خبراء وجامعيون: الموقف الإسباني الجديد من الصحراء المغربية تحول استراتيجي وتاريخي مهم

19 مارس 2022 - 19:30

تفاعل عدد من الخبراء والجامعيين والسياسيين الأجانب والمغاربة مع قرار الحكومة الإسبانية دعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، باعتبارها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لتسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية.

واعتبر الخبير الجيو-سياسي الفرنسي، إيمريك شوبراد، أن القرار ثمرة للسياسة الحكيمة، والحازمة التي ينهجها الملك محمد السادس. وقال لوكالة المغرب العربي للأنباء ” “لطالما كان حازما على نحو ثابت عندما يتعلق الأمر بالوحدة الترابية للمغرب، وبالتالي سيادته على صحرائه. وهذا المسار الواضح يؤتي ثماره اليوم”.

ويرى شوبراد أن القرار الإسباني ” انعطاف مذهل لمجرى التاريخ بعد الخطأ الذي ارتكبته إسبانيا وراء ظهر المغرب، من خلال إخفاء مجرم ينتمي لـ “البوليساريو”. وانضمت مدريد إلى كل من فرنسا وألمانيا، اللتين أكدتا علنا دعمهما لمخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب. ”

وأكد الخبير الفرنسي، أن هذا التغيير في الموقف يشكل نصرا كبيرا، للملك محمد السادس والدبلوماسية المغربية ولترجيح منطق العقل والحكمة، مشيرا إلى أن إسبانيا تتخلى عما يبدو أنه موقف من الماضي، نابع من الهيمنة الإسبانية السابقة على هذه المنطقة، لصالح علاقة بناءة مع جارها المغربي، يكون فيها البلدان الجاران كلاهما رابحين.

وذكر إيمريك شوبراد باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء؛ معتبرا أنها تظهر المسار الذي ينبغي أن تسلكه أوربا.

وفي سياق متصل، كد السيناتور البرازيلي، كارلوس ألبرتو دياس فيانا، أن موقف إسبانيا الجديد، يعد خطوة مهمة في اتجاه التسوية السلمية للنزاع حول الصحراء المغربية.

وقال السيناتور عن ولاية ميناس جيرايس (جنوب شرق)، عن الحركة الديمقراطية البرازيلية، إن الحكومة البرازيلية دعمت دوما جهود الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل لتحقيق السلام في الصحراء المغربية، مضيفا “نحن، أعضاء مجلس الشيوخ، ندعم أيضا المملكة ومبادرتها للحكم الذاتي “.

وأشار كارلوس فيانا، الذي يترأس مجموعة الصداقة المغربية- البرازيلية، إلى أهمية هذا الموقف الإسباني من أجل إقامة فضاء للشراكة الدائمة بين الرباط ومدريد.

عميد جامعة “يونيكوك”بكولومبيا، هيرنان أولانو، أكد من جهته، أن الموقف الذي وصفه بغير المسبوق لإسبانيا بشأن قضية الصحراء المغربية، من شأنه أن يعطي دينامية جديدة لعلاقات التعاون وحسن الجوار بين الرباط ومدريد.

وقال أولانو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ” بالنسبة لي، ليس فقط كجامعي، ولكن أيضا كمواطن كولومبي-إسباني، إن اعتبار حكومة بيدرو سانشيز مقترح الحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع، يعد تدشينا لدينامية جديدة في علاقات التعاون والجوار بين الرباط ومدريد”.

وأضاف، هذا الموقف “يعزز الوحدة من خلال الجوار، ليس فقط بسبب القرب الجغرافي، ولكن أيضا على مستوى مصالح وإمكانات البلدين كبوابتين للولوج إلى أوربا وإفريقيا”، مشيرا إلى أن الموقف الإسباني الجديد يبشر بـ” بعلاقات أكثر متانة، وهو ما سيتيح إرساء سلاسة أكبر على المستويات التجارية والسياحية والسياسية”.

وفي السياق نفسه، اعتبرت المنظمة غير الحكومية السويسرية “تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، أن الموقف الإسباني الجديد بشأن الصحراء المغربية، يبشر بانطلاق مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، ومن شأنه تعزيز آفاق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة بأسرها.

وسجلت المنظمة، في بيان لها، أن موقف مدريد الجديد يعكس، مجددا، عدالة موقف المملكة، الحليف الاستراتيجي للسلام والاستقرار والتنمية في المنطقة وفي إفريقيا، بقيادة الملك محمد السادس، معتبرة أن تسوية هذا الخلاف على أساس واقعي وعملي ومتوافق بشأنه في إطار مخطط الحكم الذاتي، يشكل الأفق الوحيد لرفع تحديات الأمن والهجرة والمناخ والتنمية في المنطقة.

وعلى المستوى المغربي، أكد مدير قطب الدراسات في الدكتوراه بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، محسن إيدالي، أن الموقف الإسباني الجديد “اعتراف بمغربية الصحراء، وتحول مهم جدا في الملف وفي علاقة المغرب بإسبانيا”. وتابع قائلا، “هو انتصار جديد ينضاف إلى الانتصارات المتتالية التي حققها المغرب، سواء على المستوى القانوني والدبلوماسي والدستوري، أو من خلال توالي وتتابع فتح القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة”.

وأوضح إيدالي لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن القرار الإسباني الجديد، تحول استراتيجي مهم، يدعم موقف المغرب من الناحية الجيو-استراتيجية، ودوره السياسي والاقتصادي في ضمان استقرار المنطقة برمتها.

وزاد أن من شأن القرار ذاته، أن يزيد من عزلة الطرف الآخر، “الذي يبدو أنه ظل وحيدا على مستوى أطروحاته التي لا أساس لها، سواء على المستوى القانوني أو على المستوى السياسي”، مؤكدا أن “الدائرة أصبحت تضيق وتخنق خصوم وحدتنا الترابية وتعزلهم سياسيا بشكل واضح، في مقابل الدعم الدولي القوي لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء”.

ورأى الباحث محمد بنيوسف في الموقف الجديد لإسبانيا، ووصف المغرب بـ “الصديق الكبير والحليف”، إقرار بانتقال إسبانيا في علاقتها بالمغرب إلى خطاب جديد، يعطي للمملكة مكانتها الحقيقية في معادلة السياسة الخارجية الإسبانية، من أجل مواجهة التحديات المشتركة، وفي مقدمها “الهجرة والإرهاب”.

وفي السياق نفسه، اعتبر عميد معهد العلوم السياسية والقانونية والاجتماعية بجامعة مونديابوليس، علي الحريشي، أن الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية، يضع حدا لضبابية الموقف الإسباني، ويتماشى تماما مع الشرعية التاريخية والقانونية لعدالة قضية الوحدة الترابية للمغرب، ومغربية الصحراء.

وكان رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أكد في رسالة بعث بها إلى الملك محمد السادس، أن “إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” المتعلق بالصحراء المغربية.

وأكد سانشيز أنه “يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”، مشددا على “الجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف”.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي