هل تنهار المبادرة الأممية في ليبيا؟

23 مارس 2022 - 02:00

يثير عدم تجاوب مجلس النواب الليبي في طبرق مع مبادرة المستشارة الأممية الأمريكية ستيفاني وليامز، تساؤلات حول مدى قدرتها على الاستمرار والنجاح، خاصة وأنها محددة بتاريخ معين تم تجاوزه.

وتتمثل مبادرة وليامز، في تشكيل مجلسي النواب والدولة لجنة مشتركة (6+6) لإعداد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، خلال 14 يوما ابتداء من 15 مارس الجاري.

وبينما اختار المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، في 14 مارس، 12 عضوا، بدل 6 أعضاء، في اللجنة المشتركة لإعداد القاعدة الدستورية، تجاهل مجلس النواب اختيار الأعضاء الذين سيمثلونه في اللجنة، رغم مرور الآجال المحددة بـ15 من الشهر ذاته.

وفي محاولة لإنقاذ المبادرة، أجرت وليامز، بعد يوم من انتهاء آجال مبادرتها، لقاء مع عدد من النواب الليبيين في تونس، حيث « ناشدت مجلس النواب بالإسراع بالرد وبشكل إيجابي على مقترح الأمم المتحدة بتشكيل لجنة مشتركة للعمل على إنجاز قاعدة دستورية ».

وحصلت وليامز على دعم قوي من المجتمع الدولي، وخاصة من الرؤساء المشاركين لمجموعة العمل السياسية، التابعة للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا، والتي تضم كلا من: الجزائر، وألمانيا، وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، في اجتماع افتراضي، عقد في 15 مارس.

وأعرب الرؤساء المشاركون لمجموعة العمل، عن « دعمهم الكامل » لجهود ويليامز، من « خلال مبادرتها الرامية لعقد اجتماع للجنة المشتركة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، للتوافق على إطار دستوري وقانوني للانتخابات ».

كما حظيت المبادرة الأممية بدعم الولايات المتحدة وبريطانيا، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي في 16 مارس لمناقشة الوضع بليبيا. بل إن المندوب الأمريكي (مستشار أول الشؤون السياسية بوزارة الخارجية الأمريكية جيفري ديلورينتيس)، حذر من أن « كل من يعرقل العملية الانتقالية السياسية في ليبيا، قد يتعرض لعقوبات دولية ».

غير أنه مع كل هذا الضغط الدولي، لم يستجب مجلس النواب للمبادرة الأممية، ولم يعقد حتى جلسة عامة لمناقشتها، خاصة بعد إصدار 93 نائبا بيانا يرفض المبادرة، ويعتبرها « مسارا موازيا »، للجنة الخبراء (12+12) لتعديل النصوص الخلافية في مشروع الدستور.

وصوت مجلس الدولة ضد خريطة الطريق التي اعتمدها مجلس النواب، خاصة وأن الأخير سارع في تعديل الحكومة قبل الانتهاء من المسار الدستوري، كما تم الاتفاق عليه، بحسب تصريحات لخالد المشري، رئيس مجلس الدولة. ورغم انفراط عقد التوافق بسرعة حول خريطة الطريق، إلا أن مجلس النواب في طبرق مازال متمسكا بها، رغم نفض مجلس الدولة يده منها.

وجاءت المبادرة الأممية لفتح مسار جديد بحثا عن توافق بين مجلسي النواب والدولة، لإنقاذ العملية السياسية من الانهيار، ومنع عودة الانقسام إلى البلاد. وحظيت المبادرة بدعم دولي خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والجزائر، لكنها لا تحظى بنفس القدر من التأييد من روسيا وفرنسا ومصر، الداعمتين التقليديتين لخليفة حفتر، قائد قوات الشرق الليبي، والمتحالف مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب.

ولقيت المبادرة أيضا دعما داخليا من طرف مجلس الدولة والمجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، وحتى رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، باستثناء مجلس النواب، الذي أصر على تجاهل اختيار ممثليه في لجنة وضع القاعدة الدستورية للانتخابات، ويضع نجاح المبادرة الأممية محل شك، رغم الضغوط الأمريكية والبريطانية على عقيلة صالح، والتلويح بعصا العقوبات.

لكن المستشارة الأممية، فاجأت الجميع بإعلانها في حوار عبر تطبيق « كلوبهاوس »، في 20 مارس الجاري، أن « اللجنتين الممثلتين لمجلسي النواب والأعلى للدولة، ستجتمعان في تونس خلال الأيام القادمة ». وكشفت وليامز، بحسب ما نقلته قناة « ليبيا الأحرار »، أن « رئاسة مجلس النواب ستسلمنا، خلال يومين، اللجنة التي ستمثل البرلمان في اجتماعات صياغة القاعدة الدستورية ».

ولم يؤكد مجلس النواب، في موقعه الرسمي، ما إذا كان سيعقد، قريبا جلسة عامة لاختيار الأعضاء الذين سيمثلونه في اللجنة المشتركة لإعداد القاعدة الدستورية. ومن المتوقع أن تحاول رئاسة البرلمان المناورة لربح الوقت وتفادي العقوبات الأمريكية والأوربية التي قد تطالها إن عرقلت رسميا المبادرة الأممية.

ويراهن المعارضون للمبادرة الأممية في مجلس النواب على الضغوط الروسية لتعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا خلفا للسلوفاكي يان كوبيتش، الذي استقال في نوفمبر 2021. وتضغط موسكو من أجل عدم تجديد عقد وليامز، الذي ينتهي مع نهاية أبريل المقبل.

ومن شأن تعيين مبعوث أممي جديد، إنهاء دور وليامز كمستشارة أممية، حتى ولو تم تجديد عقدها، ما سيؤدي على الأغلب إلى طي صفحة مبادرتها، خاصة إذا واصل مجلس النواب تجاهلها.

ولايبدي مجلس النواب كبير اهتمام بالوصول إلى توافق حول قاعدة دستورية أو حتى تعديل النصوص الخلافية في مشروع الدستور، بقدر ما يضع على رأس أولوياته الإطاحة برئيس حكومة الوحدة، وحرمانه من الترشح لأي رئاسيات مقبلة، بالنظر إلى أن شعبيته تهدد حظوظ حفتر وعقيلة في الفوز بالرئاسة.

أما إذا نجحت وليامز في إقناع مجلس النواب بقبول مبادرتها، بضغط أمريكي وبريطاني، فسيشكل ذلك خطوة هامة لإحداث خرق جديد في جدار الأزمة السميك والمعقد.

 

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي