دميتري موراتوف وصحيفة "نوفايا غازيتا": التحقيقات التي كلفت صحافيين حياتهم

09 أكتوبر 2021 - 06:00

صحيفة “نوفايا غازيتا” التي فاز رئيس تحريرها دميتري موراتوف بجائزة نوبل للسلام الجمعة، من الصحف الاستقصائية النادرة المتبقية في روسيا، وهو التزام كلف العديد من المتعاونين معها حياتهم.

يأتي منح الجائزة إلى موراتوف (59 عاما )، غداة الذكرى الـ15 لاغتيال الصحافية في “نوفايا غازيتا” آنا بوليتكوفسكايا في جريمة سقطت بالتقادم منذ الخميس بدون التمكن من تحديد الجهة التي أمرت بتنفيذها.

جاءت الجائزة أيضا في خضم موجة قمع تستهدف المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة والمنظمات غير الحكومية التي تنتقد الكرملين لاتهامها بالتطرف أو بأنها عميلة للخارج.

برزت الصحيفة بمعلومات كشفتها حول الإعدامات خارج نطاق القضاء والاضطهاد الذي يتعرض له مثليو الجنس في الشياشان ولمشاركتها في التحقيق الدولي حول “وثائق باندورا”.

هدد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الصحيفة مرارا بشكل علني .

ودفعت نوفايا غازيتا منذ إنشائها عام 1993، ثمنا باهظا بسبب عملها، وقتل ستة من المتعاونين معها منذ إنشائها عام 1993.

والجريمة المدوية كانت تلك التي استهدفت آنا بوليتكوفسكايا المعروفة بانتقاداتها لسياسة الكرملين في الشيشان. وقد اغتيلت في السابع من أكتوبر 2006 في بهو المبنى التي تقطنه. ولم يتم حتى الآن تحديد الجهة التي أمرت بتنفيذ عملية القتل.

وقال موراتوف الذي شغل منصب رئيس تحرير الصحيفة منذ التسعينات بدون انقطاع تقريبا، لوكالة فرانس برس في مارس “ليس سرا أنني عندما قتلت آنا بوليتكوفسكايا، أردت إغلاق الصحيفة (…) إذ إنها خطيرة على حياة الناس”.

لكن الصحافيين أقنعوه بالاستمرار.

كان العام 2009 داميا إذ شهد مقتل ثلاثة من أفراد فريق التحرير، بينهم مقربة من آنا بوليتكوفسكايا هي ناتاليا إستيميروفا.

وخطفت إستيميروفا من غروزني هي التي كانت ممثلة منظمة Memorial (ميموريال) الحقوقية في الشيشان ومساهمة في الصحيفة. وعثر عليها مقتولة بعد وقت قصير في إنغوشيا، الجمهورية الروسية المجاورة في منطقة شمال القوقاز غير المستقرة.

بدأت قصة نوفايا غازيتا عام 1993، عندما قرر صحافيون من صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” تأسيس صحيفتهم الخاصة.

وساهم آنذاك آخر رئيس للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في إطلاقها بتقديمه المبلغ المالي الذي حصل عليه عند فوزه بجائزة نوبل للسلام عام 1990 لشراء حواسيب لفريق التحرير، بحسب أول رئيس تحرير للصحيفة سيرغي كوجوروف.

لا يزال غورباتشيف يملك اليوم مع رجل الأعمال ألكسندر ليبيديف المعروف بأنه من منتقدي السلطات الروسية، جزءا قليلا من أسهم الصحيفة. ويملك باقي الأسهم فريق التحرير.

صدر العدد الأول في الأول من أبريل 1993 باسم “الصحيفة اليومية الجديدة” التي أصبحت في وقت لاحق “الصحيفة الجديدة” أو “نوفايا غازيتا”.

ويروي فريق التحرير على موقعه معلقا بروح الفكاهة على قلة الوسائل التي كانت تمتلكها الصحيفة آنذاك، “كنا منقسمين لثلاثة فرق: في يوم يكون الشخص صحافيا، في يوم آخر يكون عامل طباعة وفي اليوم التالي يكون مصمما “.

تميزت الصحيفة سريعا بتركيزها على التحقيقات.

وأجرت تحقيقات حول كل المواضيع الحساسة بما فيها تلك التي لم تعد وسائل إعلام أخرى تتطرق إليها مع وصول فلاديمير بوتين إلى الرئاسة عام 2000، خصوصا الحرب في الشيشان.

ولا تزال الصحيفة التي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع، تنشر مقالات استقصائية طويلة تتسم بنبرة لاذعة، حتى لو كان ذلك يعني أنها ستكون في مرمى نيران السلطات.

وتميزت نوفايا غازيتا عن وسائل الإعلام الروسية الأخرى بتحقيقات حول جنود الظل الذين تنشرهم روسيا في مناطق تشهد نزاعات في الخارج ضمن مجموعة “فاغنر” الغامضة، رغم نفي الكرملين.

عام 2016، نددت الصحيفة بوجود نظام معقد من الشركات الوهمية المقربة من الرئيس الروسي، أثناء تدقيقها في “وثائق بنما” التي كشف عنها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين.

وتحظى الصحيفة بتقدير كبير في الخارج حيث منحت جوائز عدة، إلا أنها لا تزال مهمشة نسبيا في روسيا حيث يقرأها بشكل أساسي المثقفون الليبراليون.

 

 

 

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي