لكن تقريرا صادرا سنة 2010 عن منظمة أمريكية مهتمة بمراقبة الأديان وحقوق الأقليات في العالم، تسمى «منتدى بيو» للديانة والحياة العامة، يؤكد أن اليهود المغاربة يشكلون نسبة 0,2 في المائة، أي حوالي 70 ألفا من مجموع المغاربة المحدد عددهم في حوالي 35 مليون نسمة، وهو عدد مبالغ فيه، تكذبه منشورات الجماعة اليهودية المغربية التي يترأسها «سيرجي بيرديكو».
ومهما كانت حقيقة عدد اليهود في المغرب فإن بعضهم يساهم بنشاط كبير في المجالات الاقتصادية والسياسية، ومنذ عهد الدكتور بنزاكين، يشارك في السلطة المغربية عدد من اليهود مثل سيرجي بيرديكو الذي كان وزيرا للسياحة في حكومتي كريم العمراني وعبد اللطيف الفيلالي، وهو رئيس مجلس الجماعات اليهودية بالمغرب، وسبق له أن ترأس التجمع الدولي لليهود المغاربة، والبرلماني جو أوحنّا الذي كان نائبا برلمانيا عن منطقة الصويرة، وفي عام 1986 تم تعيينه أمينا لصندوق رئاسة البرلمان.
ويبقى أندري أزولاي، المستشار الملكي في عهدي الحسن الثاني ومحمد السادس، أبرز شخصية يهودية مغربية رسمية في المغرب الحديث، فالصحافي ورجل الأعمال اليهودي الذي ينحدر من مدينة الصويرة، وزوج الكاتبة والصحافية «كاتيا برامي»، يترأس عددا من المنظمات الوطنية والدولية، ويعتبر شخصية عالمية من خلال نشاطه كرئيس للمنظمة الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات المتمركزة بالإسكندرية بمصر، وعضو مجلس الحكماء من أجل اتحاد الحضارات بالأمم المتحدة، والذي قدمت له في أبريل المنصرم ميدالية السلام باعتباره سفيرا للمواطن المتوسطي.
ولم يكن المغاربة اليهود جميعهم مرضيا عليهم من قبل السلطان، فتاريخ النضال السياسي والمقاومة المغربي حافل بأسماء كبيرة من اليهود الذين اختاروا معارضة النظام، وانتمى أغلبهم إلى تنظيمات سياسية يسارية، وتركوا أثرا بينا في المسار السياسي للمغرب قبل الاستقلال وبعده، ويبرز في هذا الجانب أبراهام السرفاتي مؤسس حركة «إلى الأمام»، وأحد أقطاب الحركة الماركسية العالمية، وسيون أسيدون مؤسس فرع ترانسبارنسي المغرب، وشيمون ليفي أحد مؤسسي حزب التقدم والاشتراكية، الذي كان يعرف بالحزب الشيوعي المغربي، في الأربعينات من القرن الماضي. ويمكن أن نجمل القواسم المشتركة بين جميع هؤلاء في مكافحتهم للاستعمار ومواقفهم المتقدمة من القضية الفلسطينية، حيث يعتبرون من أكبر المدافعين عن حق الشعب الفلسطيني في إنشاء وطنه على أرضه فلسطين، والمعادين للحركة الصهيونية العالمية.
ومهما كان التاريخ منصفا أو غير منصف لليهود المغاربة ومسارهم على هذه الأرض، فإنه لا يمكن إغفال ذكر مساهماتهم في تاريخ المغرب. لقد كانوا حاضرين في البلاط وفي الملاح، بين الفقراء والحرفيين، ووسط علية القوم، يحترفون تنظيف المجاري، وبيع الذهب. يجيدون العزف والغناء، ويتقنون التفاوض والترجمة والدبلوماسية.