موسكو أم واشنطن: الخليج أمام معضلة تحقيق توازن صعب في نزاع اوكرانيا

28 فبراير 2022 - 10:00

في الماضي، لكان من السهل على دول الخليج دعم طرف، ما بين الولايات المتحدة وروسيا، في الحرب الاوكرانية، لكن العلاقات المتنامية مع موسكو تجبر هذه الدول اليوم على تحقيق توازن صعب في مواقفها.

فبينما سارع العالم لإدانة غزو روسيا لجارتها الأصغر، التزمت دول مجلس التعاون الخليجي الثرية، بما في ذلك السعودية والإمارات، الصمت إلى حد كبير.

وبحسب خبراء في شؤون الشرق الأوسط، فإن إحجامها عن إدانة روسيا او تأييد الغرب، أمر يمكن تفه مه بالنظر إلى ما هو على المحك: الطاقة والاقتصاد.. والأمن.

وتقول الخبيرة في الشؤون الخليجية والباحثة في معهد مونتين الفرنسي آن غادال لوكالة فرانس برس إن « العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول وموسكو ليست وحدها التي تنمو، بل الروابط الأمنية كذلك ».

مساء الجمعة، امتنعت الإمارات، إلى جانب الصين والهند، عن التصويت على مشروع قرار أميركي وألباني في مجلس الأمن الدولي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويطالب موسكو بسحب قواتها.

وتحد ث وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع نظيره الاميركي انطوني بلينكن في اتصال هاتفي وبحثا « التطورات العالمية »، بحسب بيان رسمي إماراتي، دون ذكر اوكرانيا. ولم يت ضح ما إذا كان الاتصال جرى بعيد التصويت.

كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية على تويتر أن الوزير الإماراتي سيزور موسكو الاثنين « لتعزيز العلاقات ».

والخميس، اليوم الذي بدأت فيه روسيا هجومها البري والجوي ضد أوكرانيا، امتنعت الكويت وقطر عن انتقاد موسكو مباشرة واكتفتا بإدانة العنف، بينما لم تعلق السعودية وعمان والبحرين بعد.

على مدى أكثر من سبعة عقود، لعبت الولايات المتحدة دورا محوريا في الشرق الأوسط الذي تمز قه الصراعات، وعملت بشكل خاص على حماية دول الخليج الغنية بالنفط ضد تهديدات جماعات مسلحة ودول، على رأسها إيران.

غير أن الولايات المتحدة بدأت في السنوات الاخيرة الحد من انخراطها العسكري في المنطقة، حتى عندما تعر ض أقرب حلفاءها لهجمات، وخصوصا منشآت شركة أرامكو السعودية النفطية العملاقة من قبل المتمردين اليمنيين المتحالفين مع طهران في عام 2019.

وترى غادال أن دول الخليج « تدرك أنها بحاجة إلى تنويع تحالفاتها للتعويض عما ي نظر إليه إلى أن ه تراجع للولايات المتحدة في المنطقة ».

في المجال السياسي أيضا، تقل بت العلاقة بين الحلفاء.

وشهدت السعودية والإمارات، وهما حليفتان تاريخيتان للولايات المتحدة تستضيفان قوات أميركية، تغير علاقاتهما مع واشنطن على خلفية صفقات الأسلحة والقضايا المتعلقة بسجل هما الحقوقي.

فأدى مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018 إلى توتر في العلاقات مع الرياض لسنوات، فيما هددت الإمارات مؤخرا بإلغاء صفقة ضخمة على طائرات مقاتلة أميركية من طراز « اف-35 ».

ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط والأستاذ المحاضر في « كينغز كوليدج » في لندن أندرياس كريغ « ي نظر إلى روسيا على أنها حليف أيديولوجي بعدما أصبحت قيود حقوق الإنسان الأميركية المرتبطة بالدعم الذي تقد مه (واشنطن)، مسألة شائكة أكثر من أي وقت مضى ».

ويرى أن هناك مثلا « تكاملا في الاستراتيجيات بين موسكو وأبوظبي عندما يتعلق الأمر بالمنطقة. فكلاهما معاد للثورات وكانا حريصين على احتواء الإسلام السياسي ».

رغم التعاون الأمني المتزايد مع روسيا، المنخرطة بشكل مباشر في الصراعين السوري والليبي، يعتبر كريغ أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي تبقي أمنها في أيدي الولايات المتحدة.

لكنها « بدأت في تنويع العلاقات مع منافسي وخصوم الأميركيين في مجالات أخرى ».

وقد قفزت التجارة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي من حوالي 3 مليارات دولار في عام 2016، إلى أكثر من 5 مليارات دولار في عام 2021، غالبيتها مع الإمارات والسعودية، وفقا لإحصائيات رسمية.

ولطالما كان ينظر إلى الإمارات، ولا سيما إمارة دبي، على أن ها نقطة جذب للاستثمارات الروسية، ووجهة النخب الروسية لقضاء العلاقات.

وبصفتها لاعبا رئيسيا في أسواق الطاقة، فإن كافة دول مجلس التعاون الخليجي تقيم علاقة مع روسيا في مجال الطاقة، بينما تقود الرياض وموسكو منذ سنوات تحالف « أوبك بلاس »، حيث تتحكمان معا في الإنتاج لتحقيق استقرار في سوق الأسعار.

ووفقا للباحثة في معهد « المجلس الاطلسي » ايلين والد، فإن « الأعضاء العرب في (منظمة الدولة المصد رة للنفط) أوبك في وضع صعب من الناحية الدبلوماسية، حيث من الواضح أن الحفاظ » على اتفاق « أوبك بلاس »، الذي يسيطر على كميات الإنتاج، « في طليعة اعتباراتهم ».

وتوضح « تخشى دول الخليج الإضرار بهذه العلاقة وتسعى للحفاظ على المشاركة الروسية في أوبك بلاس (…) ففي حال تركت روسيا المجموعة، من المحتمل أن ينهار الاتفاق بأكمله ».

وعلى الرغم من دعوات بعض مستوردي النفط الرئيسيين لمنتجي الخام لزيادة الضخ والمساعدة في استقرار الأسعار المرتفعة، لم تبد الرياض، أحد أكبر مصدري للنفط في العالم، أي اهتمام فعلي في ذلك.

ترى والد أن « التزام الصمت بشأن العمليات الروسية في اوكرانيا هو على الأرجح أفضل ما يمكن القيام به في الوقت الراهن »، لكن « هذا الموقف البراغماتي قد يصبح غير مقبول في حال ضغط القادة الغربيون على (دول الخليج) لتحديد مواقفها ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي