أثارت تصريحات أحمد رضا الشامي، الشخصية البارزة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، جدلا واسعا داخل الحزب، بسبب حديثه عن ضرورة إطلاق مصالحة داخلية، وحديثه عما وصفه بـ”تآكل المشروع الاتحادي”.
وقال الشامي في حوار حديث له مع صحيفة “الأيام”، إن دور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تراجع بالبلاد ولم يعد له خط سياسي واضح ومنسجم كما كان في السابق، ولم يعد الاتحاد الحزب الذي يحمل هموم الطبقات الشعبية والوسطى في المجتمع، وخاصة في المدن، متحدثا عن وجود شعور “بأن المشروع الاتحادي يعرف إجهادا وتآكلا على مستوى ما كان يحمله من آمال في المجتمع للدفاع عن الحريات”.
وفي الوقت الذي تفتخر القيادة الحالية للحزب بالتمكن من رفع مقاعده في البرلمان خلال الاستحقاقات الأخيرة، تساءل الشامي “هل الانتقال من حوالي 20 إلى 35 مقعدا واحتلال المرتبة الرابعة في النتائج الانتخابية يعني أن الحزب قد انتصر وأنه على الطريق الصحيح”، مقارنا بين النتائج الحالية وما كان يحققه الحزب قبل سنوات بالقول، “ألا يستحضرون أن الاتحاد الذي تصدر الانتخابات في 1997 و2002 يمكنه أن يقبل على نفسه وعلى رصيده الوطني والسياسي أن يصبح حزبا يؤثث المشهد”.
وتحدث الشامي الذي كان وزيرا للصناعة والتجارة في حكومة عباس الفاسي (2007-2011) عن تراجع للمشروع الاتحادي عزاه لعدة أسباب منها الصراعات الشخصية، رابطا مستقبل الحزب بضرورة بناء مشروع جديد وفي للفكرة الاتحادية والهوية الاشتراكية.
وعن إطلاق مصالحة داخلية لرأب التصدعات، يقول الشامي، إنه “لا يمكن لأي اتحادي أن يكون ضد المصالحة أو ضد مصلحة الحزب، ومصلحة الحزب هي في وحدته وفي تماسكه وفي عودة واستعادة كل مناضلاته ومناضليه والانفتاح على عائلة اليسار الكبرى وعلى المجتمع ككل”، معبرا عن تطلعه ليرى الاتحاد في وضع أفضل مما هو عليه اليوم “من حيث التأثير في المجتمع والمكانة في المشهد السياسي والتماسك التنظيمي”.
تصريحات الشامي الأخيرة، قابلها رد من حنان رحاب، عضو المكتب السياسي لهذا الحزب، والتي بدأت في ردها عن خروج الشامي بالحديث عن الحياة الحزبية في الوقت الذي اختار أن ينقطع عن الحياة الحزبية منذ فترة وركز في مجال عمله كرئيس للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وقالت “كيف سيتم تشريح الحالة الحزبية الداخلية في مستوياتها التنظيمية والبرنامجية والسياسية، ممن هو منقطع عنها؟ ألم يكن من الأفضل للأخ الشامي بصفته رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة دستورية أن يتحلى بواجب التحفظ انسجاما مع الوضع والقيمة الدستورية للمجلس التي تفرض عليه الحياد عن كل التعبيرات الحزبية”.
وردا على حديث الشامي عن تراجع دور الاتحاد الاشتراكي السياسي، ترى رحاب أن هذا الحكم لم يتم الاستناد فيه على مرجع للقياس، وقالت إنه “يجب أن يحدد هذا التراجع قياسا إلى مرجع، هل قياسا إلى الماضي البعيد حيث كان العالم يعيش قطبية ثنائية، وكانت الأحزاب الاشتراكية والديموقراطية في أوج قوتها، أم قياسا إلى الماضي القريب حين جاء الشامي للحزب في 2007 وأصبح برلمانيا باسم الحزب، ثم وزيرا باسمه في حكومة عباس الفاسي، لقد كان الوضع السياسي آنذاك كله متخلفا مقارنة بما عاشه المغرب بعد 2011 والتعديلات الدستورية، وبالتالي لا قياس مع وجود الفارق”.
تصريحات الشامي حول عدم تعبير الحزب عن الطبقات الهشة والطبقات المتوسطة، واستدلاله بضعف الخدمات الاجتماعية، والوعاء الضريبي الذي لا يساهم في تقليص الفوارق الاجتماعية، أثار استغراب حنان رحاب، والتي قالت إن “الاتحاد الاشتراكي لم يترأس أي حكومة منذ حكومة التناوب التوافقي، أي منذ تعيين جطو في 2002 وزيرا أولَ، فكيف يتم تحميله وزر هذه المعضلات التي تتردد دائما في أدبيات الحزب وبرامج وتصريحات قادته”.
فكرة المصالحة التي بدا الشامي متحمسا لها في حواره الأخير، هي الأخرى أثارت حفيظة القيادة الحالية للحزب، وهو ما عبرت عنه رحاب بالقول، إن”الحزب غادره كثيرون منذ تأسيسه، ولم يتحدث الاتحاد الاشتراكي عن المصالحة، بل كانت قيادة الحزب تعتبر أن من ذهب فأرض الله واسعة، وأن الاتحاد ملك لمن بقي، حتى لما غادر مناضلون من طينة المرحوم أحمد بنجلون والأستاذ عبد الرحمان بنعمرو، لكن وفي مرحلة ما، وبنيات اتحادية صادقة، قام الحزب بمبادرات عديدة للمصالحة، سواء مع تنظيمات خرجت من الاتحاد كالحزب العمالي والحزب الاشتراكي، أو لها صلة ما بالماضي الاتحادي كالحزب الاشتراكي الديمقراطي، أو مع أفراد غادروا الحزب دون أن ينخرطوا في ديناميات تنظيمية، وصدر نداء المصالحة، ونظمت أيام بمناسبة ذلك ومبادرات عديدة، فهل سنظل نعيد اختراع العربة من جديد، وندور في حلقة مفرغة؟”.