مثلما برّر وزير العدل، محمد بن عبد القادر، تراجعه عن مشرع القانون الخاص بـ«تكميم» الشبكات الاجتماعية بالظرفية الخاصة التي يمر منها المغرب، كما لو أن هذه الظرفية لم تكن قائمة يوم عرضه أمام المجلس الحكومي في 19 مارس الماضي؛ برر قادة أحزاب المعارضة، في ندوة جمعتهم عن بعد مساء أول أمس، أي الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية، إحجامهم عن تقديم ملتمس رقابة لسحب الثقة من الحكومة، بالظرفية الاستثنائية التي تعيشها البلاد.
ما لم ينتبه إليه نزار بركة ونبيل بنعبد الله وعبد اللطيف وهبي، هو أن ملتمس الرقابة مورس بالفعل بشكل مباشر من لدن الشعب ضد الحكومة وكل من يقف وراء هذا المشروع المشبوه. والواقع أن التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم حاليا، تجعل القرارات والمواقف والأمر الواقع تصنع وتُحسم بشكل سريع خارج دائرتي التداول والقرار التقليديتين.
لا يمكننا نحن، الصحافة «التقليدية»، وقادة الأحزاب الثلاثة، بصفتها معارضة «تقليدية»، إلا أن نبعث رسائل الشكر إلى هذا الحزب الافتراضي الذي انتفض من أجلنا، وانتصر لحقنا في حد أدنى من الحرية في النقد والتعبير. علينا أن نتأمل جيدا هذا الواقع الذي لم تعد فيه المعارضة البرلمانية ولا الصحافة خط الدفاع الأول ضد تجاوزات السلطة وانحرافاتها، بل بات هذا الشكل التلقائي، وربما العبثي، من الديمقراطية المباشرة يتدخل في الوقت المناسب ليخوض المعارك المناسبة في وقتها المناسب.
لو أننا عولنا على خطاب الظرفية والسياق والحيثيات، لكان اليوم البرلمان يجتمع بعُشر أعضائه لكي يصادق على قانون بنعبد القادر، لنساق في اليوم الموالي جميعا إلى السجون، ولما كان بإمكاننا، صحافيين وسياسيين، عقد هذه الندوات الافتراضية للحديث بحرية.