فرق الإنقاذ بمواجهة يأس المهاجرين من شواطئ الداخلة إلى جزر الكناري

03 ديسمبر 2021 - 16:00

حين بلغ خفر السواحل الإسبان، أخيرا، المركب التائه قبالة سواحل جزر الكناري، اكتشفوا مشهدا أليما، بات أليفا عليهم، إذ رأوا سبع جثث مكدسة فيه بجانب العديد من الناجين، الذين توفي ثلاثة منهم لاحقا.

وعند انطلاق المركب المترهل من الداخلة في الصحراء المغربية، صعد على متنه 62 شخصا، يتحدرون من شمال إفريقيا على أمل عبور المحيط الأطلسي، سالكين إحدى طرق الهجرة إلى أوروبا الأكثر خطورة.

يذكر مانويل كابا (50 عاما)، المسعف على متن سفينة “غواردامار بوليمنيا” البرتقالية اللون، البالغ طولها 32 مترا، والمتمركزة في مرفأ أرغينيغوين في جزيرة الكناري الكبرى، أن تلك الليلة من منتصف شهر نونبر كانت على قدر خاص من الصعوبة.

وروى عنصر فرق الإسعاف، المنتمي إلى نقابة “الكونفدرالية العامة للعمل” أن “الطباخ لا يصعد إلى متن السفينة عادة”، خلال عمليات الإنقاذ “لكن الوضع تخطى طاقتنا إلى حد أننا اضطررنا إلى استدعائه، لأننا كنا مرهقين من كثرة ما انتشلنا من جثث”.

وأوضح، عاجزا عن حبس دموعه: “تتمكن في لحظتها من تحمل الصدمة، لكنك تواجه لاحقا لحظات تستعيد فيها المشهد، تعاودك مأساة هؤلاء الأشخاص، ومعاناتهم. من الصعب استيعاب الأمر”.

ويضيف منددا: “المشكلة هي سياسات الهجرة، التي تشجع هذا النوع من الرحلات، وما يتأتى عنها من وفيات”.

وسجل الأرخبيل الواقع قبالة سواحل شمال غرب إفريقيا، منذ نهاية 2019، زيادة كبيرة في عدد المهاجرين، الذين يصلون إلى شواطئه. وخلال الأسبوعين الأخيرين من نونبر وحدهما، وصل إليه 1194 شخصا في 28 مركبا، بحسب وزارة الداخلية الإسبانية.

وبعد ليلتين، جرت عملية إغاثة جديدة، قام على إثرها أطباء، ومترجمون بالمساعدة على إنزال عشرات الفناجين، المنهكين، والملتفين بأغطية حمراء من سفينة “غواردامار بوليمنيا”، بعدما تاهوا تسعة أيام في البحر، كما أنزلوا في المرفأ جثثا في أكياس بلاستيكية بيضاء.

تقول باولا أتوتشيرو، الممرضة، التي تقوم بتوجيه الأشخاص لدى وصولهم إلى أرغوينيغوين: “إنها رحلة في غاية الصعوبة، عبر واحدة من أخطر طرق الهجرة”.

وأوضحت أن العديد من المهاجرين “يعانون عند وصولهم من هبوط حاد في درجة حرارة أجسادهم، تقترن أحيانا بمرض آخر هو الاجتفاف، إذ يضطرون إلى شرب مياه البحر البالغة الملوحة لعدم توافر الغذاء والماء”.

كما لفتت الانتباه إلى أن بعضهم يعاني التهابات في العضلات، تعيق الدورة الدموية، ويمكن أن تؤدي إلى بتر أعضاء وصولا إلى الوفاة حتى.

وكانت باولا أتوتشيرو من بين الذين سعوا يائسين في مارس الفائت، إلى إنقاذ طفلة مالية عمرها سنتان، توفيت، في نهاية المطاف بعد خمسة أيام في المستشفى، في مأساة كان لها وقع هائل في إسبانيا.

وتقول المسعفة “عشنا الكثير من التجارب الصادمة في مرفأ أرغينيغوين. لا عمليات إنقاذ بدون صدمات، لأننا غالبا ما نفشل في محاولاتنا لإنقاذ أرواح”.

ويدفع المسعفون ثمنا نفسيا لعملهم في الخطوط الأمامية على طريق الهجرة.

ويستذكر مانويل كابا زميلا له “انهار” بعدما قفز على متن مركب ليجد نفسه وسط جثث فيه.

وأقامت أجهزة الإنقاذ، العام الماضي، لفرقها خطا هاتفيا، يسمح بالاتصال بأطباء نفسيين على مدار الساعة.

ويوضح مانويل كابا “في أوساط البحارة، يفترض بنا أن نكون أشداء، ونتحلى بالصلابة، وثمة كثيرون لا يريدون أن يتكلموا عما يشعرون به. والدموع تعتبر مؤشر ضعف، لكن هذا ليس صحيحا، من الطبيعي أن يكون لنا قلب ومشاعر”.

ومعظم سفن الإنقاذ الـ12 الراسية في جزر الكناري لديها طاقم من ثلاثة أفراد، ما يعني أن وحده البحار على متن السفينة يمكنه انتشال الناجين.

وعلى الرغم من هذه الموارد الضعيفة، تم إنقاذ آلاف الأشخاص منذ مطلع السنة قبالة سواحل الكناري.

لكن، إسماعيل فوريو، مسؤول الكونفدرالية العامة للعمل، التي ينتسب إليها معظم النقابيين في فرق الإنقاذ البحري، حذر أمام مقر البرلمان المحلي بأن “المسألة ليست مسألة نقابية. جعل عمليات الإنقاذ في البحر مجرد مسألة شكلية، الاعتقاد بأننا عديمو الجدوى سيشكل خطأ فادحا، وسيقود إلى مقتل الكثيرين”.

 

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التالي