ولد الكرية، هو أكثر واحد ضمن ثلاثي أغنية «عاش الشعب» الذي أثار صدمة المغاربة بعد صدور الأغنية المثيرة للجدل، سواء بسبب جرأته غير المسبوقة، أو بسبب حجم العنف اللفظي الذي تضمنه المقطع الذي غناه.
ولد الكرية هذا خرج، الآن، يعطي تأويلا مضحكا لما لا يحتاج إلى تأويل للمقطع الذي غناه في «عاش الشعب»، مؤكدا ما أثبتته التجارب عن أن أكثر المندفعين هم أسرعهم في التحول إلى انبطاحيين، وأن أكثر الخطابات قدرة على التأثير في مساحات أوسع ولمدة أطول هي الأصوات العقلانية، معتدلة كانت أم راديكالية، طالما اعتمدت خطابا مناسبا للحظة المناسبة والمحيط المناسب.
إن الخطابات الصادرة عن أمثال ولد الكرية لا تعبر فقط عن الغضب المستشري وسط الهوامش المنسية، بل أيضا عن الانحدار الذوقي والتربوي الذي أصبح يملأ الفراغ الذي أحدثه فشل النموذج التربوي وفشل النموذج الحزبي، قبل فشل النموذج التنموي.
وهذا هو الأخطر، لأنه إذا كان بإمكاننا، في سنوات قليلة، إحداث طفرة اقتصادية، وتوفير الشغل للعاطلين، فإن الارتقاء بخطاب المواطنين وأخلاقهم يحتاج إلى أجيال.
من ناحية أخرى، فالذين عولوا على ولد الكرية وأمثاله في تسريع عملية الانتقال نحو الديمقراطية، عولوا على الرغوة التي تبددها أتفه هبة ريح.