الحملة العسكرية التركية تُحيي خطر الجهاديين المغاربة المعتقلين لدى الأكراد

16 أكتوبر 2019 - 10:01

بعد أسبوع تقريبا من الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي في المنطقة التي تسيطر عليها  » قوات سوريا الديمقرطية » المعروفة باختصارا بـ »قسد »، في شمال شرق سوريا، عاد شبح خطر الجهاديين المغاربة المحتجزين في مخيمات ومراكز الاعتقال التابعة لـ »قسد » إلى الواجهة من جديد، بعد تأكيد الأكراد وتقارير غربية فرار بعض الجهاديين وأسرهم. علما أن مخيمي  » الهول » و »روي » التابعين لـ »قسد » يؤويان عشرات المغربيات وأطفالهن إلى حدود يوم الثلاثاء الماضي، لكن اليوم لا يُعرف مصيرهم في ظل انقطاع التواصل معهم، كما عبر عن ذلك بعض أقارب المحتجزين المغاربة في سوريا.

مصير مجهول

إلى حدود يوم الأربعاء الماضي، قبل إعلان تركيا بدء العملية الأمنية ضد قوات سوريا الديمقراطية، كانت هذه الأخيرة تحتجز في مراكزها 12 ألف جهادي، جلهم ينتمون إلى داعش، و80 ألفا من أقاربهم، أطفال ونساء. من بين هؤلاء هناك 3000 أجني من 54 بلدا، تقريبا، من بينهم المغرب. وتوجد من بينهم أربع مغربيات إسبانيات رفقة أطفالهن الـ17. أحد أقارب هذه الجهاديات كشف لصحيفة « إلباييس » قائلا: « قامت القوات الكردية بمصادرة الهواتف من المخيمات، وعليه لا نعرف منذ أسبوع أي شيء عما يجري هناك ».

أحد أقارب إحدى الأسر المغربية الإسبانية المحتجزة في مخيم الهول أوضح، كذلك، أنهن « خائفات من الجهاديات الأخريات الأكثر تطرفا، ومما يمكن أن يحدث لهن ». قريب ثالث من أسر مغربية أخرى محتجزة بمخيم « روخ » التابع للأكراد في شمال شرق سوريا أوضح يوم الخميس الماضي قائلا: « إنهم قلقون (الأمهات والأطفال). وصل المزيد من الجنود الأمريكان أكثر من المعتاد ولا يعرفون ما يحدث ».

محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان و المركز المغربي للدراسات الأمنية، أكد لـ »أخبار اليوم »، نقلا عن مصادر في شمال شرق سوريا، قائلا: « يعيش الأطفال والنساء المغاربة بمخيمات الاحتجاز بشمال سوريا الديمقراطية حالة من الذعر والخوف مع بداية الحملة العسكرية للتركية مع قلة المؤونة والفوضى التي تعرفها المخيمات. هذا ناهيك عن المؤشرات الأولى لبداية عودة داعش إلى الساحة بعد هروب بعض مقاتليها وبدء ترميم صفوفها… »، وانتقد تردد الحكومة المغربية في ترحيل هؤلاء المغاربة لمحاكمتهم في المغرب قائلا: « الحكومة المغربية لا زالت تضع أصابعها في أذانها وترفض إعادة الأطفال والنساء ».

عبد الرحمان المكاوي، الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والعسكرية، كشف في تصريح لـ » أخبار اليوم » أن « المقلق في الموضوع هو أن الأكراد أحرقوا مخيمات أسرى داعش، مما سمح لهم بالفرار، إذ تمكن 800 جهادي وزوجاتهم وأطفالهم، وفق تقارير استخباراتية غربية، من الهروب إلى كردستان العراق ووجهات أخرى غير معروفة، من بينهم ألمان وفرنسيون وبريطانيين وليبيون وتونسيون وجزائريون ومغاربة، ومن دول عربية أخرى ». واستطرد المكاوي قائلا: « الجهاديون الفارون تبخروا في الصحراء وهذا ما يقلق الدول الغربية، خوفا من عودتهم إلى بلدانهم الأصلية ». هذا الاستنفار تجسد، أيضا، في لقاء القمة في الساعات الماضية بين ألمانيا وفرنسا، وانعقاد مجلس الأمني القومي الفرنسي لمناقشة هذا الموضوع الطارئ؛ المتمثل « في هروب جهاديين دون معرفة وجهتهم الجديدة ».

