مزيدا من "إذلال" رئيس الحكومة

14 سبتمبر 2013 - 12:24

 


 

يبدو أن أصحاب القرار بالمغرب لم يكتفوا فقط بتضييق هامش تحرك رئيس الحكومة، ودفعه للتحالف مع أسماء كان يهاجمها ويصفها بالفساد وقال فيها ما لم يقله مالك في الخمر في محاولة لإحراجه أمام أعضاء حزبه وأمام الرأي العام  بل إنها تعمل على "إذلاله" وجعله يتمنى أن تنشق الأرض لتبتلعه ولا يجدها بل إن تقديري سيتجاوز هذا بكثير خلال المدة القليلة القادمة، مناسبة هذا الكلام الذي قد يبدو قاسيا للبعض إلا أنه الواقع الذي لا يرتفع، ما بثته القناة الأولى الرسمية في نشرتها الرئيسية مساء يوم الثلاثاء الماضي، حيث تعمدت من خلال صور منتقاة بعناية فائقة إظهار عبد الإله بنكيران وهو رئيس حكومة في اجتماع ترأسه الملك بالقصر الملكي بالدار البيضاء حول قضية المهاجرين المغاربة  وهو في حالة توحي أن لا رأي ولا قول له يستمع إلى تدخلات الملك "وكأنه من الضيوف وليس من أصحاب الدار، ويتمعن في تدخلات الأسماء الوزارية الحاضرة، يراقب دون أن يستطيع أو بالأحرى حتى لا نظلم الرجل لم يطلب منه الكلام، أكثر من هذا ظهر على يمين الملك منكمشا وأمامه ملف أحمر لم يفتحه يبدو أنه للزينة فقط حتى يقال أن رئيس الحكومة شارك في الإعداد لهذا اللقاء.

في مقابل ذلك أظهرت الصور المشار إليها الملك وهو في وضعية مريحة يشير من حين لآخر بيديه، أمامه أوراق وملفات مفتوحة، يناقش الوزراء، بجانب يساره مستشاره فؤاد علي الهمة الذي ظهر وهو يتواصل مع موظف بالقصر يتسلم منه ملف وهو يتابع تدخل فاضل بنيعيش المكلف بمهمة في الديوان الملكي، وهي إشارة إلى التدخل القوي لمحيط الملك، ليتضح أن ما يسمى ب "الدولة الموازية" ماضية دون تردد في تضييق الخناق وتهميش المؤسسات المنتخبة وفي مقدمتها رئاسة الحكومة في مقابل إعطاء مساحة لم تعد فقط معتبرة بل اكتسحت كل المساحة لكتيبة المستشارين الذين أصبح عددهم يتزايد وتدخلاتهم شملت مختلف المجالات بقوة وحسم وحزم لاستعادة ما فقدوه خلال مدة الحراك الذي أجبر مجموعة من الأسماء المقربة للرجوع خطوة إلى الوراء للتقدم خطوات إلى الأمام وهو ما يتأتى لهم في الوقت الراهن بحيث أن "وثيقة فاتح يوليوز" أصبحت من الماضي وأن ما جاء فيها لن يجد طريقه إلى ما يسمى "بالتنزيل أو التأويل الديمقراطي للدستور" كما يحلوا للبعض أن يسميه فلا صوت يعلو اليوم على صوت "الملكية التنفيذية" التي استعادت زمام المبادرة وأصبحت الفاعل الأساسي على الساحة الخالية من أي صوت مزعج .

وإذا كان الحزب الذي يقود الحكومة اليوم لم يعول عليه في يوم من الأيام لإحداث "شرخ" إيجابي لصالح المؤسسات الشعبية التي تراجع دورها بشكل كبير لصالح المؤسسات المعينة من الأعلى، فإن المسؤولية كل المسؤولية تتحملها المعارضة الجادة التي تتواجد طبعا خارج الدائرة المرسومة اليسارية والإسلامية التي تركت المعقول وراحت تناقش التافه والثانوي من الأشياء، بعدما قدمت النموذج في تحركاتها ومبادراتها خلال الحراك الذي شهده المغرب سنة 2011 والذي بموجبه قدمت "تنازلات" وأعطيت للسياسة معنى ومذاق، وللعمل المشترك جدوى وقيمة، بعدما كنا قاب قوسين أو أدنى من اليأس والعياء الذي أصاب العديد من القوى الديمقراطية الوطنية التي صارت تبحث عن مخارج أخرى بعيدا عن النضال والتأطير .

وأعتقد أن الطريقة التي يعامل بها اليوم رئيس الحكومة الذي "زهد" في الاختصاصات التي يعطيها له دستور 2011 "جزاه الله خيرا على هذا الزهد"، ستزداد لدرجة أنني أتوقع أن يعامل بمعاملة أقسى من هذه بكثير "وسيبهدل واحد التبهديلة لم يبهدل بها مبهدل مر من هذا المنصب" خاصة وأنه متعاون ويساهم في تهميش منصبه الذي يعتبر من المؤسسات الشعبية التي يتطلب الوصول إليها المرور عبر انتخابات رغم الملاحظات التي قد تكون للبعض عليها لصالح المؤسسات المعينة التي يتطلب الوصول إليها القرب من السلطة ورضى من يملك زمام القرار

شارك المقال

شارك برأيك
التالي