خطاب ملكي يدخل حكومة بنكيران في أول أزمة لـ«التعايش»

22 أغسطس 2013 - 20:55

 

 الخطاب الذي أتى بعد أقل من شهر من خطاب ذكرى عيد العرش، وعشية الاحتفال بذكرى عيد الشباب، حمل مضمونا غير معهود تجسّد في قيام الملك بتقييم وانتقاد أداء الحكومة في أحد أكثر القطاعات الاجتماعية حساسية وأهمية، كما حرص على تقديم خطابه هذا بشكل جديد ومختلف.

قراءات متباينة صدرت عقب هذا الخطاب، حيث خرجت أصوات من حزب العدالة والتنمية لتحذّر من الخروج عن الإطار الدستوري الحالي، الذي منح رئيس الحكومة صلاحيات واسعة ومنحه سلطة وضع السياسات العمومية وتنفيذيها. فيما بات مصير وزير التربية الوطنية، الاستقلالي محمد الوفا، في مهب الريح بعد العبارات القاسية التي خصّ بها الخطاب الملكي لأول أمس تدبير قطاع التربية والتكوين. المتخصص في علم السياسة، محسن الأحمدي، قال إن الوفا لن يجدد له في النسخة المقبلة من حكومة بنكيران، بعد التقييم الملكي «خاصة أن الوضعية السياسية لهذا الوزير هجينة».

 

«لوك جديد»

«الجدة والاختلاف في الخطاب الملكي الأخير تتمثّل في الشكل والبناء اللغوي والحجاجي المختلف تماما عن خطابات الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش قبل 14 سنة»، يقول النائب البرلماني الاتحادي وأستاذ العلوم السياسية حسن طارق.

 

فيما حرص أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاضي عياش بمراكش، محسن الأحمدي، على تسجيل الملاحظة نفسها قبل الانتقال إلى تحليل مضامين الخطاب: «تحدّث الملك ولأول مرة، بصيغة الأنا الفرد، أي كمغربي وكأب اختار أن يبعث ابنه وولي عهده إلى مدرسة عمومية، بعدما كان من السهل عليه إرساله إلى أمريكا أو انجلترا كما تفعل ملكيات الشرق، ثم بعد كل ذلك تحدّث بصفته رئيس الدولة».

 

من حيث المضمون، حمل الخطاب الملكي، حكما وصفه الخطاب نفسه بـ«القاسي»، على تدبير الحكومة الحالية لقطاع التربية والتعليم، واعتبر أن الحكومات السابقة، وعلى رأسها حكومة عباس الفاسي، قامت بجهود كبيرة ووضعت البرنامج الاستعجالي لإصلاح المنظومة التعليمية، لكن الحكومة الحالية أوقفت هذا البرنامج، «ذلك أنه من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها» يقول الملك محمد السادس، متهما الحكومة الحالية بعدم العمل على تعزيز المكاسب التي تم تحقيقها في تفعيل هذا المخطط«بل تم التراجع، دون إشراك أو تشاور مع الفاعلين المعنيين، عن مكونات أساسية منه، تهم على الخصوص تجديد المناهج التربوية، وبرنامج التعليم الأولي، وثانويات الامتياز».

تشخيص اعتبر الملك نفسه إنه «قد يبدو قويا وقاسيا»، موضّحا أنه «ينبع بكل صدق ومسؤولية، من أعماق قلب أب يكن، كجميع الآباء، كل الحب لأبنائه».

 

حامي الدين: ما وظيفة المؤسسة الملكية؟

تعليقا على الخطاب تساءل عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وأستاذ القانون الدستوري، عبد العالي حامي الدين، عما إن كانت مضامين الخطاب الملكي الأخير «تحمل بوادر عودة الملكية التنفيذية والتحلل من الالتزامات الملكية السابقة باعتماد التأويل الديمقراطي للدستور؟». وأضاف حامي الدين متسائلا، عن وظيفة المؤسسة الملكية بالتحديد، «هل وظيفتها هي الاكتفاء بالتوجيه العام؟ أم التخطيط أم المتابعة والتقييم أم المحاسبة؟ ففي الخطاب الأخير، سمعنا تشخصيا للأوضاع وتقييما للسياسات وتخطيطا للمستقبل ومحاسبة للحكومة، وهنا يطرح التساؤل حول علاقة المؤسسة الملكية بالسياسات العمومية، وعن مهمة تقييم السياسات العمومية وما إن كان ذلك وظيفة ملكية أم مهمة مؤسسات أخرى؟».

 

قيادي آخر في حزب المصباح، هو النائب عبد العزيز أفتاتي، قال إن الخطاب الملكي الأخير «يكشف أننا مازلنا إزاء ملكية تنفيذية، لهذا علينا أن نقطع مع لغة الخشب وعلى أصحاب الاختصاص أن يخرجوا ويقولوا لنا هل ما يقع اليوم مؤطر بمقتضيات الدستور الحالي أم يعود بنا إلى الدستور السابق». أفتاتي قال ردا على بعض التعليقات التي صدرت بعد الخطاب الملكي: «على من خرجوا ليقولوا إنها خارطة طريق جديدة وبرنامج ملكي، أن يعلموا أن مسؤولية تدبير الشأن العام اليوم تعود إلى الحكومة، وهذه الأخيرة وضعت برنامجا تم التصويت عليه وستحاسب عليه عند نهاية ولايتها، ونحن لن نحيد عن هذا وكل حديث عن برنامج ملكي وخارطة طريق ملكية هو عودة بنا إلى الدستور السابق».

 

الأحمدي: من حق الملك مساءلة الحكومة

أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة مراكش، محسن الأحمدي، بدا غير متفق مع هذه القراءة، وقال لـ»أخبار اليوم» إن الدستور الحالي لم يقطع مع عهد الملكية التنفيذية، «فالملك </sp

شارك المقال

شارك برأيك
التالي