كيف تقرأ إقدام تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على تخصيص شريط مطوّل حول المغرب؟
من خلال قراءتي لمضامين الشريط، وبعدما أقدم موقع «يوتوب» على حذفه لكونه يتنافى مع قواعده المتعلقة بالعنف، ثم عودة القاعدة إلى تحميله، أعتبر أن التوقيت الذي تم اختياره لإنتاج هذا الشريط ونشره يرتبط باستغلال الدخول السياسي والاجتماعي المحتقن، وحالة الاستقطاب التي يعيشها المغرب حاليا، خاصة مع توالي الأنباء التي تؤكد وجود لقاء مرتقب على أعلى مستوى بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، واحتمال مناقشة الملك محمد السادس مع الرئيس باراك أوباما كيفية التنسيق في عدد من الملفات، أولها محاربة الإرهاب. كل هذا بالإضافة إلى التطورات المتسارعة التي تعرفها المنطقة المغاربية، من تكاثر الألغام التي تهدد استقرارها، وسقوط نفط ليبيا في يد أنصار الشريعة، وسلفيي تونس الذين يهددون استقرارها، ثم المسرحية الجزائرية المتمثلة في الترويج لإمكانية التمديد للرئيس بوتفليقة سنتين إضافيتين…
هناك من ربط بين توقيت صدور هذا الشريط والضربات التي وجهتها إسبانيا إلى تنظيمات القاعدة في سبتة ومليلية بتعاون مع المغرب؟
الإسبان، وخاصة بعض المنابر الإعلامية، يعملون على إظهار منطقة شمال المغرب كما لو أنها قابلة للسقوط في قبضة التنظيمات الإرهابية، ونحن علينا ألا نقع في هذا الفخ، خاصة أن الأمر يصب في مصلحة خصوم آخرين، مثل الجزائر التي راحت تقيم خندقا على حدودها مع المغرب، وتعمل من جانبها على نقل التركيز إلى منطقة الشمال المغربي، وهذا عمل استخباراتي مشين علينا أن نحذر منه.
هل لظهور أبو مصعب عبد الودود في هذا الشريط من دلالة معينة؟
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أصبحت تنظيما مستقلا عن القاعدة المركزية، التي أصبحت أشبه بظاهرة صوتية وإعلامية. وظهور عبد الودود يكرس هذا الوضع، ويستهدف حث الشباب المغربي المستعد للموت في رحلة هجرته إلى أوربا، على اختيار موت آخر يقوده، حسب زعمه، إلى الجنة، عوض الهجرة إلى أرض من يصفهم بالكفار. وهو حين يختار الحديث بهذه الطريقة، في ظرف يتسم بتنامي مشاكل الشباب من قبيل البطالة والغلاء، فهو يريد أن يدخل على الخط وأن يستثمر الوضع لصالحه.
ماذا عن التركيز الكبير وغير المسبوق على شخص الملك والمؤسسة الملكية؟
هذا التركيز على المؤسسة الملكية، وعلى العلويين تحديدا، يأتي لكونهم يعتبرون، برأي القاعدة، الحاجز السياسي والأمني والديني الأكبر في طريق بسط سيطرتهم على المنطقة، حيث يعرقلون تمددهم في جميع الاتجاهات، وليس فقط داخل الحدود المغربية. فهم يعلمون بالدور المغربي في ما يحدث في مالي، وبالتالي يحاولون ضرب النواة الصلبة والقوية في هذا الحاجز، وهي المؤسسة الملكية.