قال الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، إنه « باعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على الصحراء، تحقق الانتصار لمبادرة الحكم الذاتي »، مشيرا في مقال نشره موقع القناة الثانية، إلى « إعلان حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز الاعتراف بمرجعية مبادرة الحكم الذاتي حلا سياسيا والأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف حول الصحراء ».
وأكد العجلاوي أن ما حدث « نقلة نوعية هامة في الموقف الإسباني تجاه المغرب، منذ توقيع الاتفاق الثلاثي في نوفمبر 1975″، وأضاف، « هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إسبانيا موقفا يشكل منعطفا في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية، إذ شكل ماضي إسبانيا في مواجهة المغرب عبر العصور التاريخية الطويلة أساس بناء الدولة الوطنية في إسبانيا، ولذلك ظل المغرب بتاريخه وأندلسه وحضارته وقيمه مرجعا لهذه الدولة الوطنية ».
وشدد العجلاوي على أن « الاعتراف الإسباني له دلالاته الخاصة، فإسبانيا تعرف جيدا خبايا النزاع، وكانت طرفا مستعمرا للصحراء إلى حدود الاتفاق الثلاثي في نوفمبر 1975، وتآمرت مع الواجهات المتعددة للنظام الجزائري، آخرها ما وقع في أبريل 2021، كورقة ضغط على المغرب ».
ويرى الخبير في العلاقات الدولية، أن « تصريحات رسمية جهرت، حين انكشفت فضيحة بن بطوش، بأن إسبانيا لن تعترف أبدا بسيادة المغرب على الصحراء، إسبانيا دولة إقليمية، والمغرب لا يريدها أن تكون طرفا في النزاع لكي لا تعود الأمور إلى ما قبل 1975، لكنها عضو في مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية ».
وقال أيضا، « لا يمكن فهم قرار الحكومة الإسبانية المعلن عنه يوم 18 مارس 2022 باعتماد مبادرة الحكم الذاتي دون استرجاع اللحظات التاريخية المفصلية في علاقات إسبانيا بالصحراء وكيفيات تجاوز الأزمات بين البلدين، وقراءة هذه المراحل المفصلية تتيح استخراج قاسم مشترك، وهو أن الأزمات بين البلدين تنتهي دائما بخطوة إسبانية نحو المغرب ».
وبخصوص الأبعاد القانونية والسياسية للاعتراف الإسباني، قال العجلاوي، « من حيث الحمولة القانونية، الاعتراف الإسباني بمقترح الحكم الذاتي، تطور كبير وجذري في رؤية الإسبان لنزاع الصحراء، لأول مرة يتضمن قرار إسباني رسمي الانتقال إلى صيغة متقدمة من الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء ».
ومن حيث الحمولة السياسية، كان الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب، يوم 20 غشت 2021، إعلانا لإسبانيا وفرنسا ببدء مرحلة جديدة تروم بناء استراتيجية مشتركة لمواجهة التحديات المقبلة، يضيف العجلاوي، « وأعلن الملك أنه يتابع شخصيا مسار المفاوضات مع الإسبان، وهذا له دلالات سياسية بأن ملف العلاقات المغربية الإسبانية يحظى بعناية ملكية خاصة ».
ولا يمكن أيضا فصل قرار الحكومة الإسبانية الأخير، بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء من خلال تبني مبادرة الحكم الذاتي، عن السياقات الإقليمية، يضيف العجلاوي، « خاصة العلاقات الإسبانية الجزائرية »، مؤكدا أنه « من مكر التاريخ أن ما جرى بين إسبانيا والجزائر في الفترة الممتدة من ماي 1975 إلى نوفمبر 1975 يشابه إلى حد ما التواصل الجزائري الإسباني الذي جرى في أبريل 2021 بين الحكومة الإسبانية والواجهة المتحورة الجديدة للنظام الجزائري، عند تدبير إدخال بن بطوش إلى التراب الإسباني، وإطلاق تصريحات من لدن مسؤولين إسبان بأن إسبانيا لن تعترف أبدا بسيادة المغرب على الصحراء ».