قال محمد الساسي القيادي اليساري، إن أحزاب اليسار وهي في طريقها إلى الاندماج فيما بينها، تسعى إلى تقديم حل لإشكاليات ثلاث يواجهها المغرب بعد عقود من الاستقلال تتعلق بالتنمية والفوارق الاجتماعية والمجالية وكذا حسم مسألة الهوية.
وسجل الساسي خلال مشاركته، الثلاثاء، في ندوة بعنوان « المغرب… الفاعلون واستراتيجيات التغيير » بثت على موقع « ريففيزيون » أن المغرب وبعد 65 سنة من الاستقلال لم يستطع أن يحل إشكالية التنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، معتبرا أن المغرب لم يستطع بعد الخروج من التخلف، وأن الحديث عن كونه من البلدان السائرة في طريق النمو هو محاولة لإخفاء تخلفه عن ركب التنمية الحقيقية، مشددا على أن تخلف المغرب « محسوم بالمعطيات الرقمية » ومختلف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وأخرى متعلقة بالوضع السياسي والحرية والحكامة والنزاهة وغيرها.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الساسي أن المغرب ومنذ حصوله على الاستقلال، عرف اتساع هوة الفوارق سواء بين الطبقات الاجتماعية أو الجهات، مسجلا أن هذه التفاوتات قائمة على عدة أصعدة أفقيا وعموديا. واعتبر الساسي أن المغرب اليوم « مغربان مغرب للذين يملكون كل شيء، ومغرب للذين لا يملكون أي شيء ». وأضاف بأن النخب المغربية لا تدرك عمق هذه الأزمة إلى أن تصدم بتجلياتها، لاسيما من خلال أحداث النزوح الجماعي من الفنيدق نحو سبتة المحتلة، حينما شاهدنا أطفالا رضع عائمين في المياه، وأيضا ما حدث في ضواحي الصويرة حينما توفيت عدد من النساء احتشدن للحصول على قفف من المواد الغذائية لا تتجاوز قيمتها 140 درهما.
المشكل الثالث بنظر الساسي هو مشكل ثقافي، « كون أن مجتمعنا لم يستطع أن يحسم مشكلة العلاقة بين الحداثة والتقليد، بين الهوية والآخر، وبين الماضي والحاضر. ويضيف الساسي « هناك من بلغ به الاعتزاز بالهوية حد إنكار التقدم أو استعمال العنف » مسجلا أن التدين في حالات كثيرة يرتبط بشكل متناقض بأشكال من الخداع واحتقار العلم والعمل، وحتى المناورة في مجال التدين نفسه.
حل هذه الإشكالات يقاربه الساسي أولا بالخروج من التخلف، وحل مشكل الفوارق بخلق مجتمع متضامن. كما يدعو الساسي إلى حل مشاكل العلاقة بين الحداثة والتقليد بإخضاع الأخير لمعايير الحداثة، وتدشين مشروع للإصلاح الديني، والقبول بالتقدم، وتبني منظور متقدم ومنفتح للهوية، والتخلي عن الأفكار التي تروجها المناهج الدراسية.
ويؤكد الساسي على ضرورة « إرساء طرق ومناهج جديدة في قراءة القرآن الكريم، على أساس أن الإصلاح الديني بالنسبة لكل الأديان مر من منهاج أساسي هو قراءة أخرى للكتب السماوية، ليست القراءة الحرفية، ولكن القراءة التي تركز على الفضائل الكبرى والقيم الأخلاقية للدين، وليس اعتبار الكتب السماوية مرجعية حرفية لتدبير الأنشطة المختلفة «