-->

التطبيع مع "إسرائيل".. البلعمشي: القيادة الفلسطينية لا يمكن أن تتنكر للمغرب

16 ديسمبر 2020 - 21:00

بالعودة إلى الماضي القريب، نلاحظ كيف أن القيادة الفلسطينية في شخص الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، فضلا عن الشخصيات الدبلوماسية والحكومية والمسؤولة في البلد وحركة فتح نددت، في وقت سابق وبصفة شبه فورية، بموافقة كل من الإمارات البحرين والسودان على وساطة ترامب لإقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، واعتبرتها « طعنة » في ظهر الشعب الفلسطيني، ووصفتها بـ »الخيانة والعدائية، وأنها تجمل وجه إسرائيل »، على خلاف موقفها تجاه المغرب الذي يعد رابع دولة تستأنف علاقاتها مع إسرائيل وسادس دولة عربية بعد أن كانت مصر أول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979، وتلتها الأردن عام 1994.

وبهذا الخصوص، يفسر عبد الفتاح البلعمشي، مدير المركز المغربي للدبلوماسية الموازية، وأستاذ العلاقات الدولة والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض في مراكش، هذا الاستثناء الذي خصت به القيادة الفلسطينية المغرب بالعلاقة الطيبة والاحترام التاريخي المتبادل بين رئيسي الدولتين.

ويعتبر البلعمشي، في حديثه لـ »أخبار اليوم »، أن وقع الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك مع الرئيس الفلسطيني كان إيجابيا، إذ « حظي بتقدير القيادة الفلسطينية، نظرا لتضمنه الشروحات اللازمة والواضحة التي دفعت المغرب للإقدام على استئناف علاقاته المتوقفة مع إسرائيل، كما أن الديوان أكد مرارا على أن المغرب ماض في توجهه الثابت لنصرة القضية الفلسطينية، واعتبار أن هذا النوع من الاتصال سيستثمر من أجل الوصول إلى الحل الذي تريده السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية ويتمناه المغرب كذلك، وهو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس ».

ويرى البلعمشي أيضا أن هذه المعاملة الخاصة التي حظي بها المغرب من طرف السلطة الفلسطينية « متوقعة وطبيعية، ذلك أن مواقف المملكة لطالما كانت ثابتة وواضحة ومنتصرة للقضية الفلسطينية العادلة، على خلاف دول أخرى طبعت تطبيعا كاملا وواضحا، من خلال اجتماعات مباشرة وأمور مفاجئة، كما أنها لم تحترم السلطة الفلسطينية في اتخاذها القرار كما فعل المغرب ».

النقطة الثالثة التي تجعل المغرب حالة خاصة، هي الشروحات التي قدمها البلد بخصوص خطوته باستئناف العلاقات، لكونها مرتبطة أساسا بـ »وضعية الجالية المغربية في إسرائيل والمكون اليهودي الذي يعد جزءا لا يتجزأ من هويتنا ومن دستورنا، علما أن الرحلات بين إسرائيل والمغرب لم تتوقف قط في أي وقت، فقط كانت تأتي عبر محطات طيران أخرى غير مباشرة، وبالتالي مجموعة من اليهود الإسرائيليين يأتون إلى المغرب من أجل قضاء حوائجهم وزيارة أهاليهم وممارسة طقوسهم الدينية بشكل طبيعي في بعض الأماكن الروحية هنا في المغرب، وهذا ما تفهمته السلطة الفلسطينية ».

وإلى جانب ما سبق، شدد البلعمشي على أن « الماضي والتاريخ والوجدان العام للمغاربة شعبا ونظاما ودولة، يعتبر القضية الفلسطينية قريبة من الثوابت، وهو ما يفرض أن تكون الدولة أكثر حذرا في التعامل مع هذا الموضوع بالذات، بمعنى أنه من الناحية السياسية والدبلوماسية، المغرب ليس في حاجة إلى التبرير، لأن صناع القرار دستوريا واضحون ».

وتابع المتحدث قائلا: « ومع ذلك، كانت مراعاة من طرف المغرب لتاريخ عريق، سواء ما بين الحسن الثاني وياسر عرفات والسلطة الفلسطينية، وهو تاريخ حافل بالعطاء استمر حتى عهد الملك محمد السادس ».

وسجل الخبير في العلاقات الدولية أن « المغرب كان لديه مكتب اتصال في الرباط وتل أبيب، وكان قد ألغاه احتجاجا على العنف الذي مارسته إسرائيل على الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية؛ ما يحدث هو استئناف الاتصال فقط، فالمغرب دائما كان واضحا وجازما، ونستحضر هنا موقفه من الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص القدس عاصمة فلسطين على خلاف دول أخرى »، يقول المتحدث مضيفا: « وهذا كله يعني أن العلاقات بين الدولتين الفلسطينية والمغربية لن تتأثر، ذلك أنه لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتنكر بجرة قلم لكل هذه المجهودات التي قام بها المغرب، والعلاقات التاريخية الوطيدة من أجل قضية فلسطين العادلة، التي يحمل المغاربة همها في قلوبهم ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي