تنديد واسع وإحراج كبير للبام.. مطالبات بإطلاق سراح العاملة المتهمة بسرقة 16 بيضة

11 يناير 2021 - 23:00

تتسع دائرة التنديد بمحاكمة عاملة، في حالة اعتقال، بجنحة «خيانة الأمانة في حق المشغّل»، على خلفية اتهامها بسرقة 16 بيضة من وحدة لإنتاج البيض في ملكية النائب البرلماني عن الدائرة التشريعية «الرحامنة»، عبد اللطيف الزعيم، فقد نظم ناشطون جمعيون وحقوقيون وسياسيون وقفة احتجاجية رمزية، ابتداءً من الساعة الخامسة من مساء أول أمس السبت، أمام مقر الشركة بابن جرير، طالبوا خلالها بالإفراج عن العاملة، وبفتح تحقيق بشأن متابعة العاملة بتهمة ثقيلة ووضعها تحت الاعتقال الاحتياطي منذ الجمعة فاتح يناير الجاري.

ودعا المحتجون، الذين وضعوا حوالي 40 من أسفاط (بلاطوات) البيض أمام المقر، إلى فتح تحقيق في ظروف العمل داخل شركة البرلماني ومدى احترامها لحقوق المستخدمين، خاصة أن العاملة المتهمة أشارت، في معرض تصريحاتها أمام الشرطة، إلى أنها تعمل أكثر من 10 ساعات يوميا، وتتقاضى أجرا دون الحد الأدنى للأجور، لا يتجاوز 1800 درهم شهريا، كما أكدت إحدى العاملات المصرّحات في محضر الضابطة القضائية أنها تعمل بالشركة نفسها من السابعة صباحا حتى الخامسة مساءً.

في غضون ذلك، أكد محامي المتهمة، محمد الغزواني، من هيئة مراكش، أنه سيتقدم، خلال الجلسة الثانية من المحاكمة، المقررة الأربعاء المقبل، أمام الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية ابن جرير، برئاسة القاضي عبد الحميد جبوحة، بملتمس لإخلاء سبيل مؤازرته ومتابعتها في حالة سراح.

وإذا كان المحامي العزواني آثر عدم مناقشة سلطة الملاءمة المخولة قانونيا للنيابة العامة في إطار تكييف المتابعة القضائية ضد المتهمة، فإنه تساءل عن السر الكامن وراء عدم إحالتها مباشرة على المحاكمة، بتاريخ الاثنين 4 يناير الجاري، وتأخير ذلك يومين إضافيين، إذ التأمت الجلسة الأولى الأربعاء الماضي (6 يناير الحالي).

من جهته، أصدر البرلماني بيانا، الجمعة المنصرم، أبرز فيه أن شركته لا يمكنها أن تتغاضى عن السرقات المتكررة التي تعرّضت لها، خاصة أن لها التزامات وديونا للبنك للممولين وحقوقا للعمال، موضحا أن المتهمة ضبطتها كاميرات المراقبة والمسؤول الجديد بالضيعة وبحضور الشهود متلبسة بحيازة 60 بيضة خلال عملية سرقة واحدة، مضيفا أن البحث والتقصي الذي قامت بها إدارة الشركة كشفت سرقتها 10800 بيضة في مدة قصيرة، وتابع أن العاملة المعتقلة تتمتع بكافة حقوقها بصفتها مستخدمة بالشركة، سواء في الأجر الشهري أو الاستفادة من الضمان الاجتماعي، فضلا عن التغذية والنقل يوميا، ومنحها 60 بيضة في الشهر كسائر العمال.

وأضاف البيان أن الشركة ساهمت، السنة الماضية، في تزويد 23 مؤسسة دور الطالب والطالبة ودور الرعاية الاجتماعية بالرحامنة بـ24 ألف بيضة شهريا، وتساهم، هذه السنة، بـ20 ألف بيضة شهريا نظرا لعملية تفويج التلاميذ، وقال إن كل تعويضاته البرلمانية يصرفها لفائدة 23 دارا للطالب والطالبة والرعاية الاجتماعية بالإقليم، كما يضع بطاقة البنزين المخصصة له لفائدة الجمعية المكلفة بالنقل المدرسي بالإقليم.

وأصدر رؤساء بعض مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالإقليم بيانا، أول أمس، ناشدوا فيه البرلماني التنازل عن المتابعة القضائية ضد العاملة المعتقلة، ملتمسين منه «الصفح والعفو عنها لما عودهم عليه من سعة الصدر والقلب الكبير»، ومؤكدين أن البرلماني يخصص لهم تبرعات عينية ومالية، ويدعم الأنشطة الموازية بها، كما سبق له أن ساهم في تشييد غرف التبريد بدور الطالب.

 في المقابل، تساءل الناشط الحقوقي، محمد الطنطاوي، بصيغة الاستغراب، عن السر الكامن وراء متابعة العاملة في حالة اعتقال، فيما تجري محاكمة العشرات من المتهمين في قضايا جرائم الأموال في حالة سراح، وتابع أن العناصر المكونة لجريمة «خيانة الأمانة في حق المشغّل»، التي تُتابع بها العاملة، غير متوفرة في نازلة الحال، التي تتعلق في أسوأ الأحوال بالاشتباه في وقوع سرقة زهيدة، معتبرا أن التكييف القانوني للجرائم يجب أن يستند إلى الأدلة والقرائن واعتبارا لخطورة الأفعال المشتبه بارتكابها، ولا يُفترض أن يتأثر بمناصب المشتكين ونفوذهم السياسي والمالي.

