التونسيون يدلون بأصواتهم في استفتاء على دستور جديد موضع خلاف

25 يوليو 2022 - 15:15

شرع التونسيون الاثنين، بالتصويت في استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيد وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بذلك الذي كان قائما قبل العام 2011.

فتحت أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابها أمام المواطنين اعتبارا من السادسة صباحا (الخامسة بتوقيت غرينتش) على أن تغلق في العاشرة مساء.

ويؤكد الرئيس التونسي أن الاستفتاء سينهي الأزمة السياسية الناجمة عن سيطرته على كل السلطات في البلاد قبل عام.

بلغت نسبة المشاركة حتى الساعة التاسعة والنصف صباحا 6,32%، على ما أفادت هيئة الانتخابات مع إدلاء 564,753 ناخبا بأصواتهم داخل تونس، فيما وصفه رئيس الهيئة فاروق بوعسكر بأنه “رقم هام ومشجع”.

وذكر بوعسكر أن نسبة المشاركة في انتخابات 2019 كانت في مستوى 1,6% في حدود التاسعة صباحا دون أن يحدد إن كانت تتعلق بالانتخابات الرئاسية أم التشريعية.

وأدلى الرئيس التونسي مصحوبا بزوجته اشراف شبيل بصوته في مركز اقتراع في حي النصر بالعاصمة تونس وقال في تصريحات للاعلاميين إثر ذلك، “اليوم الشعب التونسي مطالب بأن يحسم هذا الأمر وهو حر في التصويت”.

وتابع “نؤسس معا جمهورية جديدة تقوم على الحرية الحقيقية والعدل الحقيقي والكرامة الوطنية”.

وأضاف “على الشعب التونسي أن يكون في الموعد والتاريخ… نحن اليوم أمام خيار تاريخي في بناء جمهورية جديدة”.

واعتبر سعيد أن الاستفتاء سيكون مرحلة مهمة و”سنبدأ تاريخا جديدا”، مهاجما معارضيه الذين قال إنهم “يوزعون الأموال” لكي “لا يصوت التونسيون ويعبرون عن إرادتهم”، ومؤكدا أن “لن نترك تونس فريسة لمن يتربص بها في الداخل والخارج”.

قال طارق الجميعي (24 عاما) لوكالة فرانس برس وقد خرج من مركز تصويت في العاصمة تونس “بالنسبة لي الاستفتاء هو حماية لمستقبل بلادي”.

بينما أبدت محرزية عون الله (64 عاما) أملا في “أن يحسن (الاستفتاء) من أوضاعنا وأوضاع أبنائنا…الوضع سيئ”.

وبحسب هيئة الانتخابات، تسج ل 9,296,064 ناخب ا للمشاركة في الاستفتاء الذي ترفضه معظم الأحزاب السياسية وينتقده الناشطون الحقوقيون. وبدأ المغتربون البالغ عددهم 356,291 الإدلاء بأصواتهم السبت ولديهم حتى الاثنين للاقتراع.

وتشكل نسبة المشاركة الرهان الأبرز في هذا الاستفتاء. ويتوقع أن يحظى الدستور الجديد بقبول شعبي، بينما دعت المعارضة بجزئها الأكبر إلى المقاطعة.

ويثير مشروع الدستور الجديد مخاوف لدى الخبراء بتأسيسه لنظام رئاسي بامتياز يتعارض كليا مع النظام البرلماني الذي جاء به دستور ما بعد ثورة 2011 التي اعتبرت المثال الناجح في المنطقة لما أطلقت عليه تسمية “الربيع العربي”.

مرحلة الاستفتاء “هي الثانية ضمن مخطط تم إقراره” من قبل الرئيس بعدما قام “بتعليق ثم حل المؤسسات الجمهورية بما فيها البرلمان”، بالإضافة إلى تغيير قانون منظم للمجلس الأعلى للقضاء وهيئة الانتخابات.

وينص الدستور الجديد على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه ويمكن أن يقيله إن شاء، بدون أن يكون للبرلمان دور في ذلك.

كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية “أولوية النظر” من قبل نواب البرلمان.

فضلا عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين “مجلس نواب الشعب” الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات و”المجلس الوطني للجهات” ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة على أن يصدر لاحقا قانون يحدد مهامه.

تندد المعارضة والمنظمات غير الحكومية بالنص الجديد معتبرة أنه “مفص ل على قياس” سعي د ويحصر السلطات بأيدي الرئيس الذي لا يمكن إقالته بموجب الدستور الجديد، خلافا لما جاء في دستور العام 2014. في المقابل يمنح للرئيس الحق في حل البرلمان والمجلس الوطني للجهات.

دعا حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية وأبرز المعارضين للرئيس، إلى مقاطعة الاستفتاء واعتباره “مسارا غير قانوني”، بينما ترك الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية، حرية القرار لأنصاره.

يمارس الرئيس التونسي منذ عام الحكم بشكل منفرد ويقود البلاد إلى “جمهورية جديدة” في مسار تعتبره المعارضة “انقلابا”.

ويعتبر سعيد (64 عاما) مشروع الدستور الجديد امتدادا لعملية “تصحيح المسار”. وقد بدأها بقرارات لم تكن متوقعة في 25 يونيو 2021 باحتكار السلطات في البلاد وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ليحله بالكامل لاحقا. ومن المقرر أن تنظم انتخابات نيابية في ديسمبر.

وغيرت مؤسسات دولية على غرار “فريديم هاوس” و”ذي إيكونوميست” تصنيفها لتونس مؤخرا من دولة “حرة” إلى دولة “حرة جزئيا”، حسب الباحث يوسف الشريف الذي يؤكد أن “الناس بإمكانهم التعبير بكل حرية والذهاب للانتخاب ورفض (الاستفتاء) من دون أن يتم سجنهم، وهذا يبين أننا لسنا أمام الصورة التقليدية للدكتاتورية”.

وأمام الرئيس وضع اقتصادي واجتماعي متأزم في البلاد ومهمة شاقة لايجاد الحلول لذلك، خصوصا بعد ارتفاع نسبة البطالة والتضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين التي زادت الأزمة الروسية الأوكرانية من تراجعها.

والثلاثاء، أعلن صندوق النقد الدولي أن بعثة من خبرائه اختتمت زيارة إلى تونس في إطار التفاوض على برنامج مساعدات، مشيرا إلى أن المحادثات بين الجانبين حققت “تقدما جيدا “.

وتتمحور المفاوضات بين تونس وصندوق النقد على برنامج الإصلاحات الذي تقترحه الحكومة برئاسة نجلاء بودن. ويشترط الصندوق أن يترافق القرض مع تنفيذ إصلاحات جذرية.

ويقدر خبراء أن يبلغ حجم القرض حوالى ملياري يورو.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *