تخطط دول الاتحاد الأوروبي حاليا، لضخ سيولة مالية هائلة في حسابات دول جنوب المتوسط لدعم جهودها في مكافحة الإرهاب الجهادي، وفق ما أوردت صحف إسبانية. وسيوزع التمويل الذي سيتفق على تحديده في وقت لاحق، بحسب الأهمية الإستراتيجية لكل دولة من الدول التسع من جنوب المتوسط التي شاركت في الاجتماع الوزاري للقمة الأورو متوسطية (المغرب، الجزائر، لبنان، فلسطين، إسرائيل، مصر، الأردن، موريتانيا وتونس) الاثنين الفائت في مدينة برشلونة الإسبانية. وتوقع مراقبون أوروبيون أن يحصل المغرب على حصة كبيرة من هذه الأموال لأهمية موقعه الاستراتيجي بالنسبة للأوروبيين، ولفعالية أدائه في محاربة التطرف والهجرة السرية. ويخطط الأوروبيون تخصيص هذه الأموال لدول جنوب المتوسط، بعدما غرقت أوكرانيا التي خصص لها المئات من الملايين من الأوروهات، في دوامة العنف، وتبين لقادة أوروبيين أن دعم دول الجوار جنوب المتوسط سيكون أكثر فعالية في حماية أمن بلدانهم.
ولم يكتب للاجتماع الوزاري للقمة الأورو- متوسطية أن ينعقد إلا هذا العام، وكان آخر اجتماع قد جرى في 2008، وكان مفاجئا للإسبان مشاركة وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار في هذا الاجتماع بنفسه، بعدما كانت التكهنات الرسمية تشير إلى حضور مندوبته مباركة بوعيدة. وبحسب ما أشارت إليه صحيفة ((أ.ب.س))، فإن ((الترتيبات الأولية كانت توحي بأن تمثيلية الدول غير الأوروبية ستكون في مستوى أقل من وزير، على عكس الدول الأوروبية، غير أن مشاركة مزوار كانت مفاجئة، لكنها كانت دليلا على أن القمة ستكون في غاية الأهمية)). ويحاول المسؤولون الإسبان إنعاش هيئات الجوار، مثل القمة الأورو متوسطية، والاتحاد من أجل المتوسط، لمواجهة التحديات المشتركة بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
ماريانو راخوي، رئيس الحكومة الإسبانية، أعلن في القمة، بحسب ما نقلت صحيفة ((إلبيريوديكو))، بأن ((الإرهاب الجهادي لا يمكن مكافحته سوى بالتعاون بين دول الضفتين))، وغابت عن القمة كل من دولتي سوريا وليبيا، بسبب عدم وجود أطراف يمكن أن تشكل تمثيلية ملائمة لهما في هذه القمة. وقال راخوي ((إن إسبانيا بمثابة قنطرة بين ضفتي المتوسط، وكي نكافح التهديدات المحتملة للإرهاب الجهادي، فإن التعاون بين دول الضفتين عمل ضروري، ولا يمكننا أن نقضي على هذا المرض ما لم نتحرك جميعا دفعة واحدة)). وأوضح راخوي أن خطر الإرهاب هو التهديد الأشد لمنطقة المتوسط، (( ونحن في حالة استنفار لإفشال أي مخطط عدائي من هذا القبيل، وتوقيف أصحابه، ونحن نعمل سويا مع جيراننا في جنوب المتوسط لتحقيق النتائج المطلوبة)). وبحسب راخوي، فإن ((المعركة الجارية ليس في مواجهة الإسلام، ولا يمكن السماح بهذا الخلط أبدا، لأننا نعرف أيضا أن الإسلام ليس لديه معركة مع الغرب.. إننا نتجه لمصير واحد، وإذا ما حدث شيء سيء، فإننا سنذرف الدموع معا)).
وأشارت وكالة الأنباء الإسبانية ((إيفي)) إلى أن راخوي تحدث إلى مزوار لفترة وجيزة على هامش أعمال القمة، لكنها لم تذكر ما دار بينهما. بيد أن وزير الخارجية المغربي تباحث في وقت لاحق مع نظيره الإسباني بشأن موضوعين رئيسيين يتعلقان بالمستكشفين الإسبان الذين قتلا في المغرب مؤخرا في حادث، ثم بالمسطرة القضائية التي باشرها قاض إسباني ضد 11 مسؤول كبير في المغرب. وبحسب ما أسر به مصدر من الخارجية الإسبانية لصحيفة ((إلبيريوديكو))، فإن ((الممثلين الدبلوماسيين لدول جنوب المتوسط كان تنتابهم الكثير من المخاوف بشأن تعرض بلدانهم لهجمات إرهابية تهدم الجهود المبذولة لدمقرطة مجتمعاتهم)). ولم تكن هنالك أوراق معدة سلفا لمناقشتها في الاجتماع، وكان الموضوع هو ما تضمنته بطائق الدعوات، أي مناقشة مستقبل سياسة الجوار لدى الاتحاد الأوروبي.