تقترب حركة طالبان من الإعلان عن حكومة جديدة لإدارة أفغانستان، بعدما تمكنت من السيطرة عسكريا على أغلب مناطق البلاد، حيث تقررت تسمية رئيس المكتب السياسي للحركة الملا عبد الغني برادر رئيسا للحكومة وفق ما نقلته وكالة رويترز عن مصادر من داخل الحركة.
فمن هو برادر الذي سيقود الحكومة المقبلة في كابول والتي سيتعين عليها أن تبحث عن اعتراف إقليمي ودولي يبدو صعبا وربما بعيد المنال، كما تواجهها تحديات اقتصادية وأمنية جسيمة؟
عبد الغني برادر، المعروف أيضا باسم الملا برادر، هو أحد مؤسسي حركة طالبان وزعيم بارز في الجماعة الإسلامية وينتمي برادر إلى نفس قبيلة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.
وبرادر – الوجه الأكثر علنية لطالبان – كان أيضًا ممثل حركة طالبان الذي وقع اتفاقية الدوحة التاريخية في فبراير 2020 مع الولايات المتحدة، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب التي استمرت 20 عامًا في أفغانستان.
وفي حين أنهى اتفاق 2020 مع الولايات المتحدة أطول حرب خاضتها أمريكا، فقد مهد الطريق أيضًا لعودة طالبان إلى كابول في 15 غشت، بعد أن استولت على جزء كبير من البلاد في غضون أسبوع مع ذوبان القوات الأفغانية.
ووفقا للكاتب الصحفي الباكستاني، الخبير بالشأن الأفغاني، ألطاف موتي، فقد ولد برادر في عام 1968 في مقاطعة أوروزغان، وهو من طائفة البشتون الدراني من قبيلة بوبالزاي. وشغل أيضا منصب نائب وزير الدفاع في طالبان.
وشغل برادر، الذي حارب السوفييت في الثمانينيات، عدة مناصب في ظل حكم طالبان من عام 1996 إلى عام 2001. وفر برادر إلى باكستان بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في أعقاب هجمات 11 شتنبر 2001 على الولايات المتحدة التي أدت إلى الإطاحة بالجماعة.
وقضى برادر ثماني سنوات في السجن في باكستان، بعد أن ورد أنه اعتقل في كراتشي في عام 2010 في عملية قام بها عملاء المخابرات الأمريكية والباكستانية.
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان قد أصدر عدداً من العقوبات ضد الملا برادر، من بينها تجميد أمواله، ومنعه من السفر.
وقد عُرف عن برادر أنه من بين القادة الذي يميلون للمفاوضات مع الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية، وفق ما ذكره تقرير لـ »بي بي سي » عن شخصية الرجل.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن دور الملا برادر قد برز بعد تأسيس حركة طالبان، كقائد وصاحب رؤية عسكرية. وبسبب دوره المحوري في الحركة، يُعتقد أنه كان يتولى القيادة بشكل مباشر، وكذلك التحكم في الأمور المالية المتعلقة بها.
مصدر أفغاني، رفض ذكر اسمه، ذكر أن الملا برادر « تزوج من شقيقة الملا عمر. وتحكم في الأموال. وشن عدداً من أكثر الهجمات دموية ضد القوات الحكومية ».
وحول شخصية برادر يقول الصحفي سميع يوسفزاي الذي غطى أخبار طالبان لسنوات عديدة واجتمع مع برادر مرارا: « برادر شخص هادئ للغاية، قابلته ثلاث أو أربع مرات، إنه دبلوماسي للغاية، يتحدث فقط عن الموضوع. حتى قبل القبض عليه كان معروفًا كشخص يفكر كثيرًا بصمت لطالبان. لديه الكثير من الاحترام داخل طالبان.”
وتفيد التقارير أن برادر، الذي أصبح الرجل الثاني في القيادة بعد وفاة زعيم طالبان الملا عمر في عام 2013، كان يعمل في الظل لسنوات، واضعاً استراتيجية لتمرد طالبان، وتعيين القادة العسكريين للجماعة.
وبالنسبة للأمريكيين، أحدث برادر تغييرا في لهجة المفاوضات. وحيثما كانت المناقشات محتدمة في السابق حول الخسائر في صفوف المدنيين، حيث اتهم كل طرف الآخر بارتكاب أعمال وحشية، نادرًا ما كان يُرى الملا برادر وهو يرفع صوته.
ويصفه المفاوضون بأنه هادئ ومنضبط وتصعب قراءته. ولكن عندما كانت المحادثات على مستوى العمل مع الأمريكيين تصل إلى طريق مسدود، يمكن الاعتماد على الملا برادر للتدخل وتسهيل تحقيق اختراق.
وفي مارس 2020، أجرى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب محادثة هاتفية معه استمرت 35 دقيقة وصفها ترامب بأنها “جيدة جدًا”.
كما شارك في الأيام الأخيرة في محادثات فاشلة مع إدارة الرئيس السابق أشرف غني، الذي فر من أفغانستان في 15 غشت المنصرم.
(اليوم 24+ وكالات)