حامي الدين: الحكومة ارتكبت خطأ فادحا في التعامل مع قضية المغتصب الإسباني

26 أغسطس 2013 - 18:32

 

 

 أنتَ متهم بالخروج عن الإجماع الحزبي، وتوصف بكونك من صقور الحزب الذين يشوشون على حمائمه؟

 هذه تهمة عارية من الصحة، أنا مناضل في إطار الحزب، وهذا الحزب معروف منذ نشأته على أنه ليس عبارة عن كتلة نمطية متجانسة، ولكنه تجمّعٌ لمجموعة من الأشخاص الذين لهم أفكار مختلفة، وانطلاقا من حيوية النقاش الدائر في الحزب، تحدث أحيانا اختلافات في المواقف والأفكار، وربما أن مرحلة بداية حركة عشرين فبراير شهدت أوج الاختلاف بين من كان يطالب بالنزول إلى الشارع إلى جانب شباب الحركة ومن كان لهم موقف آخر يتمثل في المساندة من دون النزول إلى الشارع، المهم أنه بالرغم من الاختلاف، فإننا جميعنا ننضبط ونلتزم بالقرارات الرسمية للحزب. أما بالنسبة للتعبير الإعلامي «الصقور والحمائم» فلا أعتقد أنه ينطبق على مناضلي حزب العدالة والتنمية. 

 

 أنتم متهمون أيضا في الحزب بممارسة لعبة «شي يكوي وشي يبخ»، بمعنى أنه في الوقت الذي يعبّر فيه البعض منكم عن مواقف تَدْعَمُ موقع الحزب كحليف في الحكومة، أُسند للبعض الآخر منكم دور التعبير عن مواقف معارضة حفاظا على مصداقية الحزب أمام الشعب؟

  كما أسلفت، نعيش في حزب العدالة والتنمية حيوية استثنائية على مستوى النقاش، وهذه الحرية التي نتميز بها على مستوى تنظيمات الحزب تلقى تفسيرات مختلفة، كما أن البعض يستثمرها بالشكل الذي يوافق توجهه وموقفه من الحزب، القاعدة الأساسية في حزب العدالة والتنمية أن «الرأي حر والقرار ملزم»، ونحن نعبّر بكل أريحية عن مواقفنا، وحين تكون هناك قرارات رسمية نلتزم بها. من يحاكموننا اليوم ويوجهون إلينا تلك التهمة يقيسون تجربتنا بتجارب حزبية أخرى يحتكر فيها زعيم الحزب مواقف الحزب ويمارس سلطة الرقابة على حرية التعبير لدى أعضائه. 

 

  ولكن بنكيران هو الآخر يحتكر حرية التعبير عن المواقف الملزمة للحزب، وقد سبق له في إحدى المناسبات أن أصدر بلاغا يقول فيه إنه الوحيد المخول للتعبير عن مواقف الحزب؟

  يتعلق الأمر ببلاغ واحد جاء في مناسبة معينة، ويتعلق الأمر بالبلاغ الصادر عقب قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة حيث اضطر الأمين العام لإصدار بلاغ يذكر فيه بأنه هو الناطق الرسمي باسم الحزب وبكون باقي آراء أعضاء الأمانة العامة كلها آراء شخصية، وقد استمر ذلك لمدة يومين فقط وذلك قبيل اجتماع الأمانة العامة للحزب الذي اتضحت فيه الرؤى والمواقف، ولكن يبقى أن ذلك البلاغ أمرٌ عاد، لأن أي مؤسسة مسؤولة لها ناطق رسمي واحد قد يكون رئيسها أو شخصا آخر مكلفا بالتعبير عن مواقف المؤسسة وآرائها.

 

 لديك العديد من المواقف التي جلبت عليك «الصداع» من داخل الحزب وحتى من خارجه، كموقفك السنة الماضية من اجتماع الملك بوزير الداخلية الذي وصفتَه بـ»غير الدستوري» والذي رد عليه بنكيران بشكل غير مباشر بقوله أن «الملك فوق كل اعتبار ويستطيع الاجتماع بمن يريد» كيف عشت ذلك الموقف؟

 أنا أتصور أن ما عبّرت عنه في تلك اللحظة هو نوع من التفاعل مع مقتضيات الدستور الجديد وتأويله تأويلا ديمقراطيا، ولا أتذكر أن موقفي ذاك كان موضع اختلاف، بل بالعكس، فأعضاء الأمانة العامة للحزب كانوا متفقين، وبالنسبة لتصريحات الأمين العام فلم تكن مرتبطة بتصريحي بل بالتفسير الذي أعطاه البعض لذلك التصريح، حيث تحدث البعض حينها عن وجود تنازع بين الحزب والملك، في حين أن الدستور واضح على مستوى توزيع السلط، موقفي كان واضحا ويعكس تفاعلا مع مقتضيات الدستور، ولكن للأسف، النقاش على مستوى ما صرحت به انزلق لأشياء بعيدة عن النقاش الديمقراطي.

