يبدو أن مهمة اللجنة الاستطلاعية للوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر كسوريا والعراق، لم تكن سهلة، فحسب تقريرها المؤقت الذي ينتظر أن تعرض مزيدا من تفاصيله الدقيقة في الندوة الصحفية التي ستعقدها صباح يوم الجمعة القادم بمجلس النواب، فقد واجهت أعضاءها صعوبات جمَّة قد تعيق نجاحها في حلحلة ملف شائك تحيط به التحديات الجمة والإكراهات الموضوعية، التي كانت تطرح على أعضائها على مدار الاجتماعات المنعقدة بعض الأسئلة المؤرقة المسكونة بالقلق، ومن أبرزها هل يمكن للجنة أن تقترح ما يمكن أن يفيد في معالجة هذا الملف الشائك أو حلحلته في أقل الأحوال، اعتبارا للأبعاده الأمنية وغيرها من الأبعاد.
ولحل هذا الملف الصعب، دعت اللجنة الاستطلاعية التي يترأسها عبد اللطيف وهبي، إلى إنشاء هيئة تنسيقية لجمع المعطيات الميدانية المتعلقة بكل جوانب موضوع الأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر في سوريا والعراق(جمع المعطيات والإحصائيات والمعلومات رصد وتتبع الصعوبات والمشاكل وتطبيق الحلول).
كما شددت على ضرورة إشراك المؤسسة الأمنية في المقاربة الشاملة لحل هذا الملف لما تملكه من تجربة ورصيد احترافي في محاربة الإرهاب والتطرف، وتتبع خطوات المقاتلين داخليا وخارجيا، وما أبانت عنه من حس احترافي في هذا الموضوع، بات محط إشادة دولية.
وعلاقة بالعودة المرتقبة للعالقين، دعت اللجنة الاستطلاعية إلى إحداث مؤسسة وطنية تتكفل بتدبير هذا الملف، بالتنسيق مع الحكومة والمجتمع المدني الفاعل في المجال والمؤسسات الدينية والمؤسسات البحثية والأكاديمية ومختلف المؤسسات الدستورية والقضائية والأمنية المعنية، وكذا مع الفاعلين المعنيين من الأطباء النفسانيين وعلماء الاجتماع وأساتذة التكوين المهني ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء وغيرها من الأطراف.
وهي المؤسسة التي ينتظر أن تنهض ببعض المهام المذكورة في هذا الباب، وتطوير الجانب المؤسساتي المتعلق بالمصاحبة وإعادة الإدماج بنفس مستوى التطور الذي يعرفه الجانب الاستباقي في منع العمليات الإرهابية وفي محاربة التطرف، والعمل على تأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالمغرب للتأطير الخاص والإيجابي للأطفال العائدين من بؤر التوتر بسوريا والعراق.
وخلصت اللجنة الاستطلاعية، إلى اعتماد توصيات على المستوى القانوني والمؤسساتي والإداري، من أبرزها دعوتها لإنشاء هيئة الوساطة بين الأطفال العائدين وعائلاتهم ومؤسسات المجتمع المغربي المختصة في الإدماج والاندماج لتسهيل الإجراءات ومواكبة تطبيق الحلول، والعمل على إحداث آلية برلمانية مغربية تعنى بالتواصل وتبادل المعلومات مع برلمانيي كل من سوريا والعراق في شأن الأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر داخل هذين البلدين.
مشددة في خلاصات حلولها للملف، على ضرورة إحداث قنوات رسمية ودعم المنظمات والجمعيات العاملة في مجال اللاجئين وحقوق الإنسان، للتحقق من المعلومات والمعطيات حول وضعية الأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر بسوريا والعراق، داعية إلى إنشاء مؤسسة دولية تعنى بالملف على الصعيد الدولي.
وطالبت اللجنة في خلاصات توصياتها، بإصدار قوانين إطار وقوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون في بؤر التوتر في سوريا والعراق، من أجل تسهيل عملية إرجاعهم بشكل سريع وإدماجهم في ظروف سليمة في محيطهم العائلي والاجتماعي.
كما وجهت دعوة للسلطات الحكومية المغربية، للعمل في أقرب الآجال من أجل التوقيع على مشاريع اتفاقيات التعاون القضائي والقانوني بين المملكة المغربية والجمهورية العراقية لتسهيل عملية نقل الأشخاص المحكوم عليهم بين البلدين.
مطالبة السلطات الحكومية المغربية، بالعمل على إعمال مضمون اتفاقية نقل الأشخاص المحكوم عليهم الموقعة بين المملكة المغربية والجمهورية السورية خلال أبريل من سنة 2006.
وعلى المستوى الاجتماعي والإنساني والفكري، طالبت اللجنة أيضا بتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر في سوريا والعراق، والعمل على إنشاء جسور التواصل بين الأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر بسوريا والعراق وعائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم بالمغرب.