكومة محاصصة إقليمية وترضيات، وهي التهمة ذاتها التي وجهها مجلس النواب لحكومة الوحدة وقبلها حكومة الوفاق.

إشكالية النصاب

بينما اشترط على حكومة الوحدة في مارس/آذار 2021، حضور 120 نائبا على الأقل كنصاب قانوني لاعتماد الحكومة، يبدو أن حكومة باشاغا لا تحتاج سوى لحضور 86 نائبا، بحسب النائبة أسماء الخوجة. أي أن مجلس النواب لن يشترط حضور سوى نصف أعضائه بدل الأغلبية الموصوفة (120 نائبا)، كما سيعتمد الحكومة بالأغلبية المطلقة (50 في المائة+1) بحسب الخوجة.

ومن المتوقع أن تحصل التشكيلة الوزارية لباشاغا، على ثقة مجلس النواب في طبرق بسهولة، خاصة وأنه تم تسميته « بالإجماع » رئيسا للحكومة في 10 فبراير، ومنحت له مهلة أسبوعين.

غير أن نواب المنطقة الغربية، الذين يعتقد أنهم يمثلون أكثر من نصف (دستوريا 100 نائب من إجمالي 200 من المنطقة الغربية)، يواجهون ضغوطات شعبية من مدنهم بعدم المشاركة في عملية التصويت على الحكومة الجديدة. كما أن عددا ليس بالقليل من النواب يدعمون حكومة الدبيبة، لكن لم يظهر تأثيرهم فعليا في جلسة انتخاب رئيس الحكومة في 10 فبراير.

ويفضل العديد منهم مقاطعة الجلسة، وهو ما عبر عنه الدبيبة الأحد، قائلا « عدد من النواب لن يحضروا جلسة الإثنين. ولن يعطوا فرصة أخرى لمعرقلي الانتخابات »، مشددا أن « صفقة الغد في مجلس النواب حلم بعيد المنال ». وراهن الدبيبة، على ألا تحظى جلسة مجلس النواب في طبرق لمنح الثقة لحكومة باشاغا، بالنصاب الكافي حتى ولو تم الاكتفاء بـ86 نائبا بدل 120. وعدم حصول جلسة الإثنين، على النصاب الكافي، يجعل من السهل التشكيك في شرعية حكومة باشاغا.

من يفوز بطرابلس؟

منذ 2014، لم تحتمل طرابلس أكثر من حكومتين، رغم التعايش الصعب بين حكومتي الوفاق والإنقاذ ما بين 2016 و2017، والذي انتهى بمواجهة عسكرية حسمت لصالح الأولى. ومن المتوقع أن نشهد السيناريو نفسه، خاصة مع إصرار باشاغا على أن تعمل حكومته من طرابلس وليس من أي مدينة أخرى، وإلا ستصبح حكومة موازية.

وتجلت رغبة باشاغا هذه، من خلال إدلائه بتصريح صحفي من مطار معيتيقة بطرابلس، بعد ساعات من تسميته رئيسا لحكومة « الاستقرار ». وينطلق باشاغا من ثقته في قدرته على إزاحة حكومة الدبيبة من المشهد السياسي، من خلال الدعم الذي يحظى به من عشرات الكتائب في المنطقة الغربية، خاصة في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس).

غير أنه بالمقابل، تقف عدة كتائب مسلحة بما فيها من مصراتة إلى جانب الدبيبة، وتعارض شخصيات لديها نفوذ على كتائب مسلحة في الغرب الليبي، على غرار عبد الرحمان السويحلي، الرئيس السابق لمجلس الدولة، الذي أعلن وقوفه ضد تحالف باشاغا مع قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر.

وقال السويحلي الأحد، إن « صفقة حفتر-باشاغا، ليس لها أي أساس قانوني أو توافقي، خاصة بعد قرار مجلس الدولة رفض هذا العبث ».

ويكشف تشكيل الدبيبة، « قوة حماية الانتخابات والدستور »، ووضعها تحت سلطته بصفته وزيرا للدفاع، استعداده للمواجهة العسكرية إذا حاول باشاغا، والكتائب الداعمة له، تنحيته بالقوة.

وتصر المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، في أكثر من مناسبة، على « التوافق » و »الحفاظ على الاستقرار »، في إشارة إلى احتمال انزلاق البلاد مجددا إلى الاحتراب الداخلي. فالوضع في ليبيا حرج وحساس، وجلسة الإثنين، من شأنها إدخال البلاد في مرحلة خطيرة من الصراع المتجدد بأشكال مختلفة منذ 2014.

عن وكالة الأناضول.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي