بطاريات منتهية الصلاحية مصدر رزق بقطاع غزة يتجاهل خطر التلوث البيئي

10 مارس 2022 - 02:00

يقود زكريا أبو سلطان عربة يجرها حصان، وهو ينادي عبر مكبر الصوت « من لديه بطاريات تالفة للبيع ». لإعالة أسرته الفقيرة، امتهن عمل جمع البطاريات التالفة، التي باتت تتكدس بالأطنان في مكب مفتوح في قطاع غزة، متسببة بمخاطر تلوث بيئي كبير.

ويجول زكريا (27 عاما) أحياء وأزقة بلدة بيت لاهيا، بشمال القطاع لشراء البطاريات المنتهية الصلاحية. وجهزت العائلات في قطاع غزة نفسها بالبطاريات لاستخدامها في تغطية ساعات انقطاع التيار الكهربائي، بعد تدمير إسرائيل -التي تفرض حصارا مشددا على القطاع منذ 2007 -محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة في العام 2006.

بصوت جهوري، ينادي أبو سلطان الذي يعيل 12 فردا « بطارية متعطلة 16 أمبير بخمسة شيكل (1,5 دولار)، 200 أمبير بـ 50 شيكل (نحو 15 دولارا) ». وبينما يشد سرج حصانه لإيقافه تفاديا للاصطدام بسيارة أمامه، يقول لوكالة الأنباء الفرنسية، « أبدأ بالتجول منذ الفجر من أجل شراء البطاريات التالفة، أشتريها بأحسن الأحوال بخمسين شيكل، وأبيعها لتاجر الخردة مقابل 70 شيكلا (قرابة 21 دولارا) ».

انتهى اليوم ولم ينجح أبو سلطان إلا بشراء ثلاث بطاريات قديمة قبل أن يذهب لبيعها لتاجر خردة في بيت لاهيا، حيث تتكدس أكوام من البطاريات تقدر بالمئات، بالإضافة إلى أجهزة كهربائية وحديد في أرض مفتوحة.

وفي مدينة خان يونس في جنوب القطاع، تتكدس آلاف البطاريات المتهالكة في أرض محاطة بشقق سكنية تبلغ مساحتها دونمين (2000 متر مربع) وترتفع الأكوام أمتارا عدة عن سطح الأرض. ويمكن رؤية السوائل السامة تتسرب من البطاريات على الأرض.

ويقول إبراهيم بركة (28 عاما)، وهو نجل صاحب الأرض، « تراكم وتكدس كميات من هذه البطاريات يضر بصحة أصحاب هذه المهنة أولا ». ويضيف « تجميع البطاريات مستمر منذ قرابة 15 عاما بسبب إغلاق المعبر وعدم سماح الجانب الإسرائيلي بتصدير البطاريات » من أجل إعادة تدويرها.

رغم وعي إبراهيم بخطر تلك البطاريات، لا يعتمد إجراءات الوقاية منها. كغيره من العمال أو الباعة المتجولين الذين ينقلون البطاريات بأيديهم. ويشرح مدير دائرة المصادر البيئية في حكومة غزة التابعة لحركة حماس المهندس محمد مصلح، « يضم قطاع غزة أكثر من 25 ألف طن من البطاريات التي تحتاج إلى إعادة تدوير ».

هذه الكميات، توجد في « أماكن عدة في مناطق مفتوحة ووسط ظروف غير مناسبة لتخزينها ». ويضيف مصلح « تتكون البطارية من معادن ثقيلة ومواد سامة مثل الرصاص الذي يشكل حوالى 60 في المائة من جسم البطارية بالإضافة إلى الزئبق ».

مدير المعهد الوطني للبيئة والتنمية أحمد حلس، يوضح كيف أن عملية إعادة تدوير تلك البطاريات، يمكن أن تشكل ثروة توفر مردودا اقتصاديا وتحافظ على البيئة. لكن الواقع أن « أطنانا من البطاريات تتراكم في مكبات وصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من 40 مترا ».

ويقول حلس، « لجأ بعض النباشين لجمع البطاريات بشكل عشوائي من دون أن تكون لهم خبرة في التعامل مع المواد السامة ودون الامتثال إلى القوانين » المتعلقة بهذا الجانب. ويحذر من أن تلك البطاريات تكون « محاطة ببلاستيك قوي يعملون على تفكيكه في منازلهم وبين أطفالهم ».

وينبه حلس إلى أن « البطاريات موجودة بين الناس وعلى عربات الحيوانات، ويحملها الأولاد ونجد الأب أو الابن يحاول فتحها بمفك براغ، وهذا بحد ذاته مهزلة وفوضى »، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يفسر بعض الإصابات بالسرطان، داعيا في الوقت نفسه بلديات قطاع غزة إلى « تأسيس نظام لإدارة كل النفايات الخطرة بما فيها البطاريات وسن قوانين وتشريعات ومتابعتها على أرض الواقع ».

ولا يمكن لسكان قطاع غزة الاستغناء عن استخدام البطاريات، بسبب نقص الكهرباء، علما أن هناك محطة واحدة تؤمن الكهرباء حاليا للقطاع، ولكن التيار غير منتظم، ويرتبط إلى حد كبير بتأمين كميات الفيول الضرورية لتشغيل المحطة. ويتم اليوم وصل العدد الأكبر من البطاريات بألواح للطاقة الشمسية على أسطح المنازل.

ويوضح مدير المعهد كيف أن إسرائيل، كانت تسمح بنقل النفايات الصلبة لإعادة تدويرها في أراضيها، لكنها توقفت عن ذلك مع سيطرة حركة حماس الإسلامية على الحكم في العام 2007.

وفي ظل المطالبات المستمرة من التجار في القطاع، سمحت الدولة العبرية مؤخرا بنقل أطنان من الحديد المستخدم لإعادة تدويره. وهي الخطوة التي أعطت – حسب حلس- أملا للتجار بإعادة حركة نقل تلك النفايات وإعادة تدويرها خارج القطاع. ومن جهتها لم ترد السلطات الإسرائيلية على استفسارات وكالة الأنباء الفرنسية حول الموضوع.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي