-->

سنة على بتر يدها في حادث "ترامواي".. إيمان تواجه رعبها – فيديو مؤثر

27 مارس 2017 - 19:20

فيديو: عثمان تودة

بعينين تعبران عن الترقب وبعض الخوف، وقفت في محطة « السوق المركزي » الخاصة بـ »الترامواي » في قلب الدار البيضاء النابض تحدق في العربات التي تمر أمامها.

ازدحمت الذكريات في عقل إيمان كريكران وهي تسترجع شريط « الأربعاء الأسود »، حين اصطدمت شاحنة صهريجية لخلط الإسمنت بـ »الترامواي ».

عادت بها الذكريات إلى ذلك المساء الاستثنائي في حياتها، حين قررت مغادرة البيت، لكن الأحداث تسارعت على نحو مأساوي لتجد نفسها فوق سرير بارد وعيناها مثبتتان إلى سقف المستشفى، قبل أن تعي حقيقة الفاجعة التي ستضطر للتعايش معها فيما تبقى من حياتها: لقد بترت يدها اليسرى.

اختارت العودة إلى المكان نفسه الذي كان شاهدا على « الفاجعة »، وفي لحظة انتظار وصول الترامواي بدا الخوف عليها وشحب وجهها. وبشفتين مرتعدتين وفي حالة إطباق، راحت تتأمل قدوم « عربة الرعب » التي قلبت حياتها يوم 30 مارس 2016 رأسا على عقب.

[youtube id= »6nCAkkM_T-4″]

رغم كل شيء، اختارت إيمان تحدّي خوفها هذه المرة، وقررت مواجهة ألمٍ ومشاهد مأساوية حفرت نقوشها على جدران الذاكرة. قررت أن تستعيد شريط الذكريات بكل تفاصيله وفي حالة إدراك تامة، أو على الأقل ما بقي عالقا بالذاكرة.

وهي تنتظر، أسقطت الرياح قميصها الصوفي، قبل أن تمد يدها اليمنى لتخفي الكم الأيسر الذي لم يجد عضوا يثبته، لكنه وجد أملا تتشبث به هذه الشابة.

إيمان، المفعمة بالحياة والطاقة الإيجابية، لها نصيب كبير من اسمها، ما جعلها تتحدث باستمرار عن « حكمة الله في ما جرى »، وتعبر عن « رضاها بقضاء الله وقدره »، وتلخص رؤيتها للأمور بجملة واحدة: « الله عطاها ليا. ملي بغاها خداها ».

تجبر إيمان كل من التقى بها على الضحك، فلا مكان للمأساة في حياتها، وحتى في الوقت الذي تحركت فيه عجلات الترامواي كانت مبتسمة، تجلس في المكان نفسه الذي جلست فيه يوم الحادث، تضع يدها اليمنى على حقيبتها اليدوية تنظر من خلال النافذة إلى الخارج بعيون مليئة بالدهشة والأمل، وبعض الألم، في انتظار انتهاء الرحلة القصيرة بين محطتي « السوق المركزي و »الأمم المتحدة ».

انتهت الرحلة ومعها انتصرت إيمان على خوف كان يعتريها كلما فكرت أن تركب الترامواي مرة أخرى بعد الحادث. دقائق بعد نزولها، ارتسمت ابتسامة عريضة على محياها، وكانت عيناها تشعان بريقا، لتقول بعدها: « والدي سيكون فخورا بي ».

من وسط المدينة إلى شاطئ عين الذئاب داخل السيارة، أغمضت عيناها، وسحبت الهواء إلى رئتيها، معبرة عن راحة مستحقة بعد نجاحها في تحدي الذكريات القاسية والآلام.

نظرات استغراب

أول الصعوبات التي واجهت إيمان بعد فقدان يدها هو نظرة المجتمع لها، ونظرات الاستغراب التي تلاحقها أينما ذهبت، وتقول في هذا الصدد: « بعد الحادث قررت مواجهة الناس. أول مكان كان الحمام الشعبي، نظروا لي باستغراب، لكن نظراتهم لم تحرك في ساكنا. هناك أناس يتفهمون، وآخرون أعتبرهم معاقون في تفكيرهم ».

ابنة مدينة الدار البيضاء لا تعتبر نفسها معاقة، وإنما تحمل ميزة تميزها عن بقية الناس. تقول: « الحمد لله أن الله ميزني عن باقي المواطنين بعد أن أخذ يدي. اليوم أعمل في دنياي للقاء يدي في الجنة ».

ولعل أكثر الأمور التي آلمتها هي سؤال الناس عن المبلغ المالي الذي حصلت عليه بعد الحادث: « الحمد لله ما أصابني قضاء وقدر، ومال الدنيا والآخرة لن يعوضني عن يدي. الوحيد الذي يستطيع تعويضي هو الله ». وشددت إيمان على أنها إلى حدود اليوم لم تحصل على أي سنتيم، وأن ما ربحته من الحادث هو دعوات الناس وحبهم، وحب الوالدين.

يد اصطناعية

فكرة وضع يد اصطناعية بدأت تتبدد من فكر إيمان، بعد أن أكدت الفحوصات الطبية أن اليد لن تتحرك، إذ أن الحادث تسبب في بتر يدها من الكتف، وعدم وجود إمكانية لتحريكها وقالت بابتسامة: « قررت ألا أضعها، لكن والدي لا يزال متشبثا بالفكرة، ويلح.. سأفكر في الموضوع مستقبلا ». وفي نهاية لقائها المصور مع « اليوم24″، وجهت إيمان وصية أخيرة لكل من تابع قصتها من السنة الماضية، وأوصتهم بالصبر والإيمان، وعدم اليأس.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

عبد الله منذ 7 سنوات

شكرا لليوم 24 على هذه الالتفاتة.. كم تأسفنا للحادث السنة الماضية . لكن الان بكلام أختنا إيمان نسكن و نطمئن و نسأل الله لنا و لها و لجميع الإنسانية دوام القلب الخاشع و الإيمان الصحيح و الصادق حتى نلقى الله تعالى وهو راض عنا. أختي إن شاء الله سبقتـك يدك إلى الجنة ، و الله يحبــك لذا ابتلاك ، و الابتــلاء على قدر المحبة ، و الابتـلاء هو سنة الله في خلقه ، عن سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَال قال : قلْتُ : يا رَسُول اللّهِ , أَي الناسِ أَشَد بَلاء ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُم الأَمْثل فَالأمثل , فَيبــتلى الرجل عَلَى حَسَبِ دينِه , فَإِنْ كان دينه صُـلبا اشْتَــد بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رقة ابْتُلِيَ على حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ .

مواطنة منذ 7 سنوات

اقل الايمان كان لازم على هاد شركة طوبيسس (بزاف عليها طرام)و كتعويض رمزي . تعطيها جواز ركوب طول حياتها بالمجان ذلك لن يعوضها في شيء لكن على الاقل هتحس بتعويض معنوي بسيط . للأسف شركات همها فقط رأس المال لا انسانية فيها

حسن بن عبد الله منذ 7 سنوات

قلب مملوء بالايمان وقبول قضاء الله وقدره والرغبة في الحياة

Redouane Hamdani منذ 7 سنوات

أتمنى لك حياة سعيدة ..

محمد منذ 7 سنوات

شابة قمة في الأخلاق، كلها روح إيجابية تسمو بها بعيدا عن مجتمع معطوب غارق في الآفات و السلبية إلا القليل و أنت من القلة.. صبرك و إيمانك القوى سيعينانك بلا شك.. وفقك الله و شد أزرك

التالي