أثار محمد الأشعري، رئيس مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، في سياق النقاش الذي أطلقته مؤسسات فكرية وطنية، مساء أمس السبت، في مقر حزب التقدم والاشتراكية في الرباط، تحت عنوان « حوار وطني شامل من أجل المواطنة المتجددة »، (أثار) مسألة المناخ السياسي العام، وعلاقته بالنموذج التنموي، متسائلا: « نحن مقبلون على تقرير لجنة النموذج التنموي، وإذا كان هذا المشروع له فعالية، فهل سينجح في ظل المناخ السياسي العام الحالي؟ ».
وقال الأشعري في اللقاء نفسه إن المناخ السياسي العام يجب أن يشهد تغييرا، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن « حرية المشاركة والتعبير، بينما الحقوق تمس »، وأضاف: « لا يجب، فقط، إعطاء إشارات، وإنما إتخاذ قرارات، ومبادرات في المجال السياسي، لتحسين المناخ السياسي، لضمان تطبيق المشروع »، معتبرا ذلك أمرا « بديهيا ».
ودعا الأشعري إلى « حوار واسع »، من أجل « الخروج من الاختناق والجمود »، وإعادة الاعتبار إلى النقاش العمومي، الذي يعد « لبنة أساسية في البناء الديمقراطي ».
وتساءل المتحدث ذاته : »هل الأحزاب السياسية قادرة على تملك النموذج التنموي الجديد وحمله؟، مضيفا أنه: « سيكون جيدا أن يتملك المغاربة النموذج التنموي، لا أن يكون اختيارا من فوق »، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى »قوة » تحمل هذا المشروع، الذي سينقل البلاد إلى المستقبل، بما أن « الآليات السياسية الموجودة ممثلة في الأحزاب لا تستطيع حمله، نظرا إلى ضعفها »، إذ « لا مناص من التوجه إلى المواطنين ليكونوا حاملين للمشروع ».
وحول خلفيات إطلاق مبادرة الحوار من طرف مؤسسات عبد الرحيم بوعبيد، وعلال الفاسي، وعلي يعتة، ومحمد عابد الجابري، وأبو بكر القادري، ومركز محمد بنسعيد أيت يدر، ومركز محمد حسن الوزاني، قال الأشعري إن المشاركين في المبادرة، انطلقوا من تشخيص من أربع نقط؛ الأولى ضعف النقاش العمومي؛ والثانية هيمنة اللحظة الانتخابية على الحياة الديمقراطية، حيث يهيمن الفاعلون السياسيون، فيما المواطنون يبتعدون سنة بعد أخرى؛ والثالثة عدم تحقق الديمقراطية التمثيلية، والرابعة أن كل ذلك أنتج ديمقراطية اللامبالاة المتبادلة بين سياسيين، لا ينصتون إلى المواطنين، ومواطنين لا يبالون، ويبتعدون عن المشاركة السياسية.
وحذر الأشعري من أن ديمقراطية « معطوبة » كما ذكر، تهيء « تربة لموت الديمقراطية »، معتبرا أن أهم ما يجب أن يتغير هو علاقة الحاكم بالمحكوم، التي يجب أن تكون فيها « مشاركة، وتقاسم المسؤولية »، وأشار إلى أن الانفتاح النسبي، الذي تحقق ساهم في الاستقرار، لكن الحاجة ملحة اليوم إلى مزيد من « الانفتاح، وليس الخوف والإخضاع ».