رشيد، تعطي الانطباع بأنك شاب حداثي، لا أفهم كيف تتزعم حملة شرسة ضد مهرجان ناجح عالميا كموازين ؟
أنا أولا ليس لي إشكال مع الفن والفرح، أنا عاشق للموسيقى والغناء والرقص ومنفتح على كل الثقافات ..
ولماذا تغرد خارج سرب جماهير موازين ؟
لأنني أعتبر رفقة الأصدقاء الذين يقتسمون معي موقفي بأن النضال ضد موازين هو نضال ضد الاستبداد والفساد.
كيف؟
لأن هناك جمعية «غول» يرأسها الكاتب الخاص للملك، أصبحت ذراعا ثقافيا للدولة، كما للدولة ذراعها السياسي وهو حزب الأصالة والمعاصرة، ولها ذراعها الاقتصادي وهو الشركة الوطنية للاستثمار .. وتريد الدولة العميقة بهذه الأذرع أن تكون الفاعل الوحيد والأوحد، ونحن المواطنين نظل مجرد رعايا وكومبارس.
ما المشكل إذا أشرف القصر على مهرجان كموازين ؟
أوَ ليس من حق باقي المواطنين أن يكونوا فاعلين ثقافيا ؟ لاحظي معي، فكل المهرجانات الكبيرة من فاس إلى الصويرة ومراكش وأكادير يشرف عليها مستشارو الملك وأصدقاء القصر، أنا أطرح السؤال بحدة : أليس لك الحق، إذا قُدّر لكَ وولدتَ في دوّار ما، في أن تقود مبادرة ثقافية ناجحة إلا إذا كنت قريبا من القصر ومن قطيع الإجماع.
كيف نجح شاب من المغرب العميق أن يصبح نجما للحراك الشعبي وصوتا مزعجا يتجاوز الخطوط الحمراء ؟
لا أعلم حقيقةً ما إذا كنتُ مزعجا، ما أعرفه، هو أنه لا يجب أن أكون مزعجا لضميري، لهذا أقول ما أومن به بدون مواربة. أما أن أكون نجما للحراك، فهذه مبالغة تزعجني ..أنا فقط وجه من وجوه الحراك الشبابي لـ20 فبراير .
حسنا، كوجه من وجوه الحراك، هل أنت راض على حصيلة ومآل حركة 20 فبراير؟
الحركة حققت الكثير، فقد كسرت جدار الصمت، وحررت المواطن من الخوف، وأبدعت أشكالا جديدة في الاحتجاج.. لقد تحررت علاقتنا بالعديد من الطابوهات ..
تقصد أنها نجحت في نشر عدوى الاحتجاج ؟
طبعا، إنها أشبه بروح نُفخت في جسد ميت، لقد كنت يوما في إدارة عمومية حين سمعت موظفا انتفض على رئيسه قائلا له « هذا زمن 20 فبراير «، وكان يقصد بأن زمن الظلم والتسلط والصمت قد ولّى.
أغلب الأصوات المزعجة في الحركة تتعرض للقمع بتشويه السمعة أو الاعتقال في قضايا ملفقة، ما نوع المضايقات التي تتعرض لها كخارج عن الإجماع ؟
أظن أن أكبر تضييق على حرية التعبير ليس هو قطع الأعناق، بل قطع الأرزاق .. فقد عانيت أثناء الحراك من حصار ومضايقات في عدة مؤسسات اشتغلت فيها، حيث يُفهمك المسؤول بلباقة وأدب بأنك غير مرغوب فيك دون أي مبرر قانوني أو خطأ مهني .
هل يتلقّوا أوامر من جهة ما، أم يتصرفون بصفة شخصية ؟
هناك من يتلقى الأوامر، وهناك من ينتصر داخله « المخزني « الذي يسكننا جميعا
وفي الشارع، هل كنتَ تتحرك في المظاهرات بحُرّية ؟
تلقيت تهديدا مباشرا من رجال الأمن من مستويات مختلفة، خصوصا في الحملة ضد موازين، حيث كانوا يتوعّدوني بالأسوأ ويهددوني بأنهم يعرفون عني كل شيء وإذا لم أصمت سينشرون غسيلي .
أفهم من كلامك بأن هناك رصدا لحياتك الشخصية ؟
أكيد، وقد عبّرت عن ذلك في شكاية لوزير العدل، خصوصا وأن هناك سيارة من نوع «داسيا» كانت تلاحقني بالرباط مع سبق الترصد .
قمع الأصوات المزعجة أصبح اليوم يعتمد التدمير الرمزي ؟
للأسف، ويعتمد أيضا التشويش على الاستقرار العائلي لإنهاك المناضل نفسيا وزرع الرعب والترهيب داخل الأسرة للتأثير عليه كي يصمت.
ما الذي يزعجك أكثر، صمت الشعب أم صمت المثقف؟
صمت المثقف أخطر، فالشعوب تتغير بالنخب الجريئة ..
ويا ليت نخبنا صمتت، الكارثة هو أنها تكرس ثقافة الخضوع والانبطاح .
هل سيستمر الإزعاج أم أن الزواج جعلك أكثر هدوءا؟
ربما جعلني أكثر اهتماما بشكل قميصي، لكني اتفقت مع زوجتي منذ البداية على ألاّ أتنازل عن قناعاتي، فقد عرفَتْني مزعجا ولم تعرفْني مهادنا أو منبطحا