وأضاف الطنطاوي، العضو السابق بالمكتب المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن القضية فارغة واقعيا وقانونيا، موضحا أنه لا وجود لجسم الجريمة من الأصل في هذه القضية، مشيرا إلى أن محضر الضابطة القضائية أكد أن مسير الشركة هو من سلم الأمن كيسا يحتوى على بيض مكسر على شكل سائل، تعذّر معه حتى على الشرطة عدّ البيض بداخله، قبل أن يأمر نائب وكيل الملك بإتلافه، ناهيك عن تناقض أقوال المصرحين الثلاثة في محضر البحث التمهيدي، إذ صرحت عاملة بأن مسير الشركة عثر بحقيبة المشتكى بها على «بلاطو» من البيض، فيما أكدت أخرى أنه عثر على قفة تحوي 30 بيضة، في الوقت الذي جزم المصرح الثالث بأن المسيّر أشعره بأمر ضبط مستخدمة متلبسة بسرقة حوالي 60 بيضة.

وأشار الناشط الحقوقي إلى أنه يجب الوقوف جديا على ما أدلت به إحدى المصرحات في المحضر من أن مسير الشركة هو من طلب منها رفقة عاملة أخرى الإدلاء بتصريحاتهما للشرطة حول «سرقة المشتبه فيها للبيض».

وردا على ما ورد في بيان البرلماني من أن البحث الذي قامت به إدارة شركته كشف سرقة المتهمة أكثر من 10 آلاف بيضة، اعتبر الطنطاوي أن ذلك مناقض تماما لما صرّح به مسؤول تقني بالشركة أمام الشرطة، والذي أكد أن الشركة سُجلت بها، طيلة مدة ستة أشهر، سرقات متتالية للبيض من لدن مستخدميها، ولم يوجه أي اتهام مباشر للعاملة الموقوفة بخصوص هذه السرقات. كما أن اعتراف المشتكى بها، الذي استندت إليه النيابة العامة في المتابعة، أشارت فيه إلى سرقتها حوالي 16 بيضة فقط، موضحة أنها المرة الأولى التي أقدمت فيها على هذا الفعل، مبرزة أنه لم تُسجل عليها أي سرقة طيلة مدة عملها بالمصنع.

وأضاف الطنطاوي أنه مادام ممثل الشركة تشبث أمام الضابطة القضائية والنيابة العامة بمتابعة العاملة قضائيا، فإن أي مراهنة على تنازل البرلماني أمام المحكمة هو محاولة لإنقاذ ماء وجهه بعد الاستنكار والتنديد الواسعين بالواقعة، مؤكدا أن الأمل في القضاء، الذي ينتظر منه الرأي العام المحلي والوطني إنصاف المتهمة ومتابعتها في حالة سراح مؤقت.

وبخصوص التبرعات، قال الطنطاوي إن البرلماني المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة يتحدث فقط عن تبرعاته الخيرية، ويسكت عن استفادة شركته من عقارات سلالية لا تقل مساحتها عن 76 هكتارا، من المقرّر أن يقيم عليها وحدات لإنتاج البيض، موضحا أن المجلس الإقليمي للرحامنة صوّت على مقرّر، في أكتوبر من سنة 2018، قضى باقتناء ثلاثة عقارات لفائدة شركة «بيض الرحامنة»، خلال دورة استثنائية حضرها عامل الإقليم، عزيز بوينيان، الذي جاء لتداول النقطة بطلب منه، إذ جرى تحديد سعر الاقتناء في 5 ملايين سنتيم للهكتار الواحد، أي أن التكلفة الإجمالية للعقارات ستبلغ 380 مليون سنتيم، من المقرّر أن تؤدى لفائدة ذوي الحقوق من المنتمين إلى الجماعات السلالية.

 وكانت هذه النقطة أثارت جدلا سياسيا وقانونيا، فقد أكد متتبعون محليون أن المسطرة شابتها اختلالات قانونية، بدءا بالطلب الذي تقدمت به شركة البرلماني لإدراج نقطة في جدول أعمال الدورة، والذي اعتبروه مخالفا للقانون المنظم لمجالس العمالات والأقاليم، والذي يعطي هذه الصلاحية للعامل والرئيس، بتعاون مع أعضاء المكتب، كما يجوز للأعضاء أن يقدموا، بصفة فردية أو جماعية، طلبا كتابيا قصد إدراج كل نقطة تدخل في صلاحيات المجلس، واستغربوا دفاع العامل عن تشجيع الاستثمار وقد جرى تغييب شرط المنافسة في صفقة التفويت، إذ حُسم بشكل مسبق اسم الشركة التي ستستفيد من العقارات دون إجراء أي مناقصة عمومية، ناهيك عن أن اقتناء العقارات لا يكتسي طابع الاستعجال، الذي تشترطه المادة 40 من القانون المنظم لمجالس العمالات والأقاليم، في اقتراحه نقط جدول أعمال الدورات، التي تُدرج فيها بحكم القانون.6

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي