"حقوق الإنسان الأوروبية": إعادة المهاجرين من أوروبا إلى المغرب بات "شرعيا"

17 فبراير 2020 - 21:00

في الوقت الذي كانت تستعده  فيه الحكومة الإسبانية اليسارية لإلغاء إجراء “الإعادة الفورية” للمهاجرين الذين يقتحمون سياجات المدينتين المحتلتين مليلية وسبتة إلى الداخل المغربي، تماشيا مع الحكم الابتدائي الصادر ضد الدولة الإسبانية من محكمة حقوق الإنسان الأوروبية (TEDH) سنة 2017؛  صدمت الغرفة العليا بالمحكمة ذاتها الأوساط الحقوقية في المغرب وخارجه بقرار غير قابل للطعن، يشرعن عملية الإعادة الفورية للمهاجرين المقتحمين للسياجات إلى المغرب، بل ذهب التقرير أبعد من ذلك، بالتأكيد على أن الدولة الإسبانية لا تتحمل مسؤولية إعادتهم، لأنها نتيجة “للسلوك الشخصي للمهاجرين” والمخالف للقانون.

في المقابل، رفضت الجمعيات الحقوقية هذا القرار واعتبرته انتكاسة في مجال حقوق الإنسان. ويتخوف الحقوقيون من أن يتحول الحكم النهائي هذا إلى “ضوء أخضر” لإرجاع فورا إلى الجانب المغربي كل من يقتحم السياجات في الأيام المقبلة.

في صباح 13 غشت 2014، حاول حوالي 600 مهاجر اقتحام السياجات الحدودية لمدينة مليلية المحتلة، لكن 100 منهم نجحوا فقط من دخول الثغر، فيما جزء صغير بقي عالقا في الجزء العلوي للسياج، ليتم إنزالهم من قبل الأمن الإسباني و”إعادتهم فورا” إلى الجانب المغربي.

مهاجران من مالي وساحل العاج من بين الذين نفذ في حقهم إجراء “الإعادة الفورية”، قررا متابعة الدولة الإسبانية في المحاكم بعد أن نجاحا لاحقا في العبور إلى أوروبا.

وبما أن هذه القضية تحظى باهتمام واسع في الضفة الشمالية، فقد حظي بدعم ومساندة النشطاء والحقوقيين والمحامين. وفي 12 فبراير 2015، رفعا دعوى ضد الحكومة اليمينية الإسبانية بقيادة ماريانو راخوي المطاح به في يونيو 2018 عبر ملتمس رقابة حمل بيدرو سانشيث إلى الحكم؛ وفي 3 أكتوبر 2017، أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حكما ابتدائيا يدين إسبانيا مع تعويض المهاجرين بـ50 ألف درهم لكل واحد، ما يعني إلزام عمليا مدريد بإلغاء إجراء “الترحيل الفوري” للمهاجرين” إلى المغرب.

مع ذلك، قررت حكومة راخوي استئناف الحكم في نفس المحكمة، لكن كان الجميع متيقنا من أن الغرفة العليا ستؤكد الحكم الابتدائي، لكن “الصدمة كانت كبيرة”، يوم أول أمس الخميس، حيث أصدرت الغرفة العليا حكما نهائيا غير قابل للطعن يبرئ الحكومة الإسبانية من انتهاك بنود الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تمنع الترحيل الجماعي، ويشرعن، في القوت ذاته، إجراء “الإعادة الفورية” لمقتحمي السياجات إلى الداخل المغربي.

الحكم النهائي الذي تتوفر “أخبار اليوم” على نسخة منه يقول: “اعتبرت المحكمة أن المدعيين هما اللذان وضعها نفسيهما، في الواقع، في وضع غير قانوني عندما حاولا عمدا الدخول إلى التراب الإسباني في 13 غشت 2014 بطريقة غير مسموح بها، من خلال تسلق السياجات المحيطة بمدينة مليلية الإسبانية في ساحل شمال إفريقيا”.

وبررت الغرفة العليا قرارها بكون المهاجرين “قررا عدم اتباع الإجراءات القانونية القائمة من أجل الولوج إلى التراب الإسباني بطريقة غير قانونية”. وردا على دفوعات محاميي المهاجرين حول عدم قانونية استفادة المهاجرين من حقهما من خدمات محامي وطبيب أثناء توقيفهما، خلصت المحكمة إلى أن ذلك كان “نتيجة لسلوكهما الشخصي”.

وأشار الحكم النهائي إلى أنه كان على المهاجرين طلب اللجوء في التمثيليات الدبلوماسية الإسبانية المعتمدة في المغرب أو في مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب أو في مليلية. لكن منتقدي الحكم يقولون إن الأمن لا يسمح للمهاجرين بالمرور إلى مكتب طلب اللجوء في مليلية، فكيف يمكنهما ذلك. وانتقد المركز الأوروبي من أجل حقوق الإنسان والحقوق الدستورية القرار الأخير لأنه يغيب “الضمير والذاكرة التاريخية”.

مصادر حكومية إسبانية قالت لوكالة الأنباء أوروبا بريس إن الحكومة “تحترم وتمتثل” لقرار الغرفة العليا بخصوص تأييدها إجراء الإعادة الفورية.

صحيفة “إلباييس” قالت إن موقف محكمة حقوق الإنسان الأوربية تغير بـ180 درجة، وأوردت نقلا عن مصادرها أن المحكمة الدستورية الإسبانية أعدت مشروعا أوليا يتلاءم مع القرار الابتدائي، يهدف إلى إلغاء إجراء “الإعادة الفورية”، وهو المشروع الذي تماشى مع توجهات الحكومة الاشتراكية الحالية، التي كانت وعدت في حملتها الانتخابية سنة 2016 بإلغاء هذا الإجراء، لكن القرار الأخير غير الأمور رأسا على عقب، وسيفرض على المحكمة الدستورية إعداد مشروع آخر ينسجم والقرار الأخير.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي