الرباح قط يحب السمك ويكره الماء 

11 أغسطس 2016 - 15:48

عزيز الرباح مثل القطة يعجبها أكل السمك لكنها تخشى أن تبلل قوائمها بالماء، لهذا تجلس عند شط النهر تنتظر خروج السمك لوحده من الماء.. يوم الاثنين الماضي كتب خربشات معبرة على حائطه الفيسبوكي، ينتقد افتتاحية «سيناريو ما بعد السابع من أكتوبر»، ويلومني لأنني استشهدت بمحلل دون ذكر اسمه احتراما لرغبته، وقال وزير النقل والتجهيز ساخرا: «أول مرة أقرأ عن وجود محلل سري، والمغرب، والحمد لله، لا يعتقل فيه المحللون ولا الصحافيون، ولذا، لا داعي لأن يحلل أحد في الكواليس». إما أنك، السيد الوزير، لم تقرأ من قبل عن محلل يرفض الكشف عن اسمه، فهذا راجع، من جهة، إلى جهلك بتقاليد العمل الصحافي وقواعده، ومن جهة ثانية، إلى قلة الوقت الذي تخصصه للقراءة، حيث لم تصادف مصادر كثيرة في كل الصحف الكبيرة والصغيرة تدلي برأيها وتتحفظ على ذكر اسمها لاعتبارات عدة، أما حكاية أن لا أحد من الصحافيين يذهب إلى السجن في المغرب، فهذا كلام تكذبه أحكام القضاء التي تصدر كل يوم، ويكذّبه الواقع، حيث الصحافيون أحرار والصحافة معتقلة في زنزانة الخوف أو الطمع أو هما معا… أما وإنك اتهمتني، ضمنيا، بأنني وضعت كلامي في فم محلل سياسي مجهول، فهذا اتهام مردود عليك، وأنا لم أعتد الاختباء وراء أحد لتمرير أفكاري أو آرائي، كما تصنع أنت منذ أشهر، حيث تخصصت في الرد على الصحافيين والمؤرخين وكل صاحب رأي ينتقد السلطة، وكل هذا من أجل أخذ مسافة من رئيسك في الحكومة بعدما رأيت أنه أصبح في فم المدفع. انتقدت المعطي منجيب الذي قال إن بنكيران في المخيلة الشعبية يمثل الشعب، وفؤاد عالي الهمة يمثل قفاز السلطة، والواقع أنك لم تنتقد المؤرخ الذي أدلى برأي باحث في شؤون السياسة، بل إن نقدك كان موجها إلى بنكيران وأسلوب إدارته للتصدي لرموز التحكم، وكان الأولى بك أن تدلي بآرائك هذه في التصدي الناعم للتحكم، وحصر رموزه في قيادات الصف الثالث والرابع في الأمانة العامة للحزب، وألا تلتزم الصمت هناك، وتكثر من اللغو في الفضاء الأزرق. هذه سلوكيات صغيرة لا يقوم بها من يطمح إلى أن يصير زعيما لحزب كبير.
كنت أنتظر منك أن ترد على المحلل الذي قال: «سيصل البيجيدي هو الأول في السابع من أكتوبر، لكن بنكيران لن يجد حلفاء إلى جانبه لتشكيل الحكومة، وآنذاك سيُفهم القصر بنكيران أن الأحزاب التي رفضت التحالف معه لا تعترض على البي جي دي لكنها تعترض على شخص بنكيران، ولهذا قد يكلف الملك، بعد التشاور، عبد العزيز الرباح أو سعد الدين العثماني بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وعندها قد يدخل البام إلى التحالف الحكومي الجديد بقيادة العدالة والتنمية، وبذلك يتم التخلص من بنكيران، ويتم الاحتفاظ بالمصباح في الحكومة، ويتم استخراج شهادة ميلاد شرعية للبام…». كنت أتوقع أن تكتب ما يلي دفعا لكل لبس وإغلاقا لكل باب تدخل منه الريح: «مرشحنا الوحيد لرئاسة الحكومة هو زعيم الحزب عبد الإله بنكيران الذي مددت مؤسسات الحزب عمر ولايته، وقدمته للمغاربة ليقود معركة من أشد المعارك السياسية التي سيشهدها البلد، وإذا فاز الحزب بالمرتبة الأولى في التشريعيات المقبلة، فهذا معناه أن الناخب جدد الثقة في الحزب وفي قائده عبد الإله بنكيران، ولا يعقل أن نعطي قيادة الحكومة لغير القائد الذي خرج منتصرا في المعركة، وإن الملك احترم دائما استقلالية الأحزاب ولم يقترب من بيتها الداخلي»، لكنك، السيد الرباح، لم تقل هذا الكلام، بل كتبت مسلما برأي المحلل الذي تظاهرت بمعارضته، وأصبحت المشكلة عندك هي طريقة استخراج قرار التحالف مع البام من مؤسسات الحزب، بما يعني أنك سلمت باستبعاد بنكيران رغم فوزه في الانتخابات، وسلمت بالتدخل في شؤون الحزب، وبقي فقط تفصيل صغير يشغل عقلك المصلحي، وهو كيف يتخذ قرار التحالف مع البام. ولأنك ديمقراطي «سكر زيادة»، كتبت: «بوعشرين يعرف جيدا أن كل القرارات الكبرى، كالمشاركة في الحكومة أو المعارضة أو التحالفات، لا يتخذها شخص أو أشخاص، بل تتخذها المؤسسات داخل الحزب وفق مساطر وقوانين الحزب الداخلية. هل يعقل أن يغير الحزب، هكذا ببساطة، تحالفاته ومواقفه الأساسية من البام بمجرد تغيير الأمين العام أو اختيار قيادي آخر لرئاسة الحكومة؟».
اختيار قيادي آخر لرئاسة الحكومة… هذا هو مفتاح السيناريو كله، السيد الوزير، وها أنت توافق المحلل السري عليه، بقي فقط التفاوض على إدخال البام من عدمه. ولأن السياسة ليست فيها هدايا مجانية، فماذا سيدفع هذا القيادي المرشح لرئاسة الحكومة، غير الأمين العام للحزب، من ثمن مقابل اختياره هو بالضبط وليس شخصا آخر؟
أن يكون للرباح طموح في رئاسة الحكومة فهذا ليس عيبا بحد ذاته، وأن تكون له رغبة في قيادة الحزب مستقبلا هذا أيضا لا عيب فيه، لكن عليه السعي إلى القيادة في واضحة النهار وبشفافية مع القواعد، ودون الاستعانة برموز السلطة الذين يريدون خلق الحمائم والصقور في الحزب سعيا إلى إضعافه عبر تقسيمه، كما وقع مع الأحزاب الوطنية التي عانت هذا الفيروس الخطير. بنكيران، مثل كل السياسيين، فيه عيوب كثيرة، لكن رأسه مطلوب اليوم ليس لعيوبه بل لمزاياه، وليس لسيئاته بل لحسناته، لصراحته في الحديث، لجرأته في الوقوف ضد حزب الدولة، لبطنه الذي ظل فارغا طيلة خمس سنوات، ولشعبيته التي اتسعت فوق ما تحتمله أعصاب السلطوية التي لا تريد شريكا في الحكم… اتركوا الكلمة الأولى والأخيرة للشعب، والذي يريد اصطياد السمك، عليه أن يبلل نفسه وأن يتحمل مسؤوليته.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

tarik منذ 6 سنوات

أعتقد والله أعلم أن بعض المغاربة يفضلون الأسوء على السيئ ،فقط لأن هذا السيئ قد يكون سياسيا فاشلا أو مدبرا لسياسة أريد "بضم همزة "إفشالها،لكنه نظيف اليد والبطن ،ويريدون الأسوء ويجهلون أو يتجاهلون أنه يتمع بخصلة الأولى بامتياز ومخالف للخصلة الثانية بامتياز كذلك ،وإن غدا لناظر قريب

كمال منذ 6 سنوات

اعشق قرأة كتاباتك وتحليلاتك العميق للأحداث السياسية لكن في هاته المسألة اضن انك تحاملت على الرباح اكثر من الازم التحكم لا يريد لا بن كيران ولا اخوانه شعارهم ليس في القنفد املس

Muhammed منذ 6 سنوات

Bravo professeur Taoufiq un article de haut qualité. ne lacher surtout rien

حدو نكتل منذ 6 سنوات

أجدت فأفدت شكرا لك المكناسي ديالنا

hassanX منذ 6 سنوات

بما أنك لست من الشعب فبالتأكيد أنت من أَتْ بآآآآآعْ بنكيران.

محمد الأشهب منذ 6 سنوات

كلام معقول وموزون وتحليل سياسي يستمد مفرداته من الواقع السياسي الجديد

محمد الأشهب منذ 6 سنوات

كلام معقول وموزون وتحليل سياسي يستمد مفرداته من الواقع السياسي الجديد

مواطن مغربي منذ 6 سنوات

هذه الحكومة جتمت على صدورنا بشكل فضيع ان لها أن تتركنا في حالنا غير مأسوف عليها وإلى مزبلة التاريخ وسيتذكر التاريخ هفواتها العديدة في حق هذا الشعب

جنان منذ 6 سنوات

معروف علي الرباح سيتغل فرص ههه اخد بن كيران الشعبوية الناس وصبر علي حرارة الشمش مفرطة ولكن عندما اصبح شمش الظل ظهر الرباح اخد صور انا الشمش تحرقه

M.KACEMI منذ 6 سنوات

صرت الآن أفهم أكثر ذاك النزوح المباغت والمنظم، أي المدروس، لبعض المحسوبين على بيجيدي إلى البام، و"نبارك" لرباح رهانه على الورقة الرابحة،أي التنسيق في الخفاء مع "الدولة العميقة". لكن وكما يقال في عاميتنا المغربية "للي حسب راسو ديما يشيطلو"

Bouchaffa Bouazza منذ 6 سنوات

Le Maroc a besoin d'hommes d'Etat et de managers capables d'oeuvrer , en liaison avec le Chef de l'Etat pour améliorer le système de gouvernance consacré par la Constitution de 2011

yasser منذ 6 سنوات

Tout a fait d accord si Bouachrne . actuellement soit benkirane soit personne

baba منذ 6 سنوات

إسمح ليَا آ السّي توفيق ، لكن ما يحسّ به من يقرأ لك بإستمرار، و أتمنّــى أن أكـــون مُخطئـــا... أنّه ، فاش تيسخن لمــاتشْ ، و تيبدا لمعقول ، تتّْولي فشيــشْكلْ... كمثال على ذلك : فالآونــة الأخيرة ، ولّيـــتي حتــّى أنت بحال صْحــابنا ، بسياساتهم المُلتوية ، تتْــلوح لينــا فيديوهــات و مقــالات . مفـــادها ، لا فائـــدة و لا جدوى من الإنتخابات و التصويـــت ، و لا شيء تغيّر و سيتغيّرْ.. مع العلم وأنت أعلم العارفين ،أنّ ذلك يصبّ أولا و أخيرا ، لصالح الشّْلاهبيــــة ، مّْواليــن الشكــارة....

العبرة منذ 6 سنوات

كلام في الصميم كثرة الغرور توصل إلى أكثر من هذا . الرياج وصلت مغامراته إلى حدها

mustapha hiyani منذ 6 سنوات

مشفتي واااالو اااسي بوعشرين بمدينة القنيطرة والسيد مرييييض خاص كوووولشي ادوز علا يديه حتى ف امور صغيييرة لقدر اقضها غير مستشار كسووول وغبي عندو اما الدورات فحدث ولا حرج من استفزازات وتصرفات صبيانية كطيح من اصلو ا من قيمتو واش عقلتي التملق ل بان فيه مفضوح فلقناة الثانية والنقاش على الدستور كتناقش مع سيييدو سى محمد الساسي اوتهم ليسار بالعداء للملكية ابقالو غير ادير محال عمومي خاص للقوادة لي بغا اقضي شي غرض اجي عندو نسا بسبب هده التصرفات والتهكمات الممزوجة بالغباء كثييير من الاحيان جراوعليه من احياء المدينة مفكو غير حمام النساء ؛؛؛؛؛؛؛ مسكين كان محروووم حتى النخاع اعاااامر عقد ابغا انتقم لماضيه وهدا دليل السيد لازال يشعر بمركب النقص لعندو فيه تضخم ولايزال يطارده اكصحاب السياسةهي التكالب و الانتهازية والغدر ولربما ماثر بش شخصية عفا عنها الزمن واصبحت متجااااوزة

المنصوري عبد السلام منذ 6 سنوات

اذا كان الشعب لا يريد بنكيران فأنا لست من الشعب

وادزم منذ 6 سنوات

انت تضخممن حجم بنكيران وكانه الساهر بعقله وتجاربه ة وخبراته في تهييئ السياسة العامة لوحده وتنسى ان هناك جيش من الموظفين من يقومون بذلك وسي بنكيران يقترح اقتراحات بسيطة لابد من ترجمتها الى ارقام وتحتاج الى جيش من الخبراء والموظفين في سائر الوزارات شانه في ذلك شان الوزراء ولهذا فلا سي بنكيران ولاالرباح هم من يدبر امور البلاد والعباد ومن ياتي سيجد المصالح ورؤساء المصالح والمركزيات وتستمر الحياة فكافنا من تضخيم الامناء للاحزاب وهم مجرد افراد عاديين والله يرحم من يعرف قدره

Momo منذ 6 سنوات

Bravo Mr Bouaachrin....J ai tjrs trouve Rebbah, un grand arriviste au sein du PJD....Il est devenu leche botte de ALHIMMA

Alaoui منذ 6 سنوات

bravo monsieur bouachrine ce que vous dite maintenant a étaitdepuis des années ,mais pas dans les journaux mais au sein du pjd .d'ailleurs c'est pour cela benkirane de temps en temps le rappel l'ordre .

محمد قدمير منذ 6 سنوات

اتركوا الكلمة الأولى والأخيرة للشعب. ونعم الرأي.

عبدو من فاس منذ 6 سنوات

كلام معقول. الله يعطيك الصحة,

عبد الوهاب منذ 6 سنوات

للاسف في السياسة ليس هناك عدو دائم والمال ضروري لضمان التوزنات و الحزب حتى ادا حصل على الاغلبية لايتوفر على رجال اعمال الدين يضمنون الاستقرار الاقتصادي و اغلبيتهم يقفون ضد الحزب حفاظا على مصالحهم.