وكل الذين يسلكون ملزمون بالانضباط لأسننه، لكن طريق المغاربة منحرف فلكل طريق قانون يتغير بتغير مرتاديه، وطريق الديموقراطية ليس بعيدا عن لعنة هذا التوصيف، فالمغاربة لم يعلموا لحد الآن قانونا يحكم ممارستهم للديموقراطية. إذ لكل مرحلة قانونها ولكل فترة نغم وإيقاع. والذين يحسنون الرقص على ذلك الإيقاع هم نجوم سوبر ستار ديموقراطية المرحلة.
وكما في طريق المغاربة حيث الإشارات الحمراء والصفراء والخضراء، مشكلة ألوان تخص الآخرين ولا تعني بعضهم، كذلك الإشارات الملزمة في طريق الديموقراطية، فالخطوط الحمراء للآخرين وليس لمن يمسكون بخيوط الدمية. لقد وقفنا في كثير من المحطات طلب فيها عدم التجاوز واحترام إشارات المرور الديموقراطي، ومع ذلك مر كثيرون وضغطوا على دواسة البنزين بقوة أحرقت ثقة المغاربة في سلطة القانون. سياراتهم لم يفحصها أحد والجميع كان يعلم أنها تحمل قمح جيوب المغاربة، صكت آذان المغاربة بقانون المحاسبة ومع ذلك ظل الفوريان فارغا والسيارات المبجلة بقيت في مرائبها وجثث القتلى تعفنت في الطريق.
لم يسمع أحد عن مسؤول كبير أحيلت سيارته للفوريان أو سحبت منه رخصة السياقة لتجاوزه سلطة الطريق الديموقراطي وقانونه. لذلك لن نسمع عن إقالة حقيقية ولا عن إعفاء واضح، بل سنسمع دائما عن عفو وتجاوز وتسامح.
شرطة المرور هي شرطة الديموقراطية، صمام الأمان الذي لم يشغل قط، إذ لو علم مستعملو الطريق عن سيادة القانون وتعاليه ما أحدثوا عيبا في السيارة التي تقل وطنا بأكمله، استجابة لمزايدات رخيصة وممارسة لهواية قديمة مستفحلة في نصب الكمائن والإيقاع بمن ثبت في حقهم حب الوطن.
تحويل التقسيم التقني للعمل إلى تقسيم اجتماعي هو ميسم المجتمعات التي تحصن نفسها ضد الحياة وضد التقدم وتلقم مواطنيها ثدي التخلف والعار. تحويل مقيت لم ينصف قط أحدا، فلا الوزير تحقق له أن يكون وزيرا سيدا على حقله آمرا في سربه، لكي تستقيم المحاسبة ويتسيد التقويم. ولا المواطن تحقق له أن يكون كما كل مواطن في بلد يحترم نفسه ويجعل من احترام المواطن هويته ومرامه.
لكل ذلك، لم يحس الشرطي المغبون يوما أنه سيد الطريق وصاحب الأمر والقرار فيه، لذلك فهو ينظرقبل إلى البطاقة وأوراق السيارة نوعها وشكلها وما يمكن أن يوحي به هندام صاحبها وملمحه الفيزيونومي وإذا حدث وأخطأت فراسته فمصيره معروف في الفوريان البشري.
لذلك، نقول لصحفنا الجريئة تذكري الطريق يقتل حقا وأعناق الصحافيين وأقلامهم تسقط برمية حجر واحد، ونقول لأهل الفن احذروا مطبات طريق يصنعها تبدل دوريات شرطة المرور، حيث ترتفع فجأة حملة الفن النظيف الفن الطاهر، الفن على المقاس، الفن الممتثل لريجيم خاص جدا ، الفن الصادق الذي لا يكذب أبدا، إنها حملة لتنظيف الإنسان من الإنسان، حملة تقودها علب تصنع علبا.
في غابة المعنى هذه حيث يسفح دم الطريق ويغتال قانونه حاربت الدولة مواطنيها الصادقين وداست عليهم بأحذية من كذبوا في وطنيتهم ،هي الآن تدفع ثمن ذلك إذ لا يمكن بناء دولة بأوهام دولة، الدولة الوهم تؤلمنا جميعا نعيها كمرض كسرطان والشفاء لن يكون بأطباء وهميين، وحدة الوطن تبدأ من وحدة الطريق إليه ووحدة الطريق تصنعها وحدة القانون غير هذا انتبهوا لسرطان الإحباط، انتبهوا النيران الملتهبة الشرسة تخرج من فوهات محبطة.