 

 هناك خلاف دائم بينك وبين القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، ما الداعي للعداء المستحكم بينكما؟

<  لم يكن لي قط أي عداء شخصي بالعماري، ولكن ما حدث أنني شعرت في مراحل معينة بأنني مستهدف من قبله فلم يكن لي خيار سوى التعبير عن وجهة نظري، عموما لا يوجد عداء شخصي وأنا لا أعادي أحدا ولكنه يتحمل مسؤولية في حزب لدينا موقف منه ومن ظروف نشأته، الأمر الذي نتجت عنه ملاسنات في الصحافة مرتين على الأكثر، ولكن لم يسبق لي حتى في أوج تلك الملاسنات أن عبرت عن أي موقف عدائي تجاهه.

 

 نزلت إلى الشارع  لتشارك في وقفة الاحتجاج على العفو عن المغتصب الإسباني دانييل كالفان، كيف واجهت شعار «ارحل» الذي رفعه في وجهك بعض المشاركين في الوقفة؟

 الشعار رفعه فقط أربعة أو خمسة أشخاص مجهولين ليس لهم توجه معروف، والغالب أنهم عناصر مدسوسة لتحريف التظاهرة، كما أن ترديدهم للشعار لم يدم سوى دقيقتين من  أصل ساعتين هي مدة التظاهرة، حيث إنهم وُوجهوا بشباب مشاركين في الوقفة، وعموما كان التجاوب رائعا والتفاعل إيجابيا، وكل ما قيل عن ذلك محض افتراء.

 

  ما تقييمك لأسلوب تعامل الحكومة مع القضية؟

 الحكومة لم تتحمل مسؤوليتها في ضمان الحق في التظاهر، وقد آن الأوان لتفعيل مقتضيات الدستور بخصوص التظاهر السلمي، كما يجب فتح تحقيق عاجل فيما وقع يوم الجمعة الماضي ومعرفة المسؤول عن التعنيف الذي طال المحتجين.

 

  قصدتُ بالسؤال تقييمك لتعاطي الحكومة مع قضية العفو عن الإسباني المتهم باغتصاب 11 طفلا؟

 أنا قلت ومازلت أقول إن الحكومة ارتكبت خطأ فادحا وطالبتُ بالاعتراف بالخطأ الذي عمقه أسلوب التعامل مع احتجاجات سلمية مشروعة بخصوص قضية صادمة للشعور الإنساني.

 

 ماذا عن المعالجة الملكية للقضية، هل تشعرون بالرضا عقب إقالة بنهاشم؟

 أظن أن هناك العديد من العناصر الإيجابية في المعالجة الملكية للقضية، أولها الاعتراف بالخطأ، مع العلم أن الملك من دون أدنى شك لم يكن على علم بالموضوع، ثانيها مراجعة مسطرة العفو، وثالثها سحب العفو عن المجرم الإسباني، وأخيرا إقالة أحد المسؤولين عن ذلك الخطأ. ما يجب اليوم فعله هو الكشف عن التفاصيل الدقيقة للتحقيق والكشف عما إذا كانت هناك أسماء أخرى مسؤولة عما وقع، وفي نفس الوقت، نتمنى من الحكومة أن تتحرك وأن تكون بنفس سرعة التحرك الملكي وأن تفتح تحقيقا فيما وقع أمام البرلمان وفي عدد من المدن المغربية من عنف وقمع وُوجِه به المحتجون على قرار العفو، هذه أعتبرها عناصر أساسية في المعالجة الاستعجالية للموضوع على أن يتم العمل على معالجة عناصر أخرى على المدى البعيد، تتمثل في تطوير طرق اشتغال المؤسسة الملكية.

شارك المقال

شارك برأيك
التالي