راكم المغرب، خلال سنة 2019، عددا من القضايا الحقوقية، المثيرة للجدل، منها الحكم بعقود من السجن استئنافيا على معتقلي حراك الريف، والحكم استئنافيا بالسجن على الصحافي توفيق بوعشرين، وإدانة الصحافية هاجر الريسوني، ومن معها بالحبس، وسلسلة من الأحكام في قضايا مست حقوقيين، ومدونين، وصحافيين، آخرها تأييد الحكم بالحبس، والغرامة في حق أربعة صحافيين، أمس الاثنين.
وفي ذات السياق، قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في حديثه لـ »اليوم 24″، إن سنة 2019، التي أكمل فيها المغرب أربعين سنة من تصديقه على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، تميزت بكثرة التراجعات لتمثل بذلك سنة الردة الحقوقية بامتياز.
وأضاف غالي إن سنة 2019، تميزت بعودة الاعتقال السياسي بقوة، ليصبح عدد المعتقلين السياسيين في السجون المغربية 500 شخص، وتميزت بعودة قوية لطلب اللجوء السياسي للصحافيين المغاربة، والنشطاء، والقتل خارج القانون، في عدد من الحالات، التي خزت الرأي العام، مثل حادث مقتل فتاة على يد شرطي في مدينة الدارالبيضاء، ومقتل الشابة حياة في زورقة للهجرة، بالإضافة إلى الوفيات في مخافر الشرطة، والسجون.
وتابع غالي أن سنة 2019 وقف خلالها الحقوقيون على عدد كبير من حالات التعذيب في السجون، ومخافر الشرطة، بينما كانوا يراهنون على آلية مناهضة التعذيب لوقف هذه الممارسات، تم خلق « آلية مشوهة » تحت تصرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأثبتت تدخلاتها أنها تتحرك في الاتجاه المعاكس لمصالح الضحايا، لتتحول المؤسسات، التي كان ينتظر أن تحمي مصالح المواطنين، لآليات لتبرير الممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان، وسط محاولات لإلغاء مصطلح الاعتقال السياسي.
وأكد الناشط الحقوقي أن، سنة 2019، أصبحت « سنة إغلاق قوس حرية التعبير »، بعدما تم جر عدد من الصحافيين للمحاكمات، منهم الصحافي توفيق بوعشرين، والصحافيين الأربعة، والصحافي حميد المهداوي، والصحافي أصرحي، دون الحديث عن المدونين، مضيفا أنه « بعد إغلاق الفضاء العمومي للنقاش تم إغلاق الفضاء الرقمي بعد تحريك المتابعات، بسبب تدوينات، وتفاعلات ».
واتسمت سنة 2019، التي شارفت على الانتهاء، حسب القيادي الحقوقي، بعودة المتابعات، بسبب المقدسات « كنا نظن أن غول المقدس اختفى، ولكن حالات مول الكاسكيطة، ومول الحانوت تثبت العكس »، مضيفا أن الحقوقيين كانوا يرون في الدستور الجديد تجاوزا للمتابعات، بسبب المقدس، إلا أن الأحداث الأخيرة اظهرت ما يخالف ذلك.
وحسب الحقوقيين، فإن التراجعات مست باقي الحقوق، مثل حقوق الشغيلة، بتواصل تسريح العمال، والامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية منصفة لهم، والتراجع عن الحق في الصحة، وسط تزايد أعداد وفيات المرضى، إما بالإهمال، أو نقص الأطر الصحية، كما تراجع الحق في التعليم، والحق في الأرض، والحق في الماء، الذي فجر عددا من الاحتجاجات، بسبب مصادرة العيون، وانتشار الكوارث البيئية، وتزايدها.
وعن العدالة، قال غالي إن المغاربة خلال السنة الجارية « أصبحوا رهائن النيابة العامة، التي أصبحت تحكم الآن في المغرب، من خلال التكييفات، والمتابعات »، كما أن التشريع أصبح مصدرا جديدا للتراجع عن الحقوق والحريات، من خلال إصدار قوانين تضر بمصالح المواطنين، مثل حق الإضراب، الذي يتجه القانون الجديد نحو تقزيمه، وسط إرهاصات إعادة مناقشة مدونة الشغل، والتخوف من الإجهاز على حقوق الشغيلة.