-->

الفايسبوك.. ذلك الخطر على الديمقراطية !!

04 أكتوبر 2018 - 20:34

 

الإصرار على نقد خطاب التيئيس والسلبية، يعكس حصول انفلات كبير للمجتمع عن حدود الضبط والتأطير، وعجز فظيع عن التأثير 
على الرأي العام وصناعة مزاجه.

الدولة اليوم، منزعجة جدا من شكل تعاطى الجمهور مع الهجرة السرية، ورغم كشفها للجانب المافيوزي في هذه الهجرة، لم تنجح في تأطير الرأي العام، وجعله في صفها وهي تدبر توتر علاقاتها مع إسبانيا بعد قرارها بإغلاق 
المركز الجمركي ببني أنصار. بعض الشباب تعدى التعبير الاحتجاجي إلى الأسوأ، بل تعدى مخاطبة الملك إلى ضرب 
المقتضى الدستوري المتعلق بتوقيره.

في الصورة تناقض غير مفهوم بين طرفين: دولة تحاول جهدها أن تجعل المسألة الاجتماعية على رأس الأولويات، وتكثف جلسات العمل الخاصة التي يرأسها الملك، وتضع أجندات زمنية دقيقة للتنفيذ، وشباب، يتابع هذه الخطوات، وتزداد درجة الإحباط في تعبيراته، 
ويصل إلى حد شرعنة الهروب من الوطن.

أين المشكلة؟

جدية الدولة اليوم، لا مجال للتشكيك فيها، وفي سعيها إلى تنزيل الأجندة الاجتماعية، فالمخاطر كبيرة، والتأخر في ذلك جد مكلف، والدولة لا تلعب إذا تعلق 
الأمر بالاستقرار والسلم الاجتماعي.

والمجتمع، الذي انتظر طويلا، حدوث المعجزة، لم يعد ينسلك في أذنه أي صوت يبشره بالخبز، ما لم ير الخبز بعينه، ولم يعد يثق في أي نخبة، بعدما وثق بحزب، لم يستطع أن يحصن تعهداته في معركة السياسة.

البعض يجد سهولة في التشخيص، ويختصر القضية في عدميين محرضين لا يرون في جهود الدولة والحكومة سوى السواد، يشجعون على الفوضى والفتنة، وأن العلاج هو الضرب بيد من حديد، بدءا بمتابعة تدوينات الشباب، وتقوية الترسانة القانونية التي تحد من حرية تعبيرهم، وإقامة محاكم التفتيش لهم. والبعض الآخر، من وحي التشخيص نفسه، تدفعه نباهته، إلى مقاومة الفراغ، بتشغيل جيوش إلكترونية يناط بها الدور المقابل، ولو بطريقة فجة تثير الاشمئزاز، فترى مئات المعلقين، يملأون التدوينات بالسباب والشتائم، كأنها مباراة في كرة القدم، يربح فيها 
الأكثر جمهورا، والأكثر عربدة ولؤما.

والحقيقة، أن الهروب من مواجهة المعضلة، هو الذي يدفع المسؤولين عن إنتاجها، إلى التغطية عن ضعف خيالهم السياسي باختلاق أعداء للوطن، يقومون في نظرهم بنشر العدمية والسلبية ومعاداة المؤسسات، وهم في ذلك لا يعدمون الإتيان بالأدلة لصناع القرار، من نزق تيار فقد منذ زمان بوصلته السياسية، أو غضبة مظلوم، أفقدته الصدمة صوابه، فتعدى حدود اللياقة في مخاطبة من يجب في حقه الوقار، أو في فعل طائش لفرد أو فئة، افتأتت على القانون، وحلت محل السلطة في إنفاذه.

لكن، هذه الانفلاتات، على مخاطرها الجمة، لا تبرر بناء أطروحة الخوف المسوغ للحد من الحريات، أو خلق معركة ضد الشباب، هدفها في الجوهر التغطية على ضعف خيال نخب لا تعرف السياسة.

قد تنجح الدولة، بتقارير أو غيرها، في تحديد لائحة أو لوائح، وقد تنجح القوانين في ردع شخص أو أشخاص أو حتى مجموعات، لكن، هل ينفع ذلك في تحويل الشباب من خطاب اليأس إلى خطاب الأمل، ومن مناكفة 
وعود الدولة إلى الاستجابة لمبادراتها؟

عديمو الخيال السياسي، يملكون فقط، جواب « التأديب » لاستتباب الوضع، لأنهم لا يؤمنون بالنخب، وقدرتها على الفعل والـتأثير، وإنما يؤمنون فقط بالتحكم فيها، في حين، أنه لا جواب للمعضلة اليوم، خارج دور مركزي للنخب، وليست أي نخب، وإنما النخب التي تمخضت في رحم الشعب، ولاتزال تتمتع بانغراس في ترابه، ولا حل من غير إصلاح للسياسة، يعيد الاعتبار لدور 
المؤسسات التي تمثلها هذه النخب.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

bassou منذ 5 سنوات

الفايسبوك في المغرب أكبر داعم للديموقراطية فهو يوصل رأي الشعب بدون وسيط في فمه غربال. ما يقع في ملاعب الكرة من سب للاعبين الفاشلين يقع أيضا للمسؤولين الفاشلين في الفايسبوك و ليس الحل في إسكات الشعب و إنما في خروج اللاعب الفاشل. الشعب لا يرحم و لا داعي لممارسة الوصاية عليه

التالي