فيما يرى الخبير المغربي في قضايا الإرهاب، مساوي العجلاوي، في تصريح للجريدة أن « التدخل التركي في الشمال الشرقي لسوريا والحديث عن فرار أسر الجهاديين، يعيد من جديد الورقة الجهادية إلى التوظيف السياسي الإقليمي ». وحذر العجلاوي من عودة خطر الجهاديين إلى الواجهة بالقول إن « ما يجري لحظة صفر (فارقة) بين زمن الاعتقال وزمن إعادة انتشار » للجهاديين. ودق ناقوس الخطر من إمكانية استغلال الجماعات الجهادية للظروف الحالية في شمال سوريا، بحيث « يتسلل جهاديون فارون إلى أوروبا أو ليبيا، ومنها إلى منطقة الساحل، وربما دول الجوار ». وأردف أن « الجماعات الجهادية تنبت دوما ودائما في التصدعات والفوضى ».

نفير استخباراتي

مع ذك، يرى المكاوي أن « الأجهزة الاستخباراتية المغربية يقظة وتتابع عن كثب التطورات الحاصلة في شمال سوريا، وهي تعلم أنه من ين الأسرى الفارين قد يكون هناك جهاديون من أصول مغربية ». « ومما لا شك فيه أن هناك نفير عام غير معلن حول الموضوع، تفاديا لكل تسريب »، يشرح.

وفي الوقت الذي لا يعرف فيه مصير الجهاديين المغاربة وأطفالهم المحتجزين في سوريا بعد العملية الأمنية تركية، كشف الأكراد هروب 785 من أقارب الجهاديين الأجانب المحتجزين في مخيم عين عيسى القريب من المنطقة الحدودية التي تجرى فيها المعارك بين الجيش التركي والقوات الكردية؛ بينما يتحدث المركز الإعلامي « روجافا » الناشط في المنطقة عن فرار 859 من أقارب الجهاديين. لكن المصدرين لم يحددا جنسيات الفارين. بلاغ للقوات الكردية أشار، كذلك، إلى أن « بعض أقارب (الجهاديين) استطاعوا الهروب »؛ في حين قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن « ما يقارب مئة امرأة وطفل من أقارب الجهاديين فروا من مخيمات الاحتجاز ». وتابع المرصد السوري أن جل الفارين هم من الأجانب، لكن لم يحدد، أيضا، جنسياتهم.

من جهتها، أعربت المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الأطفال « Save the Children » عن قلقها حيال المعلومات القادمة من شمال سوريا، والتي تفيد فرار بعض أقارب الجهاديين بعد سقوط صواريخ يوم أول أمس الأحد في مخيمات الاحتجاز، محذرة من احتمال أن تؤدي الفوضى الحالية إلى اختفاء الأطفال المحتجزين في المخيمات. ودعت كل الحكومات التي لديها مواطنين في شمال سوريا قائلة: « مرة أخرى، ندعو الحكومات الأجنبية إلى الإسراع لترحيل مواطنيها. إنها الفرصة الوحيدة لأنه ليس هناك وقت ».

وكانت « أخبار اليوم » كشفت، قبل التدخل التركي بأسبوع، أن مجموعة من الجهاديات المغربية، أغلبهن كن ينتمين إلى داعش في مخيمي « الهول » و »روج » التابعين لـ »قسد »، مستعدات للتنازل عن أبنائهن لصالح الدولة المغربية في ظل تعذر ترحيلهم جميعا. ومن بين الأسباب التي جعلت الجهاديات المغربيات يخترن مفارقة أبنائهن، تبرز المعطيات ذاتها: أولا، حرمان الأطفال المغاربة من التعليم رغم أن الدراسة انطلقت؛ ثانيا، الظروف الاجتماعية المزرية في ظل انتشار الأمراض وغياب التطبيب؛ ثالثا، وجود أنباء عن توجه قوات سوريا الديمقراطية إلى انتزاع الأطفال المغاربة الذين تتجاوز أعمارهم 8 سنوات من أمهاتهم وإلحاقهم بمراكز التجنيد العسكري؛ رابعا، الخوف من تعرض الأطفال المغاربة للاختطاف والمتاجرة في أعضائهم؛ خامسا، تريد الأمهات أن يعيش أبناؤهن في بلدهم أفضل من أن يتحملوا وزرهن.

ونقلت الجريدة، كذلك، عن المركز المغربي للدراسات الأمنية أن ما يناهز 350 امرأة وطفلا مغربيا محتجزون في مخيمي « الهول » و »روج »..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي