تنكيس الأعلام في بلد ما تعبيرٌ عن حالة حداد وطني ، حيث يرفع العلم الى اعلى السارية ثم ينكس الى 1\3 المسافة من الاعلى أو 2\3 المسافة من الاسفل الى الاعلى
و إعلان حالات تنكيس العلم عديدة بسبب كوارث او مآسي وطنية مؤلمة أو وفاة شخصية وطنية كبرى أو مشاركة لحداد مشابه فى دولة شقيقة ، كما تقوم البعثات الديبلوماسيّة بالخارج أيضاً بتنكيس العلم .
هكذا يظهر أنّ تكنيس العلم ، يُعبّر عن الحداد لحالة حُزن استثنائية ، كارثة أصابت إحدى مناطق الوطن أو جزءٌ من ساكنته أو موت شخصية لها وزنها في البلد ، ويعبّر عن التضامن بين أفراد الشعب الواحدة ووقوفهم جنباً إلى جنب في المناسبات الأليمة الّتي تتطلّب ذلك .
عرفت بلجيكا سنة 2012 حادثة مماثلة تمثّلت في موت 28 طفل ويافع بلجيكي على إثر حادثة سير وقعت بسويسرا ، أعلنت الحكومة دون تردّد يوم حدادٍ وطني ، وعلى الساعة 11h ثمّ الوقوف دقيقة صمت بكافّة ربوع تراب المملكة ، خصوصاً في المؤسّات التعليميّة والإدارات ووسائل النّقل العمومي ، وبالموازاة ثمّ تنظيم حفلين تكريمين لأرواح الموتى بمدينتي Lommel و Louvain مدينة انطلاق الحافلة ووصول الحافلة ، أعلن الوزير الأوّل عن تكنيس الأعلام وبعدها قامت كلّ الكنائس الكاثوليكية بقرع أجراسها على السّاعة11h01 أيّ مباشرة بعد انتهاء دقيقة الصّمت المُعلنة .
أمّ عن جثت الموتى والصابين فقد تكلفّت طائرات حربيّة بلجيكيّة بنقلهم ثمّ تمّ تشكيل لجنة لمعرفة أسباب الحادث وتحديد المسؤوليّات..، كانت الصّحافة حينها عين الضّمير الأخلاقي ، ومارست دورها كسلطة رابعة تراقب مدى احترام السّلط الأخرى للقانون ولاتجترّ الأخبار كبقرة عجوز… وقع هذا في بلجيكا ، حيث تبقى نسبة حوادث السّير فيه في حدود المقبول مقارنة مع باقي العالم ، وحيث فرص العيش الكريم واحترام كرامة الإنسان أمر لاجدال فيه ، أهلّها لتحتلّ الرتبة 20 حسب مُؤشّر السّعادة العالمي لسنة 2012
فماذا عن بلد يحتلّ أواخر الترتيب حسب المُؤشّر نفسه ، ماذا عن بلد يُعتبرُ رائداً في مجال حوادث السّير ، بل يطلق عليها حرب الطّرق لما تحصده من أرواحٍ بريئة ، بلد طبَّع مع الموت باجترار أخبارها يوميّاً ، موتى يلفظهم البحر وآخرون يملؤون عطب الطّرقات ، موتٌ في كلّ البيوت والعائلات وعلى صفحات الجرائد البئيسة وموتى يقتلون موتى ، ولا يُشكّل الحزن استثناء في حياتنا ، فمن كارثة إلى أُخرى ، ومن حزنٍ إلى آخر ، حتّى الأعلام التي يجب أن نُنكسها » منكسة من عند الله » وعليها أن تبقى منكسة حتّي يأتي اليوم الذي سترفع فيه هامتها للسّماء مُعلنة انتصار المغرب على الموت والأحزان .