زيارة ماكرون للجزائر... هل ستزيد من برودة العلاقات المغربية الفرنسية؟ (تحليل)

24 أغسطس 2022 - 20:00

يقود الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وفدا فرنسيا رفيع المستوى في زيارة للجزائر تبدأ غدا الخميس، وتستغرق ثلاثة أيام.
تأتي هذه الزيارة، بالتزامن مَعَ حَالة برود تطبع العلاقة بين المَغرب وفرنسا، وحالة توتر بين المَغرب والجزائر.
في ولايته الرئاسية الأولى سنة 2017، اختار ماكرون الرباط كأول وجهة مغاربية زارها عقب انتخابه في ما سمي حينها بــ »زيارة صداقة خاصة »، قبل أن يقوم في السنة الموالية بزيارة رسمية للجزائر.
أعيد انتخاب ماكرون رئيسا لفرنسا لولاية ثانية في أبريل الفائت، ليختار زيارة الجزائر هذه المرة في ظل وجود ما ينعته مُحللون بـــ »أزمة صامتة » بين الرباط وباريس، تمت الإشارة إليها بطريقة غير مباشرة من قبل الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه السبت الفائت بمناسبة ثورة الملك والشعب، حيث دعا الشركاء التقليديين للمغرب (ومنهم فرنسا) في قضية الصحراء بتوضيح مواقفهم ومراجعة مضمونها بشكل لا يقبل أي تأويل.
فرنسا، حسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، عبد العزيز قراقي، « ما فتئت تتعامل مع قضية الصحراء بمنطق براغماتي، والتحجج ببعض مبادئ الحياد، لتبرير عدم الوضوح في موقفها من الصحراء رغم أنها تدرك أكثر من غيرها أنه عند احتلالها للمنطقة، كانت تعرف أن سلطة سياسية قائمة الذات كانت تمارس سيادتها على المنطقة ».
من تجليات الأزمة بين الرباط وباريس، « قضية التأشيرات »، التي رفضت القنصليات الفرنسية حوالي 70 في المائة من طلبات الحصول عليها، مما دفع فعاليات مدنية بالدعوة لمقاطعة المنتوجات الفرنسية احتجاجا على حرمان شرائح واسعة ضمن 300 ألف مغربي يحصل سنويا على الفيزا من أجل العمل أو السياحة.
فرنسا، تبرر اتخاذها ذلك القرار برفض المغرب والجزائر وتونس إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مواطنيها الذين يوجدون فوق أراضيها بطريقة غير قانونية.
أرجع مراقبون تلك البرودة في العلاقات المغربية الفرنسية، إلى توقيع المغرب اتفاقا ثلاثيا مع إسرائيل والولايات المتحدة في غشت 2020، لكون الاتفاق المذكور يقوم بتغييب فرنسا عن بناء تحالف أمني واستراتيجي جديد، في منطقة نفوذ تقليدي لها.
توقع المغرب أن تعترف فرنسا بسيادته على الصحراء، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بموجب الاتفاق المذكور، إلا أن حليفته التاريخية ظلت صامتة بينما دعمت ألمانيا وإسبانيا مبادرة الحكم الذاتي.
يدرك ماكرون أن علاقات بلاده مع المغرب قد تزيد بُرودة لكونه فضل زيارة الجزائر التي تحتضن الجبهة الانفصالية للبوليساريو، ولكي يبعث رسائل إيجابية إلى المغرب رجحت تقارير دولية أن يقوم بطرح وساطة فرنسية لحل الأزمة بين المغرب والجزائر وبين الأخيرة وإسبانيا، غير أن مراقبين يرون أن الظروف ليست مواتية بعد، حيث تظل الأولية في الآونة الأخيرة لدى فرنسا هي توفير الطاقة بالتزامن مع توقعات باستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا لسنوات مقبلة.
غير أن الزيارة التي يقوم بها ماكرون للجزائر، لن تكون لهدف توفير الغاز لفرنسا، بل سيحضر فيها ملف ذاكرة الاستعمار الفرنسي للجزائر وهو ما سبق أن اعتبره ماكرون خلال زيارته للجزائر سنة 2017 « جريمة ضد الإنسانية ».
في الوقت الذي تطالب فيه الجزائر بتقديم اعتذار رسمي، فإن الرئاسة الفرنسية لن تقوم حسب مراقبين سوى بمجرد « خطوات رمزية » لمعالجة ملف استعمار وحرب الجزائر، في إطار محاولة تحقيق المصالحة على ضفتي المتوسط.
ماكرون حسب ما نشرته صحيفة « لوبوان إنترناشيونال » مهووس بالجزائر ويعتقد أنه سينجح في ترطيب العلاقات الفرنسية الجزائرية، وهو »بصدد التضحية بالتفاهم مع المغرب ».
ما يهم ماكرون خلال الزيارة، حسب مراقبين « هو كيفية تعويض الخسارة ونقص الغاز الروسي في أوربا وتعويضه بالغاز الجزائري، خاصة وأن فرنسا على أبواب الخريف والشتاء ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي