بلال التليدي يكتب: ماذا خسر العدالة والتنمية بموت عبدالله بها؟

11 ديسمبر 2020 - 20:30

مع الذكرى السادسة لموت عبدالله بها، تكون المسافة الزمنية قد امتدت بما فيه الكفاية لتقييم أثر موته على حزب العدالة والتنمية. ومع ما يثيره هذا السؤال، من حساسية شديدة، في مدرسة فكرية وحركية لا تعطي اعتبارا كبيرا للشخص، وتعلي في المقابل، من شأن المؤسسة والقيادة الجماعية، فإن طرحه يستمد شرعيته من جهتين: مكانته الاعتبارية داخل التنظيم، ومآل التنظيم بعد موته.

عند موت الأستاذ عبدالله بها، اطردت التوصيفات المناقبية للرجل، وتواطأت جميعها، على أن دوره في التنظيم كان تجميعيا، بما امتلكه من حكمة وقدرة على التركيب بين الآراء المختلفة. فالأستاذ عبدالله بها، لم يكن منظرا، ولا مجترح أفكار، وإنما كان رأسماله الإضافي، بل ميزته، هو قدرته على الاستمتاع إلى الآراء المختلفة، والخروج منها بتوليفة، تجمع التنظيم وتقرب بين مكوناته المتباينة.

لكن، بعد مضي ست سنوات على موته، يمكن الاطمئنان إلى هذه الخلاصة، التي كانت تقيم دوره بناء على ما حصل في الماضي، لا بناء على ما افتقده التنظيم في الحاضر بعد موته.

صحيح أن تحديات عدة قد واجهت  التنظيم بعد موت الأستاذ عبدالله، بل واجه- بلغة الأستاذ عبدالإله بنكيران- زلزالا غير مسبوق، لا يعرف على وجه الدقة هل كان التنظيم سيصمد بوجود الأستاذ عبدالله بها، أم كان سيسير في الاتجاه نفسه الذي سار عليه بدونه، لكن مع ذلك، ثمة تحديات سابقة، وإن كانت أقل سوءا من زلزال 2017، واجهها التنظيم بقوة، دون أن تحدث أي رجة تؤثر على اجتماع مكوناته، فقد واجه التنظيم خلافه الداخلي حول حَرَاك 20 فبراير، وواجه خلافه الداخلي قبلها عند ضغط الإدارة الترابية على التنظيم بتقليص حجم مشاركته الانتخابية إلى النصف، ومع ذلك، بقي محافظا على التنظيم، ولم يعرف الشرخ الذي عرفه مع زلزال 2017، الذي فقدت فيه كل مكونات الحزب المنهج  والقدرة على الحفاظ على التوازن.

صحيح أن لحظة المؤتمر كانت معيارية بكل تفاصليها، لا سيما ما يتعلق بالعملية الانتخابية، وطريقة انتقال الأمانة العامة من الأستاذ عبدالإله بنكيران إلى الدكتور سعد الدين العثماني، ومؤكد، أيضا، أن لحظة تدبير خلاف الولاية الثالثة، لم يكن أمرا سهلا، كما أن لحظة تشكيل الحكومة، لم تكن لتمر هي الأخرى دون شرط التماسك الداخلي وقدر من التوافق القيادي، لكن ينبغي الإقرار أن هذه المحطات جميعها، لم تكن كلها لتنجح وتمر دون دور مركزي للأستاذ عبدالإله بنكيران، وذلك بإقرار عدد من القيادات المحسوبة على مخالفيه، ومنها السيد مصطفى الرميد، إذ لو تصرف بنحو مختلف، لربما كان المآل شيئا آخر، غير ما نراه اليوم.

الاستقراء الدقيق لسلوك بنكيران في المحطات الثلاث، يبين أن الذي حصّن الحزب وضمن خروجه الآمن من جزء من الأزمة، هو المنهج الذي التزمه بنكيران في مدة ولايته الأخيرة، بنأيه عن أن يكون طرفا في موضوع الولاية الثالثة، وموقفه من عزله، وذهابه للمجلس الوطني، لترتيب الموقف إزاء الوضعية الجديدة، وتجسيره لمهمة الدكتور سعد الدين العثماني في رئاسة الحكومة، وضمان شروط نجاح المؤتمر، وحرصه عند آخر لحظة من لحظاته على التذكير بكلمات في المنهج، تتعلق بشكل اتخاذ القرار الحزب العدالة والتنمية، وشرط الحرية والمسؤولية، واستقلالية القرار الحزبي، وغيرها من النقاط التي ضمنها كلمته الأخيرة قبل أن يغادر موقع الأمين العام.

قد يتساءل البعض، عن سبب إقحام بنكيران في الحديث، والموضوع عن الأستاذ عبدالله بها، والحقيقة أن الأمر يتعلق بموضوع واحد، إذ لم يكن الأستاذ عبدالله سوى التجسيد العملي للمنهج الذي بنى تجربة العدالة والتنمية.

لقد علل الأستاذ عبدالإله بنكيران في أحاديث خاصة سبب تمسكه بعبدالله بها إلى جانبه، بكونه كان واضح الفكرة، سليم القصد، متجردا عن الغرض، مؤتمنا على المنهج الذي صنع التنظيم، وصنع نجاحاته أيضا، ولم تكن لحظة المغانم لتؤثر عليه، إذ بقي على طابعه، حتى نال من ملك البلاد صفة رجل الدولة.

يمكن القول باطمئنان، وبدون تردد، بأن العدالة والتنمية قد خسر، بموت عبدالله بها، رجلا مؤتمنا على المنهج بمواصفاته التربوية والفكرية والحركية والسياسية، رجلا كان يفزع إليه المختلفون، عندما يرون أن مآل اختلافهم يمكن أن يؤدي إلى الشرخ الذي يعيش الحزب اليوم أحد آثاره.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

محمد هام منذ 3 سنوات

تنظيم فاشل هذا الي ينهار بموت شخص واحد. رحم الله باها و اللعنة على قطاع الطرق.

التالي